28 Mar
28Mar

قضى الطالب ذو الفقار علي، 11 عاما على مقاعد الدراسة، حيث تنقل بين جميع المراحل من الابتدائية إلى المتوسطة إلى الإعدادية، دون أن يعلم بوجود مكتبة داخل المدارس التي انخرط فيها بمحافظة ذي قار، يمكن له ارتيادها أو استعارة كتب منها، مؤكدا أن إهمال المكتبات وعدم إقبال الطلبة عليها للمطالعة، ينعكس سلبا على تعزيز معلوماتهم وثقافتهم، سواء الدراسية منها أو المعرفية، ما ينفعهم في الحياة والدراسة الجامعية.
ويقول الطالب ذو الفقار، خلال حديث لـه: “خلال مسيرتي الدراسية لم أر قاعة في المدارس الذي انتظمت فيها، مكتوبا على بابها مكتبة المدرسة، ولم أسمع من المدرسين شيئا عن ذلك، ولم يقم أحد منهم بتحفيزنا على القراءة، أو استقطاع جزء من الدروس لأجل المطالعة والبحث الثقافي أو العلمي”.
ويضيف “هناك الكثير من الطلبة يرغبون بالاطلاع على الكتب العلمية والثقافية والتاريخية وغيرها، لكن لم يجدوا من يشجعهم على ذلك في المدرسة، أما في البيت فهناك الكثير من الأمور التي تشغلهم كالواجبات البيتية أو اللعب أو مواقع التواصل الاجتماعي وأمور أخرى”.
وينص نظام المكتبات المدرسية رقم 54 لسنة 1975، والمكون من 12 مادة قانونية، على أن تؤسس في كل مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية ومهنية، وفي كل معهد ودار المعلمين، مكتبة رئيسية تزود باستمرار بالكتب والمجلات والوثائق وغيرها من المطبوعات، وبالوسائل التعليمية المناسبة، ويجب حفظ هذه المحتويات وصيانتها وتنظيمها وتصنيفها وتيسير الانتفاع بها للأغراض التربوية والثقافية المتوخاة، وعلى الصورة المذكورة في المادة الخامسة من هذا النظام.
ووفقا للقانون يجوز أن تنبثق عن المكتبة المدرسية الرئيسية مكتبات صفية تبعا للصفوف أو تبعا للموضوعات والميادين العلمية تحقيقا لمزيد من الانتفاع بها.
وتراعى في تزويد المكتبة المدرسية بالمطبوعات، وبالوسائل التعليمية حاجات التلاميذ والطلاب ومستوياتهم، وكذلك حاجات المعلمين والمدرسين بما يحقق مهماتهم التعليمية، على أن يتفق ذلك في الحالين مع الاهداف التربوية والثقافية المتوخاة.
ويوضح محمد عزيز، مدرس اللغة العربية في إحدى مدارس ذي قار، خلال حديث لـه، أنه “لأكثر من سنتين كنت أمينا لمكتبة المدرسة إلا أن واحدة من المعرقلات التي واجهتها هي عدم تفعيل هذا النشاط الفكري حيث لا تتوفر قاعة مناسبة وأماكن جيدة للمطالعة، فضلا عن عدم تخصيص وقت من إدارة المدرسة للمراحل الدراسية لأجل القراءة أو تنظيم مسابقات للقراءة، فهي جزء من ثقافة المدارس”.
ويؤكد “تم وضع بعض الكتب داخل صناديق والبعض الآخر على رفوف مكتبة المدرسة التي غطاها الغبار من دون أن يقلبها أحد، وبالتالي أصبح المشروع غير ذي جدوى ولا طائل منه”.
ولجأت بعض المحافظات والمناطق إلى مواجهة هذا المد الإلكتروني الذي أدى إلى انحسار الإقبال على الكتب، إلى فعاليات ومنتديات تعيد للكتاب الورقي قيمته، فبعد أن لم يبق من مكتبة الفرات، في شارع المكتبات وسط مدينة الحلة مركز محافظة بابل، سوى الاسم فقط، حيث تحولت المكتبة الأولى في المدينة إلى مكتبة لبيع القرطاسية المدرسية من أقلام ولوازم أخرى، وهو حال أغلب المكتبات التي فقدت روادها، وغابت عنها الإصدارات الجديدة.
