03 Jan
03Jan

أثارت الهجمات الأخيرة التي نفذتها الفصائل المسلحة على أربيل، توترا جديدا بين عاصمة كردستان وبغداد استدعى تصريحات وردودا بين الإقليم والحكومة الاتحادية، وفيما يرى مراقب سياسي أن الفصائل تعتبر أربيل "هدفا مزدوجا" للضغط على أمريكا ورد اعتبار لإيران التي يرفض الإقليم طلباتها، حذر آخر من تداعيات استمرار الهجمات لاسيما على الجانب الاقتصادي.

ويقول المحلل السياسي، فلاح المشعل، خلال حديث لـه، إن "أربيل تعتبر هدفاً مزدوجا للفصائل المسلحة، فالهجمات التي تنطلق ضدها تعود لسببين، الأول للضغط على أربيل التي لم تسمح أو توافق على جميع طلبات طهران أو تمدد وجودها في أربيل ودهوك، وهي قصة معروفة تعود إلى بداية الثورة السورية، وطلب طهران آنذاك أن تمرر قوات عسكرية من خلال الإقليم إلى سوريا، ورفض أربيل لذلك".

ويضيف المشعل: "كما أن طهران كانت تتهم أربيل لمرات عديدة بأنها تمول الاحتجاجات الداخلية لإقليم كردستان إيران، وجرت مفاوضات مع بغداد واتفاق على تبديل حرس الحدود بقوات عراقية اتحادية بمقابل قوات إيرانية في الجانب الآخر".

وعن السبب الآخر لاستهداف أربيل، يرى أنه "للضغط على القواعد العسكرية الأمريكية أو البيشمركة، وهو الهدف الآخر للفصائل الذي يأتي بالتوازي مع الحرب الدائرة في غزة بين إسرائيل وحماس"، لافتا إلى أن "هذه الأحداث قادت إلى هذا التأزم بين أربيل وبغداد، فالأولى تقول إن حماية كردستان جزء من حماية العراق والسلطة المركزية مسؤولة عن ذلك، لاسيما أن مسؤولو الإقليم يرددون أن سلطات بغداد تعرف من يقوم بهذه الهجمات ولا تتخذ إجراء رادعا ضده".

ويتابع المشعل أن "آثار القصف سلبية جدا على أربيل من الناحية السياسية والاقتصادية وأمن كردستان التي يعتمد رأسمالها الأول على الاستقرار والأمان، لهذا هي تطالب الحكومة المركزية بالضغط لإيقاف هذه الهجمات"، مشيرا إلى أن "استمرار الهجمات سيؤزم الأمور أكثر ويدفع الإقليم للحصول على منظومة دفاع جوي، مع الارتماء بالحضن الأمريكي ومطالبة الولايات المتحدة بحماية المدينة ومنشآتها ومقرات البيشمركة والقنصلية الأمريكية والمطار إلى يتعرض باستمرار إلى أضرار".

ويرى المحلل السياسي، أن "استمرار هذه الاستهدافات يأتي بسبب وجود فصائل لا تمتثل لقرار الحكومة المركزية، وتعمل وفق قرارها الذاتي وتوجيهات خارجية، خاصة أنها معروفة بقربها من القرار الإيراني"، مؤكدا أن "الأيام المقبلة لا تؤشر وجود بوادر إيجابية، فاغتيال القيادي بحركة حماس صالح العاروري جزء من أزمة تدور في المنطقة وستعقبه أفعال، وبعض ردود الأفعال ربما ستتولاها فصائل المقاومة في العراق، وقد تستهدف أربيل مجددا".

وعمقت ضربات الفصائل المسلحة التوتر بين بغداد وأربيل اثر الاستهدافات التي طالت مؤخرا عددا من القواعد في ضواحي أربيل، آخرها أمس، إذ أعلنت الفصائل استهدافها لقاعدة القرية الخضراء الأمريكية الواقعة على الحدود السورية، واستهداف قاعدة حرير التي تضم قوات أمريكية في محافظة أربيل بإقليم كردستان بطائرة مسيرة.

وتعرض مقر لقوات البيشمركة في حدود بيرمام – أربيل، ليلة رأس السنة، إلى هجوم بطائرتين مسيّرتين مفخختين، حيث لم يسفر عن وقوع خسائر بالأرواح و اقتصر على أضرار مادية فقط.

وتشهد الساحة العراقية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة تصعيدا ضد الوجود الأمريكي في البلاد من قبل عدد من الفصائل المسلحة، التي وسعّت أخيرا هجماتها لتشمل مواقع أميركية داخل الأراضي السورية المجاورة للعراق.

وكانت حركة حماس، أكدت، أمس الثلاثاء، مقتل نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري في ضربة إسرائيلية بضاحية بيروت الجنوبية.

بالمقابل، يشير الباحث في السياسات الاستراتيجية كاظم ياور، خلال حديث لـه، أن "وتيرة الاستهدافات التي تقوم بها فصائل المقاومة تصاعدت ضد أربيل، خاصة أن الإقليم أعلن أن الأهداف الأخيرة للفصائل كانت مناطق عسكرية تابعة للبيشمركة ومناطق سكنية بالإضافة إلى الأهداف الرئيسية كقاعدة حرير ومطار أربيل".

ويضيف ياور، المقيم في أربيل، أن "الإقليم دان هذه الاستهدافات، واصفا إياها بأنها تستهدف السيادة العراقية، وطالب الحكومة المركزية بإيقافها وأن يكون لها مواقف فعلية على الأرض لا الاكتفاء بالاستنكارات، لاسيما أن سلطات إقليم كردستان ذكرت أن هناك مناطق تحت سيطرة الحكومة الاتحادية انطلقت منها طائرات مسيرة".

ويتابع المحلل السياسي الكردي، أن "المشترك في وجهات النظر بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية أن كليهما يعتبران أن هذه الاستهدافات إرهابية، وهذا الوصف يجعل المطالبة بإيقافها وردعها قائمة وتتطلب المعاملة وفق قانون مكافحة الإرهاب"، لافتا إلى أن "من شأن إنهاء هذه الهجمات ردم الفجوات بين الإقليم والمركز وإبقاء الثقة بالقوات العراقية".

ويؤكد ياور، أن "استمرار الهجمات قد يؤدي إلى تصعيد في وسائل ردعها، كما جاء عبر الرد الرسمي من قبل سلطات كردستان من أن للبيشمركة حقا في الدفاع نفسها"، مشددا على ضرورة أن "يكون هناك عمل عسكري مشترك بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة لملء الفراغات الأمنية وعدم السماح لأي فصيل بالاستهداف، وتمشيط هذه المواقع وفق تنسيق أمني عال".

وكان المتحدث باسم حكومة كردستان بيشوا هورماني، علق عقب الهجوم، بأن الحكومة الاتحادية تتحمل مسؤولية هذه الهجمات، لأن هذه الجماعات الخارجة عن القانون يتم تمويلها من قبلها، وتتحرك بعلمها وتنقل الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيرة وتنفذ هجمات إرهابية على مؤسسات رسمية وعسكرية، متهما الحكومة المركزية بـ"تجويع شعب إقليم كردستان" عبر قطع مستحقات الإقليم المالية بينما "تمول تلك الجماعات بهذه الأموال".

وعلى الفور، رد المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي في بيان عبر فيه عن استغرابه الاتهامات التي وصفها بـ"غير الواقعية"، قائلاً إن التصريحات "فيها خلط معلومات مضللة وأكاذيب وتساهم في تعقيد المشهد السياسي والحكومي، كونها غير بناءة وتضر بحالة الاستقرار السياسي والاجتماعي".

فيما حث رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، على "اتخاذ إجراءات عملية وفاعلة لردع هذه المجاميع ومحاسبتها وإعادة تأكيد سيطرة الدولة على الأراضي التي تستخدم منطلقاً لشن تلك الاعتداءات".

من جهته، يؤكد المحلل السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـه أن "الإقليم يمتلك خيارات عديدة في التصرف لإيقاف الهجمات على أربيل، وسيعمل بالتحديد على استخدام الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية أولا، وسيضغط أيضا على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لردع هذه الهجمات لاسيما أن الأخير وصفها بالإرهابية".

ويضيف الحكيم أن "استمرار القصف على القواعد الأمريكية في أربيل سيرتب آثارا وتداعيات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على البلاد، وبما أن العراق مازال تحت البند السابع فإن ضمن هذه الآثار وقف العمل مع صندوق النقد الدولي والبنك الفدرالي الأمريكي الذي قد يجمد الاحتياطي العراقي لديه وستكون هناك عقوبات على كافة الأصعدة".

ويتابع أن "العراق بموجب الاتفاقية الاستراتيجية ملزم بحماية قوات التحالف والقواعد الأمريكية لأنها جاءت بطلب من الحكومة العراقية، وغالبا ما تؤكد الولايات المتحدة على ضرورة احترام اتفاقية الإطار الاستراتيجي وتطويرها".

وتسعى الحكومة وأطراف في "الإطار التنسيقي" إلى وقف الهجمات ومنع التصعيد، خاصة بعد عدة ضربات جوية نفذتها واشنطن داخل العراق ضد مواقع الفصائل المسلحة، وتهديدها باتخاذ إجراءات تصعيدية أكبر.

وأحصت واشنطن حتى الآن أكثر من 106 هجمات ضدّ قواتها في العراق وسوريا منذ 17 أكتوبرتشرين الاول الماضي، أي بعد عشرة أيام من اندلاع الحرب في غزة، وفق حصيلة أفاد بها مسؤول عسكري أميركي.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة