23 Jun
23Jun

على الرغم من مضي سنوات عدة على إعلان العراق الانتصار على التنظيمات الإرهابية، والتطور الكبير الذي شهدته القوات المسلحة والاستخبارية من حيث التجهيز والتدريب، فضلا عن الاستقرار الأمني الذي بات واضحا في عموم البلاد، إلا أن الفراغات الأمنية في محافظات معدودة ما زالت تشكل تحديا خطيرا، وبالأخص في صلاح الدين والمناطق المحاذية لمحافظة ديالى منها.
وتشكل المناطق النائية ضمن حوض مطيبيجة وصولا إلى الأراضي القريبة من حاوي العظيم ضمن جغرافية شرق صلاح الدين، فراغات قاتلة، حيث سجلت قرابة عشر هجمات دامية على مدار السنوات الثلاث الماضية تسببت في سقوط العشرات بينهم ضباط من خلال هجمات مباغتة لخلايا داعش.
وبهذا الصدد، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، ياسر وتوت، خلال حديث لـه ، إن “جزء مهما من الخروق الأمنية في صلاح الدين سببه وجود فراغات تستغل من قبل خلايا داعش خاصة المناطق النائية والتي تكون ذات جغرافية معقدة جدا من تلال ومنحدرات ليتم من خلالها استهداف القوات الأمنية”.
ويضيف وتوت، أن “نصف الخروق في صلاح الدين تقع ضمن ما يعرف بحوض مطيبيجة، ولكن بالمقابل هناك جهود تبذل من أجل إدارة ملف مسك الأرض ونقل قطعات في العمق وزيادة زخم التنسيق الاستخباري بين قيادات صلاح الدين وسامراء وديالى باعتبارها مناطق ذات اهتمام مشترك”.
ويشير إلى أنه “قبل نحو شهر شهدت نقاط مرابطة قريبة من المطيبيجة هجمات بأسلحة القنص أدت إلى سقوط عشرة شهداء وجرحى بينهم آمر فوج وتم بعدها تغير آليات الخطط الأمنية لمنع تكرار الهجمات”.
وشن عناصر من تنظيم داعش مساء يوم الاثنين 13 آيار مايو الماضي، هجوما على نقطة للجيش العراقي في منطقة “العيث” بحوض مطيبيجة بين محافظتي ديالى وصلاح الدين، أسفر عن أربعة مصابين وستة ضحايا بينهم آمر الفوج الثاني لواء المشاة الـ93 فرقة المشاة الـ21 العقيد الركن خالد ناجي وساك.
وعلى إثر ذلك، شرعت قوات الأمن العراقية بعملية أمنية “كبرى” من ثلاثة محاور في منطقة “العيث”، ردا على الهجوم الذي شنه مسلحو تنظيم داعش.
من جانبها، تؤكد النائبة السابقة عن محافظة صلاح الدين، منار عبد المطلب، خلال حديث لـه، أن “الفراغات هي أهم تحديات أمن المحافظة سواء في مطيبيجة أو غيرها لأنها مناطق معقدة جغرافيا ومترامية الأطراف وهذا ما دفع الخلايا النائمة للاختباء فيها”.
وترى عبدالمطلب، أن “أهم الحلول الموضوعية هي دعم عودة أهالى القرى في المطيبيجة وبقية المناطق القريبة منها لأن الأهالي سيمنعون الغرباء ويدافعون عن مناطقهم بقوة من خلال دعم القوى الأمنية، كما أن مسك الأرض هو بداية الحل لنزيف الدماء”.
وتشير إلى أنه “مهما تم تكثيف القوات في المناطق النائية الخروق لن تتوقف لأن المساحات واسعة ومترامية وتحتاج إلى وجود الأهالي لأنهم الأقرب إلى جغرافيتها ويمكن من خلالهم دحر ما تبقى من الخلايا النائمة”.
وفي 16 آيار مايو الماضي، أعدت القيادة الأمنية العليا في العاصمة بغداد، خطة عسكرية خاصة بالمناطق الحدودية بين محافظتي ديالى وصلاح الدين، تضمنت عدة توجيهات تمثلت بتعزيز الأمن بقوات إضافية وسد الثغرات الأمنية في المنطقة ونصب كاميرات حرارية لرصد حركة المجاميع الإرهابية.
بدوره يقر القيادي في الحشد العشائري محمد ضيفان، خلال حديث لـه، بأن “هناك قرى مترامية بين ديالى وصلاح الدين لكنها ضمن حدود الأخيرة وهي خالية من السكان رغم مرور قرابة ثمان سنوات على تحريرها، لذلك هذه المناطق غير الممسوكة تعد الخطر الأبرز على الأمن لأنها تستغل من قبل فلول داعش”.
ويشدد على ضرورة “إعادة صياغة الخطط الأمنية وفق مبدأ مسك الأرض محليا بدعم القوات الأمنية فهذا هو الحل والتجارب كثيرة في ديالى والأنبار ونينوى من خلال منح الأهالي دور أكبر في المعركة مع فلول داعش لأنهم سيدافعون بشراسة عن مناطقهم ويدعمون سلطة القانون”.
وكان ضيفان قد أعلن في 13 تشرين الأول أكتوبر 2020، عن الشروع بخطة واسعة لإعادة 15 قرية نازحية إلى حوض مطيبيجة الممتد بين ديالى وصلاح الدين وتطهيرها من أوكار وبؤر تنظيم داعش، مبينا أن الخطة العسكرية والخدمية انطلقت بمرحلة أولى تتضمن نصب نقاط عسكرية في القرى المهجورة بين المحافظتين، إضافة إلى مراحل تقدم متسلسلة لمسك الأرض وتكثيف النقاط العسكرية لتأمين عودة الأسر النازحة منها منذ ست سنوات، مؤكدا أن بعض الأسر بدأت بالعودة تدريجيا وممارسة النشاط الزراعي وسط تطمينات أمنية باحتواء خطر داعش في قاطع مطيبيجة الذي يسمى “إمارة الشر”.
إلى ذلك، يوضح الخبير الأمني أحمد التميمي، خلال حديث لـه، أن “ملف الفراغات يشكل مصدر قلق لأن القوات الأمنية تقاتل خلايا نائمة تختبئ في مناطق نائية وهي ما تزال تتلقى دعما سريا بين فترة وأخرى ولا نستبعد عن يكون دعما خارجيا من جهات لا تريد استقرار البلاد وأن تبقى دوامة العنف تحصد المزيد من الدماء”.
ويلفت إلى أن “الفراغات في صلاح الدين ليست كبيرة ولكن في نفس الوقت تؤدي بين فترة وأخرى إلى هجمات دامية يذهب ضحيتها العديد من منتسبي القوى الأمنية خاصة في مطيبيجة والمناطق القريبة منها”.
ويختم التميمي بالقول إن “الفراغات القاتلة تتقلص وفق قراءاتنا لكنها تبقى مصدر تهديد والحل هو في إعادة أهالي القرى المحررة وضمان صمودهم في وجه أي تهديدات لأنه الحل الأمثل والأقوى لمسك مناطق جغرافية مترامية تشكل خطرا على صلاح الدين وديالى وكركوك وحتى العاصمة بغداد بسبب الجغرافية المتداخلة”.
وتعد ناحية العظيم شمالي ديالى، ومطبيجية جنوبي صلاح الدين، ووادي الشاي جنوب غربي كركوك، مناطق فراغات أمنية خطيرة تتخذها خلايا وعناصر تنظيم داعش ملاذا لهم للاختباء وتنفيذ الهجمات على القوات الأمنية التي تحصل في فترات متابعة إلا أنها تخلف ضحايا ومصابين في صفوف القوات الأمنية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة