خطوات متسارعة تتخذها الحكومة الحالية في مجالي النفط والغاز، والبداية من مدّ أنبوب تصدير نفطي بحري ثالث وافتتاح معمل غازٍ لرفد محطات الطاقة من جهة والغاز المسال من جهة أخرى بكميات متفاوتة، لكن متخصصين، وعلى الرغم من تأكيدهم على أهمية أنبوب النفط ومساهمته برفع قدرة العراق التصديرية، إلا أنهم شككوا من جانب آخر، بنجاح مشروع الغاز، وبينوا أن الافتتاح لا يعني شيئاً، كون التقييم لا يظهر قبل عامين من استمراره، في ظل وجود "جهات سياسية" قد تعرقل أي مشروع من هذا النوع في العراق لأسباب غامضة.
ويقول الخبير في الشأن النفطي حمزة الجواهري، إن "مشروع إنشاء أنبوب التصدير البحري الثالث، كان يفترض أن ينفذ من سنين طويلة، خصوصاً أننا نمتلك الموانئ العائمة (4 و5) لكن لم يكتمل حتى الساعة الأنبوب الخاص بها، وهذا أنبوب التصدير البحري الثالث هو الذي سيعمل على إيصال النفط إلى الموانئ العائمة، وهذا سيعطي للعراق قدرة تصديرية إضافية".
ويبين الجواهري، أن "القدرة التصديرية الإضافية، ممكن أن تدفع العراق لزيادة تصديره أو التعويض عن صادرات الإقليم، فهذه القوة ستكون معوضة لحدوث أي طارئ بعملية التصدير، من أي منطقة".
وفي ملف الغاز، يضيف أن "جميع مشاريع استثمار الغاز خلال الحكومات السابقة، كانت مشاريع إعلامية لا وجود حقيقيا لها على أرض الواقع، لكن نرى هناك جدية من قبل الحكومة الحالية بشأن مشاريع استثمار الغاز، لكن تبقى هناك جهات ستعمل على عرقلة هذه المشاريع، وممكن معرفة جدية الحكومة الحالية بعد سنتين، فبعد هذه المدة ممكن تقييم العمل هل هو حقيقي أم مجرد كلام كحال الحكومات السابقة".
وكان وزير النفط حيان عبدالغني، افتتح يوم أمس الأربعاء، المرحلة الأولى من مشروع معمل تسييل الغاز الطبيعي في حقلِ الرميلةِ النفطي، وبحسب البيان الرسمي، فأن هذه المرحلة تهدف لاستثمار الغاز المصاحب بطاقة 200 مقمق، ونهاية العام الجاري ترتفع إلى معدل 400 مقمق باليوم، على أن يقوم المشروع بتجهيز شبكة توليد الكهرباء الوطنية بمعدل 320 مقمق من الغاز الجاف، لتساهم في توليدِ 1900 ميغاواط، وإنتاجِ كمية 2150 طن من الغاز السائل (غاز الطبخ) يوميا.
يشار إلى أن مجلس الوزراء، قرر في جلسته أمس الأول الثلاثاء، الموافقة على إحالة مشروع إنشاء أنبوب التصدير البحري الثالث بقُطر 48 عقدة، وطاقة تشغيلية 2 مليون برميل يوميًّا، القرض الياباني، شركة نفط البصرة بعهدة شركة (Boskalis) الهولندية بـ419 مليون و900 ألف دولار، وبتنفيذ 400 يوم، تُضاف إليها مدة الأعمال المبكرة، شريطة ألّا تُحال إلّا بعد إقرار قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2023.
يشار إلى أن معاون مدير عام شركة تسويق النفط "سومو" وممثل العراق في منظمة أوبك محمد سعدون محسن، أكد في كانون الأول ديسمبر 2022، وجود خطة تتضمن تبديل الأنابيب البحرية التي سترفع التصدير بمعدل 900 ألف برميل يومياً، إضافة إلى خطة أخرى حول القرض الياباني وخور الزبير والتي ستزيد بمعدل 900 ألف برميل يومياً أيضا، وهذه من المفترض أن تضاف لما يصدره العراق يوميا والبالغ 3.6 ملايين برميل، ليكون المجموع 5.5 ملايين برميل يوميا.