لكن وفي مقابل تراجع الدور التقليدي لتلك المكتبات، برزت أندية للقراءة، منها نادي عشتار في بابل، الذي جمع الفتيات بهدف قراءة ومناقشة الكتب، حيث قامت 17 فتاة بتأسيسه وتنخرط فيه حاليا 50 فتاة.
من جانبه، يبين مدير قسم شؤون المناهج والتقنيات التربوية في ذي قار، حيدر كاظم، خلال حديث لـه، أن “دور المكتبة المدرسية هو إثراء العملية التربوية للطلبة وتطوير الجوانب الصحية والسلوكية والثقافية والأدبية للطالب والمدرس”.
ويشير إلى أن “نظام المدارس رقم 2 لسنة 1977 وفي المادة 30 منه ينص على أن يكون لكل مدرسة مكتبة خاصة بها وتتولى الهيئة التدريسية تنظيمها، ويجب أن تحتوي على كتب ومنشورات مناسبة للطلاب وللمدرسين والمعلمين، لكن خلال الفترة الماضية ونتيجة الكثافة السكنية والزخم الطلابي وقلة الأبنية المدرسية تم استغلال الأماكن المخصصة للمكتبات كصفوف دراسية، لكن تم تخصيص قاعات جديدة للمطالعة أيضا”.
ويلفت إلى أن “أعداد المكتبات حتى الآن بلغ 789 مكتبة مجهزة من قبل وزارة التربية وموزعة بين رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، وهناك بعض المكتبات غير مسجلة نتيجة استحداث مدارس جديدة وقد حصلت على تبرعات من أولياء الأمور والكوادر التدريسية”.
ويرى كاظم أن “المبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء قبل أكثر من شهر بعنوان (العراق يقرأ) بتخصيص ساعة كاملة للطلبة لأجل القراءة في المدارس والحدائق، تم العمل بموجبها بالإضافة إلى أن المحافظة تستعد للمشاركة في برنامج تحدي القراءة العربي الذي يقام في دولة الإمارات وبلغ عدد المسجلين من ذي قار حتى الآن 261 ألفا و900 طالب سينتظمون في تصفيات على مستوى المحافظة لمن أكمل قراءة 50 كتابا ليتأهل منهم 10 طلاب للمشاركة في تصفيات العراق، وتمكنت ذي قار في العام الماضي والعام الذي سبقه من الوصول إلى النهائيات والمشاركة في مسابقة دولة الإمارات العربية”.
وشهدت قراءة الكتب الورقية تراجعا كبيرا في العراق وعلى مستوى العالم بعد وصول خدمة الإنترنت إلى المنازل في العراق والدول الأخرى، والانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي التي أخذت حيزا كبيرا من وقت الأطفال والشباب وكبار السن أيضا، إلى جانب ما توفره هذه المواقع من كتب إلكترونية تغني عن الذهاب إلى المكتبات العامة والمدرسية والإقبال على دفع الأموال من أجل شراء الكتب.
بدوره ينبه نقيب معلمي ذي قار حسن السعيدي، خلال حديث لـه، إلى أن “المكتبات المدرسية تتطلب رفدها بالكتب المناسبة والملائمة لمستويات الطلبة وهذا غير متوفر، فضلا عن أن أعداد أمناء المدارس قليل إذ لا يتجاوز 200 أمين مكتبة، إلى جانب نقص الأبنية المدرسية، ما يجعل من درس المكتبة ملغى كما هو الحال بالنسبة لدرسي الفنية والرياضة”.
ويؤكد أن “لا درس فعلي أو حقيقي للمكتبة المدرسية مع غياب دور المشرفين لمراقبة هذا الجزء من البناء المدرسي، لذا يجب أن يكون هناك توجيه وحضور فاعل للمدرسين المعنيين بهذا الأمر لخلق جيل قارئ وواعٍ بما يدور حوله ويمكن أن يطور نفسه حتى على مستوى دروسه المنهجية”.
تجدر الإشارة إلى أن العملية التعليمية في العراق تواجه أزمة خانقة للتعلق بقلة المباني المدرسية، فهناك المئات من المدارس التي تعمل بنظام الدوام المزدوج والثلاثي في جميع المحافظات، فضلا عن العشرات من المدارس الكرفانية التي لا تضم سوى الصفوف الدراسية وغرفة الإدارة والمرافق الصحية وتفتقر لك ما سوى

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة