10 Jan
10Jan

ما أن يحل فصل الشتاء، وتنخفض درجات الحرارة لمستويات قياسية، تدخل محافظة السليمانية أزمة حادة بتجهيز الطاقة الكهربائية، حيث يعتمد سكانها مباشرة على وسائل تدفئة أخرى مثل التي تعمل على النفط، ورغم هذا فأنهم يقضون كل ليلة لهم متلحفين بالأغطية السميكة نظرا لعدم إمكانية ترك المدفأة النفطية تعمل وهم نائمون.

أزمة الكهرباء في إقليم كردستان والسليمانية تحديدا، مزمنة وقائمة منذ سنوات، دون أي حلول، حيث أكد مسؤولين في المحافظة وبرلمان الإقليم أن ما يجري من نقص، يعود سببه لبيع الطاقة الكهربائية من قبل الشركات المسؤولة عن إنتاجها إلى الحكومة الاتحادية، وذلك بسبب عجز حكومة الإقليم عن دفع مستحقات هذه الشركات، ما أدى لفقدان الإقليم لجزء كبير من الطاقة.

ويقول مدير العلاقات والإعلام في مديرية كهرباء السليمانية سيروان محمد، خلال حديث لـه، إن "إقليم كردستان يعاني في كل فصل شتاء من قلة تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية، وذلك يعود لزيادة الطلب على الكهرباء في هذا الفصل، وما ينتجه الاقليم من الطاقة الكهربائية لا يلبي حاجة المواطنين".

الحاجة والانتاج
ويضيف محمد، أن "سبب عدم توفر التيار الكهربائي من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل إلى الساعة الواحدة من بعد الظهر، يعود إلى أنه لا يمكن إلزام أصحاب المولدات الأهلية بتزويد المواطنين بالطاقة خلال هذه الفترة، لأن هذا سيجعل سعر الأمبير الواحد يصل إلى 20 ألف دينار، فضلا عن أن المولدات الأهلية لا تستطيع العمل لهذه المدة المتواصلة، إلى جانب عملها خلال النهار".

ويوضح أن "أصل المشكلة هو في زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية وقلة العرض خلال فصل الشتاء، فحاجة الاقليم للطاقة الكهربائية خلال فصل الشتاء تصل إلى 6 آلاف ميغاواط، بينما الانتاج بحدود 2200 ميغاواط، أي أن هناك نقص يبلغ 4 آلاف ميغاواط، والحكومة غير قادرة على تأمين هذه الكمية في فصل الشتاء"، محذرا من "تفاقم الأزمة أكثر فأكثر خلال السنوات المقبلة في ظل زيادة الاستهلاك".

وخلال الشهر الماضي، كانون الأول ديسمبر، شهد قضاء دوكان التابع إداريا لمحافظة السليمانية تظاهرات كبيرة، أقدم خلالها سكان القضاء على قطع الطريق الرابط بين محافظتي السليمانية وأربيل احتجاجاً على أزمة الكهرباء، لاسيما وأن درجات الحرارة انخفضت بشكل كبير في ذلك الشهر، والمنطقة تقع بين الجبال.

يذكر أن مدن الإقليم، فيها مجمعات سكنية حديثة، تعمل بنظام ما يسمى "الكارت"، وهو نظام دفع مسبق، حيث تتم تعبئة الكارت بمبلغ مالي لغرض الحصول على الكهرباء، وعند نفاد المبلغ يتم التجديد، وبهذه الطريقة تستمر الطاقة على مدار الساعة دون انقطاع.

وعلى عكس محافظات العراق، فأن المولدات الأهلية في محافظات الإقليم تعمل بنظام الجدول ولها ساعات تشغيل محددة، تبدأ من الواحدة ظهرا لغاية الواحدة بعد منتصف الليل، وتكون أجور الأمبير الواحد معتدلة بين 8 – 10 آلاف دينار، حيث لا تتوفر لديهم مولدات تعمل على مدارس الساعة بأجور مرتفعة، كما في العاصمة بغداد.

بيع الكهرباء
عضو برلمان كردستان النائب السابق علي حمه صالح، يؤكد خلال حديث لـه، أن "هناك نقص في انتاج الكهرباء مقارنة بالطلب عليها، فالشركات العاملة في توليد الطاقة الكهربائية بالإقليم تقوم ببيع 1400 ميغاواط من الانتاج للحكومة الاتحادية بموافقة حكومة الإقليم، وذلك نظرا لعدم قدرة حكومة الإقليم على سداد مستحقات هذه الشركات، وهنا تقوم الشركات ببيعها لتعويض خسارتها".

ويشدد صالح على أن "بيع 1400 ميغاواط يؤثر على تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية، حتى بلغ التجهيز نحو 8 ساعات يوميا فقط"، مضيفا "يجب على حكومة الإقليم وبالتعاون مع الحكومة الاتحادية، أن تعمل على توزيع الطاقة الكهربائية بشكل عادل بين جميع المحافظات العراقية، فتزويد المواطنين بالكهرباء في محافظات الإقليم مقارنة بالمحافظات الأخرى متدن بشكل كبير".

يذكر أن وزارة النفط، أعلنت قبل شهر عن موافقة المجلس الوزاري للاقتصاد على خفض سعر النفط الأبيض للمواطنين في إقليم كردستان من 100 ألف دينار للبرميل إلى 50 ألف دينار للبرميل الواحد.

وقد ارتفعت منذ بدء موسم الشتاء أسعار النفط الأبيض المجهز للمواطنين، حيث بلغ سعر البريمل سعة 220 لترا قرابة 380 ألف دينار، بعد أن كان في فصل الصيف 175 ألف دينار.

ثلاثة عقود
عضو الاتحاد الوطني الكردستاني برهان رؤوف، يقر خلال حديث لـه بـ"فشل الأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان بمعالجة أزمة الكهرباء طيلة العقود الثلاثة المنصرمة".

وعن سبب إخفاق إقليم كردستان بمعالجة ملف الكهرباء، منذ تحوله إلى إقليم مستقل قبل 30 عاما، يوضح رؤوف أن "الكرد خلال السنوات العشر الأولى قبل 2003 وسقوط النظام كانوا تحت حصار دولي مفروض على العراق وحصار مفروض من النظام السابق على الإقليم، كما أن الاقليم حينها لم يكن يمتلك السيولة النقدية ولا واردات لديه لمعالجة أزمة الكهرباء، وما كان ينتجه من الطاقة كان من سدي دوكان ودربنديخان".

ويوضح "بعد عام 2003 كان هناك تنسيق تام مع الحكومة الاتحادية، وبات الإقليم ينتج أكثر من 4000 ميغاواط، لكن الزيادة السكانية والتوسع العمراني، من الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الحاجة لزيادة الانتاج".

يذكر أن كهرباء السليمانية، أعلنت في وقت سابق، أن هناك محطتان للكهرباء في سدي دوكان ودربنديخان، تعملان بشكل طبيعي، لكن بسبب انخفاض مناسيب المياه ليس بالإمكان إنتاج الطاقة الكافية كما في الأعوام السابقة من السدين.

تقادم الشبكات
النائب السابق في برلمان الإقليم، سيروان بابان، يرى من جانبه، أن "إمكانية إنتاج الطاقة الكهربائية جيدة في الإقليم، لكن المشكلة تكمن في امكانيات توزيعها، فهي قديمة جدا من ناحية المحولات والخطوط الناقلة، فالمشكلة بشبكات التوزيع".

ويشدد بابان، خلال حديث لـه، على أن "عدم توفير الطاقة بالشكل المطلوب يعود إلى الفشل في إدارة هذا الملف المهم"، مبينا أن "المسؤولية تقع على عاتق حكومة الإقليم ووزارة الكهرباء فيه، فيجب معالجة المشكلات وتنظيم عملها لايصال الطاقة الكهربائية للمواطنين على مدار الساعة".

وتعاني أغلب مدن العراق من تقادم شبكات التوزيع بشكل عام، فضلا عن خطوط نقل الطاقة الرئيسية، وهذا ما سبب حالات توقف كاملة للتيار الكهربائي في أوقات سابقة، فضلا عن قدرة شبكة النقل على إيصال الطاقة المطلوبة، وغالبا ما تحدث مشاكل بسبب تقادمها.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة