تستعد الحاجة أم كاظم (52 عاما) قبل أيام عدة من عيد الأضحى لتحضير الطعام ومستلزمات السفر لتأخذ بناتها وتذهب إلى مقبرة النجف، لزيارة قبور ذويها، في طقس اعتادت عليه منذ خسارتها أولادها، في وقت تتهيأ بعض الأسر لأداء مراسم القربان وتقديم الأضاحي وإقامة الولائم، أو الذهاب إلى المساجد لأداء صلاة العيد.
وتقول أم كاظم، خلال حديث لها، “في السابق كانت بهجة العيد مختلفة وينتظره الكبير والصغير للاحتفال به والتحضير له، لكن منذ أن خسرت أولادي أصبحت انتظر صباح العيد فقط من أجل الذهاب الى زيارتهم في النجف الأشرف”.
وتضيف أن “العيد في العراق كان له طعم مختلف، فعلى الرغم من بساطة المجتمع لكن النسوة في منطقتنا كن يجتمعن ويقمن بإعداد الكليجة ويتساعدن في ما بينهن في تحضير البيت وتنظيفه، أما الآن فالوضع تغير كثيرا حيث اصبح الجار لا يأمن عند دخول جاره عليه والجميع اصبح يغلق أبوابه دون الاختلاط مع الآخرين”.
وتعد زيارة المقابر صورة نمطية وثابتة في أجواء العيد بالعراق، بالإضافة إلى كونها عادات وتقاليد وطقوسا متوارثة من جيل إلى آخر، فعلى الرغم من دخول التكنولوجيا والانفتاح على مراسيم الشعوب الأخرى، لكن المجتمع العراقي ما يزال يحافظ على جزء كبير من موروثاته.
من جهته، يؤكد المؤرخ محمد خليل كيطان ، أن العائلات العراقية عادة ما تتحضر لاستقبال عيد الأضحى بصنع الحلوى “الكليجة” وصولا إلى ملابس العيد ولحظات انتظار ارتدائها في الصباح.
ويضيف كيطان، أن “ليلة العيد كانت من أجمل الليالي التي يستقبلها الأطفال والشباب ويتم التحضير لها قبل عدة أيام بالتنظيف وإعداد الحلويات التي يتم تقديمها للضيوف خلال أيام العيد”.
ويتابع، أن “تحضيرات العيد هي إعلان للفرح والغبطة التي تبدأ مع أول خيوط الفجر وتكبيرات المساجد وتهليلات المصلين”، مشيرا إلى أن “للعيد أفراحا لا تنتهي، فمجرد كلمة عيد كافية لرسم ابتسامة مشفعة بالسرور والابتهاج، على وجوه الأطفال والكبار على حد سواء”.
لكنه استدرك، بأن “الكثير من هذا الطقوس والعادات بدأت تتلاشي بسبب دخول التكنلوجيا في حياتنا، الأمر الذي جعل الزيارات بين الأقرباء في الأعياد أمرا ثانويا، بعدما أصبح تبادل التهاني عبر الهواتف”.
ويسمى عيد الأضحى بالعيد الكبير لدى المسلمين كونه من أربعة أيام، كما أن من المتوقع أن تكون أجواء عيد الأضحى “شديد الحرارة، بسبب تمركز كتلة هوائية ساخنة ترتفع معها درجات الحرارة في مدن الجنوب إلى أكثر من 50 درجة مئوية، وملامسة للخمسين في مدن الوسط ببغداد وكربلاء، وأقل بفارق 5 درجات مئوية في المناطق الشمالية”، بحسب الراصد الجوي، أحمد التميمي.
إلى ذلك، يشير الباحث الاجتماعي أحمد الذهبي خلال حديث له، إلى أن “العادات والتقاليد في عيد الاضحى المبارك موروث اعتادت عليه الاجيال بطقوس وعادات ثابتة للاحتفال”.
ويكمل الذهبي: “عندما نتحدث عن العادات والتقاليد في العيد بين الماضي والحاضر تدخل التكنولوجيا التي نسفت جزءا كبيرا من هذه العادات والتقاليد ولكن تبقى بجزئها البسيط المتبقي هي النكهة الأصيلة للعيد”.
ويضيف ان “من طقوس العيد وخصوصا في العراق هو إعداد الحلويات وخصوصا “الكليجة” التي يتميز بها أبناء الشعب العراقي”.
ويتابع، ان “العادات والتقاليد اختلفت مع التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي من هذه الاختلافات ان معظم العوائل اكتفت بارسال برقيات التهنئة بينمت في السابق كان الجار يطرق الباب على جاره والعوائل تتبادل الزيارات فيما بينها، اما الان قلت هذه العادات واصبحت نادرا ما يتم العمل بها”.
ويلفت إلى أن “المثير من العوائل محدودة الدخل مع ارتفاع أسعار الدولار أصبحت لا تتمتع او لا تشعر بنكهة او فرحة العيد بسبب عدم قدرتها على شراء الملابس الجديدة لاطفالها بالاضافة الى الاشياء الكمالية الاخرى التي تقوم العوائل باقتنائها لتزيين المنزل في العيد”.
وطرأت بعض التغييرات على عادات المجتمع العراقي وطقوس العيد لديهم، وذلك مع تطور التكنولوجيا الحديثة التي لا يخلو منها أي منزل في العراق اليوم، حيث اقتصر تبادل التهاني عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو المكالمات، عكس ما كانت عليه العائلات العراقية سابقا عندما كانت تتكبد عناء السفر للقاء الأهل وتقديم التهاني لهم في أيام العيد.