27 Jun
27Jun

دخل العراق "منطقة معتدلة" في مؤشر الجوع العالمي، بحسب آخر جدول أعلن وشمل أكثر من 200 دولة، إذ قفز بين عامين من المرتبة 86 إلى 66، ويذهب متخصصون في الاقتصاد إلى أن ارتفاع أسعار النفط وانتظام الرواتب وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، ساهمت في هذا التعافي، فيما وجد خبير زراعي أن العراق عزز الأمن الغذائي عبر الاستيراد، وليس عبر الإنتاج المحلي.

ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني،إن "ما أدى إلى دخول العراق في المنطقة المعتدلة لمؤشر الجوع أن الفترة الأخيرة شهدت انتظاماً في توزيع المدفوعات من رواتب وأجور بالإضافة إلى رواتب ومنح الحماية الاجتماعية، إذ كانت هذه السنة منتظمة بخلاف الأعوام السابقة التي شهدت انقطاعات وتأخيرا وصلت إلى شهرين واستمرت حتى إلى ستة أشهر في إطلاق المستحقات المالية".

ويضيف المشهداني أن "مفردات البطاقة التموينية كانت توزع بانتظام بالمقارنة مع الأعوام السابقة، ففي تلك الأعوام كانت توزع 6 مرات في السنة، بينما انتظمت خلال العامين الأخيرة".

ويلفت إلى أن "الأعوام 2020 وما قبله شهدت ضغط جائحة كورونا إذ تعرضت شريحة كبيرة إلى الجوع، لكن بعد 2021 شرع قانون الأمن الغذائي وانتظم توزيع مفردات البطاقة التموينية لـ11 شهرا بشكل متواصل، مع توزيع حصة إضافية للمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية، وهو ما أدى إلى استقرار أسعار المواد الغذائية فسعر لتر الزيت مثلا وصل إلى 4 آلاف ثم تراجع إلى ألفي دينار بسبب التوزيع، وكذلك انخفاض أسعار المواد الخضرية".

وينبه الخبير إلى أن "المجتمع العراقي يمتاز بالتكافل الاجتماعي، وهو ما يجعل الهبوط إلى مستوى متدن من الجوع صعبا، فهناك المرجعيات والمؤسسات الخيرية والتجار قدموا مبادرات كثيرة وسلات غذائية للمحتاجين في أوقات انتشار جائحة كورونا والأزمات الأخرى".

واحتل العراق المرتبة 66 بمؤشر الجوع العالمي خلال عام 2022 حسب منظمتي Welthungerhilfe وWorldwide Concern الألمانية، إذ أظهر جدول أعدته المنظمتان، أن العراق حصل على المركز 66 بحصوله على 13.7 نقطة من اصل 212 دولة مدرجة بالجدول وهو بالتالي يدخل في خانة الجوع المعتدل، بعد أن وصل في عام 2000 الى 23.8 نقطة لينخفض في عام 2008 الى 20.8 نقطة، ومن ثم انخفض عام 2014 الى 16.6 نقطة، والى 13.7 نقطة في عام 2022.

ويقسم المؤشر الجوع الدول إلى خمس فئات تبين مدى معاناة الدول، وجاءت الفئة الأولى باللون الأخضر من صفر إلى 9.9 نقطة وهي الدول التي لا تعاني من الجوع وسميت بـ"الواطئة" وجاءت الفئة الثانية بين 10 إلى 19.9 نقطة وهي فئة "المعتدلة"، وجاءت الفئة الثالثة ما بين 20 نقطة إلى 34.9 نقطة وهي الفئة التي سميت بـ "الجادة" وجاءت الفئة الرابعة ما بين 35 نقطة الى 49.9 نقطة وهي الفئة التي سميت التي تنذر بـ "الخطر" وجاءت الفئة الخامسة ما بين 50 فأعلى والتي سميت بـ"المقلقة للغاية".

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أكد في 24 من الشهر الحالي، على إطلاق أكبر حملة للبحث الاجتماعي استهدفت مليوني أسرة فقيرة، وتم إنجاز 1.4 مليون أسرة من البحث، فضلا عن تسليم مستحقات 492 ألف أسرة مشمولة برواتب الرعاية الاجتماعية.

من جانبه، يعزو الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل المرسومي، التحسن في مستوى مؤشر الجوع إلى "ارتفاع أسعار النفط الذي أدى إلى زيادة في معدل دخل الفرد وهذا ناجم عن معدل ارتفاع النمو الاقتصادي، وهو أحد المؤشرات الرئيسة لتحسن العراق في هذا المؤشر".

