باتت انتخابات برلمان إقليم كردستان، أقرب للتأجيل حتى الخريف المقبل، بعد الدعوى القضائية التي أقامها رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، أمام المحكمة الاتحادية، ضد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مع مطالبة الحزب الديمقراطي الكردستاني بتمديد عمل المفوضية، فيما وصف الاتحاد الوطني الكردستاني، خطوة الذهاب إلى القضاء بـ”المناورة السياسية” الرامية لتأجيل الانتخابات والمشاركة فيها.
وبشأن الدعوى المقامة أمام المحكمة الاتحادية، يتوقع القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد كريم، خلال حديث له، أن “تعيد المحكمة مقاعد كوتا الأقليات التي ألغتها سابقا، وهذه المقاعد خاصة بالأرمن والمسيحيين والتركمان والآشوريين”، لافتا إلى أن “الحزب الديمقراطي سيشارك في حالة إعادة هذه المقاعد، لأن اعتراض الحزب ومقاطعته الانتخابات كانت لهذا السبب”.
ويضيف كريم، أن “الانتخابات مقررة في العاشر من حزيران المقبل، لكن طلب التمديد هذا، يأتي لأن المفوضية أساسا ستطلب من رئيس الإقليم تأجيل الانتخابات من أجل مشاركة الجميع، وخاصة ما يخص مقاعد الكوتا للمكونات الدينية والقومية وهم غير مشاركين حاليا، لذا أعتقد أن تأجيل الانتخابات سيتم إلى شهر تشرين الأول أكتوبر المقبل”.
ويكشف عن “طلب سيقدمه بعض نواب الحزب الديمقراطي، لتمديد عمل المفوضية العليا للانتخابات التي ينتهي عملها في السابع من تموز يوليو المقبل، لمنحها الوقت الكافي لتنفيذ انتخابات الإقليم”.
وحددت المحكمة الاتحادية العليا، موعدا للنظر في الدعوى المقامة أمامها من قبل رئيس مجلس وزراء إقليم كردستان ضد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، المتضمنة طلب الحكم بعدم دستورية المادة 2 من نظام تسجيل قوائم المرشحين والمصادقة عليها لانتخابات برلمان كردستان العراق رقم 7 لسنة 2024 الصادر عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وكانت المحكمة قررت في 7 أيار مايو الحالي، إيقاف تنفيذ البند (ثانيا) من المادة (2) من نظام تسجيل قوائم المرشحين والمصادقة عليها لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق رقم (7) لسنة 2024 التي تنص على ((ثانيا: يتكون برلمان إقليم كردستان من (100) مقعد موزعة على الدوائر الانتخابية الآتية: – محافظة أربيل/ (34) مقعدا. – محافظة السليمانية/ (38) مقعدا. – محافظة دهوك/ (25) مقعدا. – محافظة حلبچة/ (3) مقاعد) إلى حين حسم الدعوى وذلك لتلافي ما يترتب على تنفيذه من آثار يصعب تداركها مستقبلا”.
وجاء هذا القرار بعد دعوى رفعها رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، طالب فيها بإيقاف إجراءات المفوضية بخصوص انتخابات إقليم كردستان.
في حين، يقول القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، غياث السروجي، خلال حديث لـه، إن “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، قرّرت إجراء الانتخابات في حزيران يونيو المقبل، لكن، وبعد بدء الحملة الإعلانية للمرشحين حركت حكومة الإقليم (المنتهية ولايتها) دعوى أمام المحكمة الاتحادية التي أوقفت عمل المفوضية، وهو ما قد يعني تأجيل الانتخابات”.
ويضيف السروجي، أن “مجلس المفوضين، أكد أن دعوى مسرور بارزاني، غير قانونية، ووجه المفوضية العليا للانتخابات بمواصلة عملها، لكن مع هذا ستتأجل الانتخابات لضيق الوقت، ويبقى القرار الأخير للمحكمة الاتحادية”.
ويصف القيادي في الاتحاد الوطني، أن عملية تقديم دعوى أمام الاتحادية، بـ”المناورات والألعاب السياسية للديمقراطي من أجل المشاركة في الانتخابات، فهو لم يعتد الابتعاد عن السلطة”، من غير أن يستبعد أن “تكون لإيران يد في هذه العملية على الرغم من أن لا دليل على أن زيارة نيجيرفان بارزاني إلى طهران كانت لتأجيل الانتخابات، وفي كل الأحوال مازلنا ندعو الديمقراطي للمشاركة لأنه حزب له تأثير ونفوذ في الإقليم ومشاركته ستمنح الانتخابات نجاحاً”.
وقرر الحزب الديمقراطي الكردستاني، في 18 آذار مارس الماضي، مقاطعة انتخابات برلمان إقليم كردستان، بعد تأجيلها عدة مرات من قبل المحكمة الاتحادية، بسبب شكاوى أطراف كردية على قانون الانتخابات في الإقليم.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، في 21 شباط فبراير الماضي، قرارات بشأن قانون انتخابات برلمان كردستان، وقررت أيضا حل المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء في الإقليم.
من جهته، يشير الباحث الاستراتيجي كاظم ياور، خلال حديث لـه، إلى أن “الدعوى أمام المحكمة الاتحادية هي للطعن بقرارات المفوضية العليا لاعتماد الأخيرة آلية معينة حول كيفية توزيع المقاعد النيابية وذلك باعتمادها على عدد الناخبين، وليس النسب السكانية، وهذه الآلية مخالفة للدستور العراقي والقوانين المرعية للانتخابات”.
ويضيف ياور، أن “المحكمة قبلت وأصدرت أمرها الولائي لتوقف إجراءات المفوضية، ولكن عمليا ستتأجل الانتخابات حتى وإن عادت المحكمة الاتحادية وردت دعوى رئيس حكومة الإقليم، وباعتقادي فإنه لن يبت في هذه الدعوى بشكل نهائي”، منوها إلى أن “المفوضية لم تعد تملك الوقت لإجراء الانتخابات وفق المعايير الدولية، لذا سيكون هناك طلب لها من رئيس حكومة الإقليم لتحديد موعد جديد، ما يفسح المجال أمام المرشحين للقيام بحملاتهم الانتخابية”.
وعن مشاركة الحزب الديمقراطي في الانتخابات فيما لو تأجلت، يعتقد ياور، أن “لدى الحزب بعض الاعتراضات المتعلقة بمقاعد المكونات، وبرأيي؛ بعد أن قبلت المحكمة الاتحادية بالدعوى وتأجلت إجراءات المفوضية فالأمور ذاهبة لنوع من الحلحلة القانونية، فالحزب الديمقراطي سيقيّم المعطيات الجديدة وينهي مقاطعته للانتخابات، وربما ستكون هناك تسويات قانونية وسطية”، مؤكدا أن “عودة رئيس الإقليم وتقديمه دعوى أمام القضاء هي مؤشر على رغبة الديمقراطي بالعودة والمشاركة في الانتخابات”.
وأجريت آخر انتخابات لبرلمان إقليم كردستان وهي الدورة الخامسة، عام 2018، أي بعد عام من استفتاء الانفصال الذي أجراه الإقليم ولم يتم الاعتراف به قانونيا، حيث شارك في الانتخابات نحو 3 ملايين ناخب، لانتخاب 111 نائبا من بين 673 مرشحا ينتمون إلى 29 كياناً سياسياً في حينها.