يواجه العراق تحديات كبيرة في مواجهة التغيرات المناخية، حيث يعاني ارتفاع درجات الحرارة وتراجع الموارد المائية. وقد أظهرت الدراسات أن البلاد ستكون من بين الأكثر تضرراً في المنطقة.
وتسعى الحكومة العراقية إلى تطوير إستراتيجيات شاملة للتكيف مع هذه التغيرات، بما في ذلك تحسين إدارة المياه، وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، وتعزيز الوعي البيئي. ويتطلب ذلك تعاوناً دولياً ودعماً من المنظمات العالمية لمواجهة الآثار السلبية المحتملة على الأمن الغذائي والموارد الطبيعية.
وأكد السوداني في كلمته خلال "قمة المستقبل" الخاصة بمواجهة التحديات المستقبلية، على هامش اجتماعات الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن "العراق ملتزم بإرساء مفاهيم العدالة المناخية، خاصة في مجالات مكافحة الجفاف والتصحر وضمان استدامة الموارد المائية والأمن الغذائي، ثم إنَّ مواجهة تحديات المناخ تتطلب تعاوناً دولياً فعالاً في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية واتفاق باريس".
وشدد السوداني في الكلمة التي نشرها مكتبه الإعلامي، على ضرورة منح العراق الأولوية في التمويل المناخي، نظراً إلى كونه من أكثر الدول تضرراً من التغيرات المناخية، ولأن العراق بدأ بالفعل تنفيذ التزاماته المثبتة في وثيقة المساهمات الوطنية.
وتصف الأمم المتحدة العراق بأنه من بين أكثر خمس دول تضرراً من التغيرات المناخية. ويتجلى ذلك في شح المياه، والجفاف، وتقلص المساحات الزراعية.
وفي خطوة لمواجهة هذه الأزمات، أعلنت الحكومة العراقية، الأربعاء الماضي، عن إطلاق إستراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى الحفاظ على بيئة البلاد، التي تعد ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، وتقليل التلوث، مع التركيز على حماية المياه، وإعادة تدويرها، وخفض انبعاثات الكربون.
الخطة البيئية التي تحظى بدعم الأمم المتحدة والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ستمتد على مدار ست سنوات، من عام 2024 إلى 2030.
ويؤثر التغير المناخي مباشرة على موارد المياه في العراق، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الأمطار إلى تقليص الموارد المائية السطحية والجوفية، مما يزيد من ندرة المياه. ثم إنَّ التغيرات المناخية تؤثر سلباً في القطاع الزراعي في العراق، إذ تعاني البلاد مواسم زراعية غير مستقرة وجفاف متكرر.
وعلى الرغم من التمويل الذي تقدمه بعض الدول، خاصة الولايات المتحدة عبر وكالاتها التنموية، لدعم المنظمات غير الحكومية والمشاريع الزراعية والمبادرات المحلية في مواجهة التغيرات المناخية، لا تزال الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة الأخطار البيئية كبيرة.
ووفقاً لتقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تعرض العراق لأكثر من 300 عاصفة رملية في عام 2013، في حين أن عدد العواصف الرملية بين عامي 1950 و1990 لم يتجاوز 25 عاصفة سنوياً. وقد أشار 94% من النازحين في المحافظات الجنوبية إلى ندرة المياه كسبب رئيسي لنزوحهم.
وفي عام 2021 ، شهد العراق ثاني أكثر مواسمه جفافاً منذ 40 عاماً، بسبب الانخفاض القياسي في هطول الأمطار. وعلى مدى السنوات الأربعين الماضية، انخفضت تدفقات المياه من نهري الفرات ودجلة، التي توفر ما يصل إلى 98٪ من المياه السطحية في العراق، بنسبة 30-40٪. كما تجف الأهوار التاريخية في الجنوب، وهي إحدى عجائب التراث الطبيعي. وتتصاعد درجات الحرارة في العراق، حيث سجلت أعلى درجة حرارة بلغت نحو 54 درجة مئوية في البصرة. ويعني انخفاض منسوب مياه الأنهار أن مياه البحر تندفع داخل الأراضي الجنوبية، مع تهديد الملوحة للزراعة. إن سبل عيش مجتمعات بأكملها، وحتى وجودها على المحك.
ولا يؤثر تغير المناخ في العراق على القطاع الزراعي فحسب بل يمثل تهديداً خطيراً لحقوق الإنسان الأساسية، ويضع عوائق أمام التنمية المستدامة، ويفاقم التحديات البيئية والأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد.