04 Apr
04Apr

غموض كبير، يلف مصير المخصصات المالية لدائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء من قانون الأمن الغذائي، والبالغة 50 مليار دينار (نحو 40 مليون دولار)، في ظل تغطية معظم نفقاتها ونشاطاتها من قبل منظمات دولية، وفيما نفت الدائرة أي تلاعب بأموالها، وأنها ستكون كافية لفتح جميع المقابر الجماعية، كشف مصدر مطلع عن عدم صرف أي من تلك المبالغ الضخمة، سوى الشيء القليل جدا والذي لا يكاد يذكر، الأمر الذي دفع لجنة الشهداء النيابية إلى توعد المؤسسة بمتابعة حساباتها وكيفية صرفها للمبالغ.

ويقول معاون مدير عام دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية في المؤسسة عامر جبار، خلال حديث لـه إن "المعلومات التي تتحدث عن وجود خلافات أو مشاكل داخل مؤسسة الشهداء بخصوص التخصيصات المالية بين دوائر المؤسسة غير صحيحة، فلا توجد هكذا خلافات أو مشاكل".

ويبين جبار أن "دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية أخذت كامل التخصيصات المالية المخصصة لها ضمن حصة المؤسسة بقانون الأمن الغذائي، ولا توجد لدينا أي أزمة مالية إطلاقاً في الوقت الحاضر".

ويضيف أن "الدائرة كانت تعاني من قلة التخصيصات المالية خلال السنوات السابقة، لكن حالياً لا توجد لديها أي أزمة مالية، والتخصيصات المالية جيدة وهي تلبي كافة احتياجات الدائرة، والمبلغ المخصص كاف لغرض قيام الدائرة بأعمالها".

وحول الدعم الدولي، يشير إلى أن "الدائرة لديها الأموال الكافية لفتح جميع المقابر الجماعية، لكن فتح المقابر لا يعتمد فقط على التخصيصات المالية، بل يتطلب إجراءات قانونية وفنية"، موضحا أن "الدعم الدولي المقدم لنا أمر طبيعي، وهو ليس لعدم وجود التخصيصات المالية، بل هو دعم فني ولوجستي".

ويوضح أن "الدعم الدولي لا يتعارض مع المخصصات الرسمية للدائرة، فالدائرة تقع على عاتقها شراء الملابس الخاصة للموظفين المسؤولين عن فتح المقابر، خاصة وانه في بعض الحالات يحتاج الفريق إلى تبديل الملابس (البدلة الخاصة البيضاء) أربع أو خمس مرات في اليوم الواحد، وهذا يضاف إلى الآليات مثل (الشفل) وغيرها، التي تستخدم أحيانا بفتح بعض المقابر، وهذه كلها أموال وصرفيات تتحملها الدائرة، بالتالي يستوجب وجود دعم رسمي لها يضاف للدعم الدولي".

يذكر أن قانون الأمن الغذائي اشتمل على تخصيص لمؤسسة الشهداء، وتضمن حسب بنود القانون المصوت عليه في حزيران يونيو من العام الماضي في البرلمان: منح وتحويلات وشراء أراضٍ وتكاليف فتح المقابر الجماعية 150 مليار دينار.

يشار إلى أن مؤسسة الشهداء، من بين المؤسسات التي يثار اللغط حول الفساد فيها، وخاصة الرواتب الوهمية، وفي العام الماضي، أصدرت المؤسسة قرارا بإيقاف صرف رواتب 4593 معاملة بسبب تلاعب وتزوير.

يذكر أن مجلس النواب مرر قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، في جلسته الـ11 يوم 8 حزيران يونيو 2022، التي حضرها 273 نائبا، وقد تم تمرير هذا القانون بعد تقديمه من قبل اللجنة المالية النيابية، عقب إصدار المحكمة الاتحادية قرارها بإيقاف تمريره بعد وصوله من الحكومة، لأنه ليس من صلاحيات الأخيرة، كونها حكومة تصريف أعمال، ليحل محل الموازنة لهذا العام، حيث تعذر تقديمها بسبب تأخر تشكيل الحكومة الجديدة.

وقد بدأ التنفيذ الفعلي لقانون الأمن الغذائي مطلع العام الحالي، حيث بدأت الأموال تصل إلى المؤسسات المشمولة به، كما أن وزارة التخطيط أعلنت في كانون الأول ديسمبر 2022، عن إعدادها خطة بالمشاريع المشمولة بالقانون لغرض تمويلها.

إلى ذلك، يكشف مصدر مطلع خلال حديث لـه أن "حصة دائرة فتح المقابر الجماعية في قانون الأمن الغذائي، بلغت 50 مليار دينار، لكن هذه الأموال لم تصرفها المؤسسة للدائرة بشكل صحيح".

ويوضح المصدر، أن "أغلب عمل الدائرة حاليا يتم عن طريق الدعم الدولي، إذ أن أغلب المقابر الجماعية التي فتحت مؤخرا هي عن طريق دعم المنظمات الدولية، فهي من تتكفل بكافة الأجور، لاسيما وأن عمل فتح المقبرة يستغرق شهورا وليس أياما".

ويؤكد أن "الدائرة وعندما تتوجه إلى المؤسسة لغرض صرف مبلغ معين، تكون الإجابة (عدم وجود تخصيصات)، رغم أن الدائرة خصصت لها الأموال"، مستدركا أن "الصرفيات التي حصلت عليها الدائرة، تتمثل بشراء ملابس للموظفين، وهي ملابس اعتيادية من بنطلون وتيشيرت وغيرها، وهذه ثمنها بخس جدا مقارنة بالـ50 مليار دينار، خاصة وأن هذه الملابس يتم شراؤها سنويا".

ويكمل المصدر حديثه أن "قيمة البدلات الخاصة بفتح المقابر، وهي استخدام واحد قليلة جدا، ولا تكاد تذكر، فهي ليست بدلات خاصة وبسعر مرتفع أو فيها مواصفات، بل تستخدم لمرة واحدة، وهذه أغلب الأحيان يتم تزويدنا بها من قبل المنظمات الدولية، كما أن الدائرة تملك آليات خاصة ولا تستأجرها، وحتى وقودها تدفعه المنظمات الدولية، التي تزود الفرق أيضا بالأدوات الخاصة للحفر"، موضحا أن "الدائرة أحيانا توفد موظفين لأيام معدودة، وتكون على نفقتها وليس على نفقة المنظمات، وهذه قليلة جدا ولا تكلف أموالا كبيرة، ويتم احتساب الأجور كأي إيفاد لموظف في دوائر الدولة".
وتظهر الوثيقة أدناه، مثالا على تكفل منظمة دولية بإيفاد موظفين من الدائرة إلى إحدى المحافظات لغرض إجراء كشف وفحص لمقبرة جماعية، وقد ذيلت بأن المنظمة تتحمل كافة الأجور ولا تتحمل المؤسسة أيا منها، وذلك بتوقيع مدير الدائرة الإدارية والمالية.

يذكر أن النائب الأول السابق لرئيس البرلمان حاكم الزاملي، سبق وأن التقى رئيس مؤسسة الشهداء عبد الإله النائلي، وشدد على ضرورة إجراء تدقيق ومراجعة شاملة للملفات المقدمة للمؤسسة، لمحاربة الفساد وإيقاف الهدر في المال العام وإنصاف الضحايا المستحقين.
جدير بالذكر، أن هيئة النزاهة أعلنت في العام 2019، عن صدور حكم بالسجن لسبع سنوات بحق رئيسة مؤسسة الشهداء آنذاك ناجحة الشمري، المنتمية لائتلاف دولة القانون على خلفية إبرام عقد يشوبه الفساد، تتمثل بعقد لجنة الاستشارات المركزية في المؤسسة مع شركتين أهليتين لاستثمار نصب الشهيد في بغداد.

يشار إلى أن آخر مقبرة جماعية تم فتحها، كانت في قرية همدان بقضاء سنجار في نينوى، وهي تخص ضحايا من المكون الإيزيدي الذين قتلوا على يد تنظيم داعش، وضمت رفات أكثر من 30 شخصا.

وبالتوجه للجنة الشهداء والضحايا النيابية، للوقوف على الغموض الذي يلف مخصصات هذه الدائرة، توضح عضو اللجنة النائب جرو حمه شريف، خلال حديث لـه أن "اللجنة سوف تتابع مع مؤسسة الشهداء عملية صرف التخصيصات المالية المخصصة لها ضمن قانون الأمن الغذائي لدائرة المقابر والدوائر الأخرى، لمعرفة أين صرفت هذه التخصيصات وكم صرف منها ضمن الحسابات الختامية للمؤسسة".


وتبين شريف أن "لجنة الشهداء والضحايا البرلمانية ستعمل على زيادة التخصيصات المالية لمؤسسة الشهداء، خصوصاً المتعلقة بالمقابر الجماعية من أجل حسم هذا الملف بشكل نهائي فهناك مقابر مازالت مجهولة وبعضها كشف عنها لكن لم تفتح حتى اللحظة، بسبب بعض الإجراءات القانونية والفنية وغيرها".

وتؤكد عضو لجنة الشهداء والضحايا البرلمانية: "أننا في مجلس النواب سنعمل على متابعة ومراقبة صرف التخصيصات المالية لمؤسسة الشهداء لمنع أي هدر فيها، كما سنعمل على زيادة المخصصات لها ضمن قانون موازنة سنة 2023".


ووثقت بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي" في تقرير عام 2018، وجود مائتين وموقعين اثنين لمقابر جماعية لضحايا داعش في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد الضحايا في المقابر الجماعية يتراوح بين 6 و12 ألفا، إذ لا تزال الدوائر المعنية تستخرج رفات الضحايا تدريجياً.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة