يحاول محور “المقاومة”، تنفيذ “رد استراتيجي” بعد ضربات عدة تلقاها الأسبوع الحالي من قبل إسرائيل والولايات المتحدة في العراق وإيران ولبنان، إذ أكدت إحدى الفصائل المنضوية في هذا المحور أن هذا الرد لن يكون كلاسيكيا بل “موجعا ومفاجئا”.
وفيما حذر خبير أمني من خطورة استخدام الأراضي العراقية في الرد على إسرائيل، استبعد مراقب سياسي دخول إيران في حرب شاملة تجعلها “مكشوفة” لاسيما أن محور المقاومة فقد “60 بالمئة من قدراته القتالية”.
ويقول عضو المجلس السياسي لحركة النجباء حيدر اللامي، خلال حديث لـه إن “المعركة دخلت مرحلة جديدة، وأن أي هجوم على أي جزء من محور المقاومة قطعا سيقابله رد، والفصائل العراقية هي جزء من محور المقاومة الذي دخل المعركة بعد طوفان الأقصى نصرة للشعب الفلسطيني”.
ويضيف اللامي، أن “الفصائل بكل أجزائها داخل محور المقاومة أعلنت أن ضرباتها لن تتوقف إلا بإيقاف جرائم الإبادة الجماعية في غزة، لكن في الآونة الأخيرة برزت ثمة نية للكيان الصهيوني بتوسيع رقعة الحرب، وهذا يدل على أن إسرائيل فقدت جميع أوراقها”.
ويتابع أن “الخطوات الأخيرة لإسرائيل هي هروب إلى الأمام، فعندما تقصف في بيروت وطهران وجرف النصر وقبل ذلك في اليمن، قطعا هي تعلن الحرب، لكن هذه الضربات والاغتيالات لا تزيد المقاومة إلا إصرارا على تحرير كامل الأراضي الفلسطينية”.
ويؤكد أن “الرد الذي سيقوم به محور المقاومة سيكون شاملا من جميع أطراف المحور، وهو رد سيكون استراتيجيا مؤلما وموجعا، وسيكون بأسلحة سوف تفاجئ الكيان وداعميه”، مستدركا أن “هذا الرد لن يصل إلى إعلان الحرب الشاملة حتى الآن”.
وردا على ضربة نفذها محور “المقاومة” في مجدل شمس في الجولان، قامت إسرائيل والولايات المتحدة بردود عسكرية مختلفة كان أولها اغتيال القيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر في الغارة التي شنت على ضاحية بيروت الجنوبية مساء الثلاثاء وأسفرت عن 3 قتلى مدنيين و74 جريحا.
وبعد ساعات، وفي العراق، تعرضت مواقع عدة للحشد الشعبي في جرف الصخر بمحافظة بابل، إلى قصف أمريكي، أسفر عن “ارتقاء عدد من الشهداء وإصابة آخرين”، بحسب بيان للحشد، فيما جرى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في طهران صباح الأربعاء.
من جهته، يرى الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـه ن “أي رد ينطلق من الأراضي العراقية، سيجعل الوضع قلقا ويضع الأمن العراقي في منزلق خطير، فأي خطوة تتخذ بعيدا عن الحكومة المركزية ستؤدي إلى تقويض جميع الجهود الرامية إلى إعادة الاستقرار إلى العراق”.
وعن طبيعة رد الفصائل، يضيف أبو رغيف: “لم نعلم بعد، آلية هذا الرد وطبيعته، وإذا حدث فهو متوقع وطبيعي لأن الفصائل معروفة بمناوأتها للوجود الأمريكي، والأخير معروف بخصومته المزمنة مع الفصائل لذلك هذا التراشق بينهم هي حرب سجال بالضربات الجوية أو الصواريخ أو المسيرات”.
ويعتقد أن “أي رد سيلقي بظلاله على المشهد الأمني في العراق، لاسيما أن المنطقة برمتها تشهد اختلالا واضحا بالاستقرار الأمني، وبالتحديد في الدول التي تتبنى محور المقاومة، لذا فمن المفترض أن تكون الحكومة هي الوحيدة التي تمتلك قرار الحرب والسلام، لأن أي رد دون العودة إليها سيقوض المشهد الأمني”.
وكانت وسائل إعلام محلية أشارت إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني يعمل منذ أيام للضغط على الفصائل المسلحة لإيقاف عمليات التصعيد ضد الأمريكيين بعد عملية قصف قاعدة عين الأسد، خشية من ردود أفعال أمريكية قد تصعد الموقف الأمني وتربكه داخل العراق، لافتة إلى أن السوداني تواصل مع شخصيات إيرانية من اجل أن تضغط طهران على تلك الفصائل لوقف تصعيد عملياتها ومنحه فرصة جديدة لإنهاء الوجود الأمريكي في العراق.
وتشن الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران، عمليات استهداف متكررة ضد إسرائيل، كما كانت تستهدف القوات الأمريكية في العراق وسوريا، “انتصارا لغزة وفلسطين”، كما تقول، قبل أن تتخذ قراراً بوقف هجماتها تجاه المصالح الأمريكية.
لكن في تموز يوليو الماضي تعرضت قاعدة عين الأسد، لقصف صاروخي، هو الثاني من نوعه خلال الشهر، الذي تتعرض له القاعدة العسكرية الجوية التي تضم المئات من العسكريين الأميركيين ضمن قوات التحالف الدولي، بقيادة واشنطن.
من جانبه، يذكر المحلل السياسي، مجاشع التميمي، خلال حديث لـه أن “المنطقة تقف أمام مرحلة جديدة وهي مرحلة الحسم وتحقيق مزيد من المكاسب لصالح إسرائيل، لاسيما بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن والنجاح الذي حققه في كسب مزيد من الدعم الأمريكي بغية تحسين صورته داخل المجتمع الإسرائيلي”.
ويضيف التميمي، أن “محور المقاومة بزعامة إيران ومنذ أشهر طويلة يواجه ضربات قوية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، واعتقد أن إيران لا تريد الانجرار نحو حرب شاملة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، لأن ظروف إيران تبدو صعبة اقتصاديا وعسكريا كما أن محور المقاومة فقد الكثير من قوته الدفاعية والهجومية خاصة حماس التي تشير التقارير أنها فقدت نحو 60% من قدراتها القتالية فضلا عن جنوب لبنان وحزب الله وسوريا واليمن، وحتى الفصائل العراقية فهي في مواجهة مستمرة وقد فقدت عددا من قياداتها”.
ويتابع أن “إيران تمتلك نفسا طويلا، وهي تحاول امتصاص الصدمة وتقديم قيادات جديدة للمواجهة، وهي تدرك أن أي شباك ستكون له أضرار على الداخل الإيراني لأن استهداف هنية في مكان أمني سري وفي قلب العاصمة طهران هو رسالة بأن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تصل إلى أي قيادي في إيران”.
ويخلص التميمي، إلى أن “إيران لهذه الأسباب ستعمل وفق مبدأ العقلانية والواقعية ولن تنجر كما تريد إسرائيل في حرب شاملة يكون لها تأثيرات سلبية أكبر بكثير من تأثيرات الصبر الاستراتيجي الذي تتبناه الجمهورية الإسلامية ولن تتحول الأمور إلى مواجهة لأن إيران ستبدو مكشوفة”، مؤكدا أن “محور المقاومة والفصائل العراقية لن تدخل في مغامرة للرد الاستراتيجي لأنها تعرف تبعاته لكن يمكن أن تتخذ قرارا بإنهاء الهدنة شكليا”.