يزداد الاهتمام بالملف المناخي مع تعاظم مظاهر التغير المناخي في العراق، وتسببها بأزمات اجتماعية ذات أوجه عدة، من بينها النزوح من مناطق جفّت فيها المياه، كالأهوار جنوبي البلاد والقرى القريبة من الأنهر في محافظة ديالى شرقي البلاد، فضلاً عن نفوق الحيوانات وارتفاع معدلات درجات الحرارة والحالات المتطرفة للطقس، التي لم ير العراقيون مثيلاً لها من قبل.وفي اليوم العالمي للبيئة الأربعاء، قال وزير البيئة العراقي نزار آميدي، مخاطباً المجتمع الدولي، إن "العراق يمر بأزمة جفاف حقيقية".
وأضاف أن "العراق يمر بأزمة حقيقية خصوصاً في فصل الصيف، والعمل جار على معالجة هذه المشكلة، ونود المشاركة في مؤتمر التصحر العالمي المقبل"، موضحاً أن "العراق لديه استجابة جدية للحفاظ على البيئة. ومن هذا المنطلق، أدعو المجتمع الدولي إلى الانضمام إلى مبادرات العراق والعمل بجدية للحفاظ على البيئة من خلال التعاون المتبادل".
وعلى الرغم من أن إقليم كردستان، شمالي البلاد، يعد أقل تضرراً من ناحية التغير المناخي في العراق، فإن مبادرات عدة انطلقت من شخصيات سياسية، أبرزها نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد طالباني، فقد أعلن عن "مبادرة لجميع القوى والفعاليات السياسية، والجهات المعنية في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، لعقد مؤتمر عن مخاطر البيئة في جميع مناطق العراق وكردستان، ومناقشة الأماكن التي تعاني التلوث في العراق، ونضع آليات لحلّها ضمن مشروع تخصص له موازنة كافية وخطة عملية شاملة لتنفيذه"، معتبراً أن "هذه الخطوة ستلزمنا بأن نعمل معاً لسنوات مقبلة، حتى نجني ثمار المشروع بالنجاة من كوارث بيئية تهدد العراق والعالم أجمع".
وذكر طالباني في بيان صدر الأربعاء أنه "رغم إدراكنا منذ سنوات طويلة المخاطر المتوقعة لتغير المناخ، فإنَّ التقارير والدراسات المحلية والدولية تحذرنا كلَّ عام من كوارث كبرى لا يمكن إصلاحها. ومع ذلك، فإنَّ سياساتنا ونظام حكمنا في العراق وكردستان ما زالت غير مبالية بشكل كبير، وبدرجة تثير القلق والذعر".
وأوضح أن "السلطات السياسية والحكومية ستبذل جهداً أكبر لو مارس المواطنون والمجتمع المدني ما يكفي من الضغط، لأنَّ المشكلة اليوم لم تعد تقتصر على الهجرة القسرية لعشرات الآلاف من الأسر في جنوب العراق ووسطه، والاتساع المخيف لرقعة التصحر، والانخفاض غير المسبوق للمياه السطحية والجوفية، بل تتفاقم إلى كوارث بيئية مستمرة من دون اهتمام من أي جهة، وكأنها مصيبة تحدث في كوكب آخر، لا نعيش فيه".
من جهته، بيَّن الناشط البيئي في العراق سلمان محمد أن "الوضع البيئي والمناخي المتردي يؤدي تدريجياً إلى أزمات اجتماعية وأمنية وتغييرات ديمغرافية كبيرة وخطيرة في العراق، بالتالي فإن الوعي الحكومي والسياسي زاد خلال الفترة الأخيرة بهذه المشكلة، لكن لا تزال إجراءات المواجهة ضعيفة".
وأكمل محمد في حديثٍ له أن "المخاطر البيئية لا تقل خطورة عن الإرهاب، لا سيما وأنها تسببت بهجرة آلاف الأسر من مناطقها الأصلية إلى مناطق أخرى، بالإضافة إلى نقص في الغذاء وتراجع المستوى الاقتصادي لدى المتضررين، ناهيك عن أزمات نفسية كثيرة خلفتها هذه الأزمة للمجتمعات الفقيرة".ويُواجه العراق انخفاضاً كبيراً في مستوى مياه نهري دجلة والفرات، ما تعزوه السلطات إلى سدود تبنيها إيران وتركيا، فضلاً عن شحّ الأمطار، كذلك سبّب ارتفاع درجات الحرارة تزايد نقص المياه عاماً بعد آخر، ما يجعل البلد من بين أكثر خمس دول في العالم عرضة لتأثيرات التغير المناخي الواضحة، وفقاً للأمم المتحدة.