وكان وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار، أعلن سابقا، عزم العراق على زيادة الإنتاج النفطي إلى ستة ملايين برميل قبل حلول العام 2027 وثمانية ملايين برميل يوميا بنهاية العام 2027 وذلك بالتعاون مع الشركات الأجنبية العاملة في البلاد.
من جهته، يشرح الخبير في مجال الطاقة كوفند شيرواني، أن "التصدير الرئيسي للعراق يتم عبر موانئ البصرة، وأرصفة هذه الموانئ مزدحمة جداً وبعض الأحيان لا تتمكن وزارة النفط من تصدير الكمية المحددة لها، وهذا الأنبوب سوف يزيد من الأرصفة لنقل النفط الخام وسيدفع العراق لتصدير كامل الحصة المخصصة له".
ويوضح شيرواني أن "هذا لا يعني أن العراق سوف يزيد من حصته في التصدير، فالعراق سيبقى ملتزما بحصته الأصلية المقررة له من أوبك، لكن إنشاء أنبوب التصدير البحري الثالث، سيخفف بشكل كبير من الازدحام الكبير في أرصفة الموانئ، وسيعمل على تصدير كامل الحصة للعراق، فهذا المشروع سيكون شبه بديل عن موانئ البصرة، وفي المستقبل سيكون العراق قادرا على رفع طاقته التصديرية، خصوصاً التقليص الحالي هو مؤقت من أوبك، فهذا المشروع سيكون له أهمية كبيرة في المستقبل".
ويضيف أن "افتتاح المشاريع المتعلقة باستثمار الغاز، شيء واكتمال تلك المشاريع ووصولها لمرحلة الإنتاج شيء آخر، فهناك الكثير من المشاريع تفتتح، لكن لا تصل إلى الاكتمال، إذ أن هناك شيئا مهما في ملف استثمار الغاز، فهناك أطراف داخلية وخارجية، تعمل على إفشال أي مشاريع تتعلق باستثمار الغاز، حتى يبقى العراق يستورد الغاز من إيران، وهذا هو السبب الرئيسي لتأخير العراق باستثمار الغاز خلال العشرين سنة الماضية".
وتقدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.
وبحسب إدارة الطاقة الأمريكية فإن 70 بالمائة من الغاز العراقي هو غاز مصاحب، و30 بالمائة غاز طبيعي، وأن العراق يتلف 62 بالمائة من إنتاجه من الغاز، أي ما يعادل 196 ألف برميل من النفط، ولو كان سعر البرميل 70 دولارا في المعدل الطبيعي، فإن المبلغ المهدور هو 45 مليار دولار، وهو ما يكفي لإنشاء صناعة غاز جديدة بالكامل.
وتنتشر حقول الغاز المصاحب والطبيعي في معظم المحافظات النفطية العراقية، بواقع 70 بالمائة في حقول البصرة (مجنون، حلفاية والرميلة)، 10 بالمائة في حقول كركوك، 20 بالمائة في المناطق الشمالية والغربية في البلاد، وذلك بحسب إحصائية كاملة حصلت عليها "العالم الجديد" ضمن ملف الغاز، الذي نشرته العام الماضي.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن افتقار حقول النفط العراقية لمعدات جمع الغاز، يؤدي سنويا إلى حرق 18 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب للنفط، وبحسب تقديرات دولية، فان هذا الحرق يكلف العراق 2.5 مليار دولار سنويا، أو ما يعادل 1.55 مليار متر مكعب من الغاز يوميا، وهو ما يعادل 10 أضعاف ما يستورده العراق من إيران.