نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز تقريرا لمراسلتها لشؤون الشرق الأوسط ريا جلبي، التي سلطت الضوء على ما توصل إليه التدقيق المالي من أدلة على أن 111 مليون دولار من “العمولات غير المشروعة” قد دُفعت من أحد حسابات مصرف لبنان المركزي، و”يبدو” أنها على صلة بحاكم المصرف السابق.
ووصف تقرير التدقيق الجنائي الصادر عن شركة “ألفاريز ومارسال” مصرف لبنان بأنه “مؤسسة غارقة في ممارسات مبهمة وسوء إدارة، وتفتقر إلى تدابير مناسبة لإدارة المخاطر”، متهمة رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان الذي غادر منصبه مؤخرا بعد 30 عاما، بأنه “سلطة غير خاضعة للرقابة إلى حد كبير”.
وعندما انهار الاقتصاد اللبناني في عام 2019، طالب المانحون الدوليون بإجراء تدقيق جنائي لمصرف لبنان قبل إرسال المساعدات والقروض إلى البلد المتضرر من الأزمة.
وبعد معارضة من الحكومة ومصرف لبنان وبعض القادة السياسيين، كلفت الحكومة “ألفاريز ومارسال” في عام 2021، بإجراء تدقيق جنائي لحسابات وممارسات البنك المركزي. وأشار التقرير إلى أن الشركة نفذت المهمة المكلفة بها على الرغم من التأخيرات الشديدة والقيود ومحاولات التعتيم على المعلومات.
وفحص تقرير “ألفاريز ومارسال” مخطط “الهندسة المالية” الذي تبناه سلامة، وهي سياسة نقدية غير تقليدية اعتمدها البنك المركزي لتعزيز احتياطاته من العملات الأجنبية، وُصفت دوليا بأنها عملية احتيال استثماري، تسببت في واحدة من أسوأ أزمات الكساد الاقتصادي في التاريخ.فمنذ عام 2015، بدأ سلامة في تحفيز البنوك التجارية على رفع ودائعها بالدولار في مصرف لبنان بأسعار فائدة مرتفعة غير اعتيادية تصل إلى 12 في المئة، ما أدى إلى المزيد من الدين العام.
وقالت “ألفاريز ومارسال” إن مصرف لبنان يخفي خسائر بنحو 76 مليار دولار من وراء هذه الخطة. وكتب القائمون على عملية التدقيق، عن الممارسات المحاسبية للمصرف التي “لم يُكشَف عنها”، في وضع تكرر مرات عدة لم يتعاون خلالها البنك المركزي أو لم يفصح عن معلومات.
وعلى مدار العامين الماضيين، حقق الادعاء العام في لبنان وست دول أخرى على الأقل مع سلامة وبعض أفراد أسرته ومعارفه بشأن اتهامات باختلاس أكثر من 300 مليون دولار من البنك المركزي ما بين 2002 إلى 2015.
وتوضح الاتهامات أن هذه الاختلاسات تمت من خلال العمولات المدفوعة لشركة “فُوري أسوشيتس” المملوكة لشقيق المحافظ، رجاء سلامة، قبل غسيل تلك الأموال، لكن رجاء نفى جميع التهم الموجهة إليه.
وتراجعت العملة اللبنانية بنسبة 98 في المئة مقابل الدولار، وسط انهيار اقتصادي مستمر منذ أربع سنوات، في حين فرضت بنوكها قيودا صارمة على سحب المودعين أموالهم، ما دفع الكثير من اللبنانيين إلى الفقر.