قال مسؤولان عراقيان في العاصمة بغداد إن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وبدعم من التحالف الحاكم (الإطار التنسيقي)، بدأت اتصالات واسعة مع دول عديدة لشراء منظومات للدفاع جوي بعدما قالا إن واشنطن تنصلت من الإيفاء بوعود مساعدة العراق على إعادة تأهيل قطاع الدفاع الجوي لديه منذ عدة سنوات.
ويتحسب العراق، وفقاً لمسؤول تحدث في العاصمة بغداد، من اعتداءات إسرائيلية على أراضيه في حال اتسع نطاق المواجهة الحالية، مؤكداً بالقول إن "العراق لا يريد أن يكون نسخة جديدة من سورية في ما يتعلق بالضربات الإسرائيلية المتكررة على سورية بلا رد".
وتابع: "الولايات المتحدة الأميركية تماطل بمنح العراق منظومات الدفاع الجوي، كما تنصلت من وعود سبتمبر/ أيلول عام 2020 التي قطعتها لحكومة مصطفى الكاظمي السابقة بتزويد العراق منظومات رادار حديثة للاستشعار والإنذار المبكر".
ولفت إلى أنّ "ملف شراء منظومات دفاع جوي متطورة سيكون حاضراً بقوة خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المرتقبة إلى بغداد... وهناك سعي لشراء منظومات كهذه من فرنسا أو أي دولة أخرى تمنحها للعراق، فالحكومة العراقية تريد تطوير هذه المنظومة خلال الفترة المقبلة لحماية الأجواء العراقية بشكل كامل".
بدوره، أكد نائب بالبرلمان العراقي تصريحات المسؤول، وقال، إنّ "روسيا والصين من الدول التي نستهدف مساعدتها للعراق في هذا الملف"، وأضاف: "من الممكن شراء معدات دفاع جوي من إيران أيضا لحماية الأجواء العراقية، كما أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني كلف لجنة عسكرية فنية بهذا الملف الحساس".
من جهته، قال عضو التحالف الحاكم في العراق (الإطار التنسيقي)، عائد الهلالي، إن بلاده تعرضت خلال السنوات الماضية إلى عمليات قصف متكررة من قبل طيران أميركي وحتى إسرائيلي، ورغم ذلك الحكومات السابقة لم تهتم بملف شراء منظومات الدفاع الجوي، وهذا ما جعل أجواء العراق مخترقة وغير مؤمنة، وهذا يهدد أمن واستقرار البلاد".
وأضاف الهلالي أنّ "حكومة السوداني لديها الجدية الحقيقية لحسم ملف شراء منظومات دفاع جوي متطورة قادرة على حماية الأجواء العراقية من أي خروقات، خصوصاً في ظل التطورات الأمنية الأخيرة في المنطقة بسبب ما تشهده غزة، ولهذا هناك حراك حكومي عراقي من أجل حسم هذا الملف خلال المرحلة المقبلة".
وقال القيادي في "الإطار التنسيقي" إن "هناك لجاناً فنية عسكرية مختصة تعمل على مفاتحة الكثير من الدول الصديقة للعراق لشراء منظومات دفاع جوي متطورة منها".
وأضاف "حسم هذا الملف تأخر خلال السنوات الماضية بسبب وجود ضغوطات أميركية منعت ذلك.. الولايات المتحدة الأميركية تريد بقاء الأجواء العراقية بلا أي رقابة وتحت سيطرتها فقط، حتى تعمل ما تشاء دون أي رقابة".
والعام الماضي، كشف قائد الدفاع الجوي العراقي، الفريق الركن معن السعدي، عن قرب دخول منظومات رادار جديدة للبلاد في بداية لسلسلة من إجراءات تطوير الدفاع الجوي بمستوى الدول المتقدمة.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن السعدي قوله إن "هناك تعاقدات مستقبلية باتجاه منظومات أخرى" من دون أن يكشف عن هوية الدول التي جرى الاتفاق معها، كما لم يعلن العراق طوال عام من عمر هذا التصريح عن دخول أي تحديث على سلاح الدفاع الجوي لديه.
وكان العراق قد احتل في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي مراتب متقدمة بين دول الشرق الأوسط في منظومات الدفاع الجوي وسلاح الصواريخ الذكية، لكنه تراجع عقب حرب الخليج عام 1991 إلى مراتب متأخرة، بفعل ضربات مركزة لقوات التحالف على البنى التحتية للجيش العراقي السابق استهدفت أغلب منظومات الدفاع الجوي لديه.
وعقب الغزو الأميركي البريطاني للعراق عام 2003 حل سلاح الصواريخ ومنظومة الدفاع الجوي كباقي تشكيلات الجيش العراقي، واستحدثت بدلاً منها منظومة أخرى على أنقاض القديمة، وزودت بأنظمة صواريخ أميركية توصف بالمحدودة، مثل "هوك" و"افينجر" ورادارات قريبة المدى.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كشف عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان بدر الزيادي عن توجه العراق لشراء منظومة دفاع جوي من ثلاث دول لتغطية كل أراضيه، مبيناً أن "أسعار هذه المنظومات عالية، ولكن هناك توجها عراقيا نحو فرنسا وكوريا وروسيا للحصول على هذه المنظومة".
"فيتو" أميركيمن جانبه، قال الخبير في الشأن العسكري مؤيد الجحيشي، إن حراك العراق الحالي لشراء منظومات دفاع جوي متطورة "ليس الأول، بل كان هناك حراك خلال السنوات الماضية، لكن لم يتكلل هذا الحراك بالنجاح لأسباب بالمجمل كانت سياسية".
وبين الجحيشي أنّ "السبب الأبرز لإخفاق العراق ببناء منظومات دفاع جوي متطورة، هو وجود الفيتو الأميركي على هذا الأمر، ولهذا نجد حتى بعض الدول لا تتعامل بشكل جدي مع العراق لعقد صفقات كبيرة للأسلحة كهذه، بسبب ذلك... بقاء الفيتو يعني أن العراق لن يستطيع شراء منظومات كهذه خلال الفترة المقبلة".
وأضاف أن "امتلاك العراق منظومات دفاع جوي متطورة أمر مهم في ظل التطورات الأخيرة في المنطقة، ولتجنب التجربة السورية داخل الأراضي العراقية، خصوصاً أنّ الأجواء العراقية غير مؤمنة ويمكن لأي طيران حربي اختراقها وتنفيذ الضربات فيها بأي مدينة بما في ذلك العاصمة بغداد، خصوصاً أنّ حوادث القصف حصلت في بغداد سابقاً من قبل طيران حربي مجهول وعلى الأغلب كان إسرائيلياً".