ويضيف المرسومي أن "توسعا كبيرا حصل بشبكة الحماية الاجتماعية وتحسين مفردات البطاقة التموينية، وهذه العوامل ساهمت في دخول العراق المنطقة المعتدلة بمؤشر الجوع وكذلك في تراجع نسبة الفقر"، لافتا إلى أن "الموضوع يتعلق بعائدات مبيعات النفط العراقي وما يتبعها من تحسن في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية".

ويتابع أن "مؤشر الجوع يقفز ويهبط بحسب الظروف التي يمر بها البلد والعالم بشكل عام، ففي أوقات الحرب ضد تنظيم داعش ونزوح 5 ملايين شخص، وكذلك في ظل جائحة كورونا وانهيار النفط وتدني مستوى دخل الفرد، قفز مؤشر الجوع والفقر من 12 إلى 25 بالمئة، إذن يرتفع هذا المؤشر في الأزمات، وعندما تتلاشى ينخفض".

ويؤكد المرسومي أن "هذا المؤشر لا يتعلق بالفقر الطبيعي الذي يعتمد على مستوى التعليم والصحة واعتبارات أخرى، لكنه يتعلق بالفقر المدقع الذي يعتمد التغذية ووزن ووفيات الأطفال وهذا نسبته 1 بالمئة في العراق، لأن هناك نظام البطاقة التموينية الذي يساعد كثيرا في سد رمق الجوع".

ويُعد مؤشر الجوع العالم أداة إحصائية مُتعددة الأبْعاد تُستخدم لوصفِ حالة الجوع في البلدان. حَيث يقيس التَقدم والفشل في الكفاحِ العَالمي ضِد الجوع.

يذكر أن الكويت جاءت أولا عربيا ومن ثم الإمارات وتونس والسعودية والجزائر والمغرب على الترتيب ضمن مؤشرات الجوع ذات الفئة الواطئة، تليها لبنان والأردن ومصر وعمان والعراق على الترتيب ضمن الفئة المتوسطة أو المعتدلة، تليها السودان ضمن فئة الجادة وجاءت اليمن ضمن فئة التي تنذر بالخطر وجاءت سوريا والصومال ضمن فئة المقلقة للغاية، وعالميا احتلت بيلاروسيا والبوسنة والهرسك وتشيلي والصين وكرواتيا واستونيا وهنغاريا المراتب الأولى في قائمة أقل الدول بمؤشر الجوع العالمي.

بدوره، يلفت الخبير الزراعي والبيئي عادل المختار، أن "هناك فرقا بين الأمن الغذائي الذي يعتمده مؤشر الفقر والجوع، والاكتفاء الذاتي، فالأخير هو قيمة المواد الغذائية المنتجة في البلد التي تكون بمتناول الفقير، بينما الأمن الغذائي هو المواد الغذائية التي توفرها الحكومة سواء بالاستيراد والإنتاج المحلي".

ويضيف المختار أن "العراق أعلن الاكتفاء الذاتي هذا العام من الحنطة على الرغم من أنها تعتبر خطوة خاسرة مقارنة بالمياه التي بذلها في سبيل زراعتها، فلو بادر إلى شرائها ستكون بنصف السعر".

ويتابع أن "باقي القطاعات الزراعية بصورة عامة في انهيار، فقطاع الثروة الحيوانية كالأبقار والجاموس تراجع بسبب الجفاف وعدم توفر الأعلاف، وقطاع الأسماك جرى تهديمه من قبل الموارد المائية إضافة إلى أن الدولة لم تفعل الصيد في أعالي المحيطات والمياه الإقليمية"، مشيرا إلى أن "العراق يعاني من مشكلة تسويق منتجاته الزراعية، بالإضافة إلى مشكلة عدم توفر المياه".

يشار إلى أن وزارة التخطيط أكدت أن معدل الفقر بالعراق سينخفض إلى ما دون مستوى 20 في المائة، وأنها ستطلق قريبا وفي شهر تموز المقبل المسح الاقتصادي والاجتماعي للأسر في كل العراق بما فيه إقليم كردستان، وأن المسح سيعطي مؤشرات جديدة عن خط الفقر في العراق ومراكز تجمع الفقراء وأكثر المحافظات فقراً، وبينت أن آخر مسح للفقر كان في العام 2015 والذي سجل نسبة 21 في المائة، لافتة إلى أن التوقعات الأولية تشير إلى انخفاض مؤشر الفقر، وان يسجل دون مستوى 20 في المئة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة