أثار انخفاض سعر صرف الدولار في السوق المحلية، انقساما بين المختصين، ففيما وجده البعض "مؤقتا" وسيعاود الارتفاع مجددا في ظل استمرار "الحوالات السود"، أكد آخرون أن هذا الانخفاض مستمر وقد يصل لمستوى قريب من السعر الرسمي، نتيجة للسياسات التي اتبعها البنك المركزي.
ويقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، خلال حديث لـه إن "انخفاض سعر صرف الدولار قد يكون مؤقتا، وهناك إمكانية لعودة ارتفاع السعر خلال المرحلة المقبلة، وهذا بسبب استمرار الحوالات السود".
ويضيف المرسومي، أن "التجارة مع إيران مازالت مستمرة وبشكل يومي، وهذا يعني استمرار خروج الدولار إلى إيران عبر طرق مختلفة خارج المنصة، وهذا يؤكد سحب الدولار من السوق، ويعني أن ازمة الدولار مستمرة والسعر قد يرتفع بأي لحظة حسب الطلب عليه".
ويتابع أن "الحديث عن وصول سعر صرف الدولار في السوق الموازي إلى السعر الرسمي أمر مستبعد، ولا نتوقع أن يستمر سعر الصرف بأقل من 1500 دينار لكل دولار، بل نتوقع عودة الارتفاع، وهذه الذبذبة الحالية لها تأثيرات سلبية كثيرة وكبيرة على الوضع الاقتصادي".
وشهد سعر صرف الدولار في السوق المحلية، خلال اليومين الماضيين انخفاضا سريعا، حتى بلغ 149 ألف دينار لكل 100 دولار، بعد أشهر من الاستقرار عند أعلى من 155 ألف دينار لكل مائة دولار.
وجاء هذا الانخفاض بالتزامن مع بدء احتفالات رأس السنة الميلادية، ودخول أغلب الشركات العراقية والأجنبية، بعطلة، فضلا عن الجرد السنوي الذي تجريه الشركات التجارية الكبرى.
يذكر أن البنك المركزي العراقي، وجه في 20 من الشهر الحالي، المصارف بتمويل صغار التجار من تركيا بعملة اليورو.
وأعلن رئيس رابطة المصارف الخاصة وديع الحنظل، يوم الأحد الماضي، عن أن الأيام المقبلة ستشهد تقدما في تنفيذ الاتفاق بين بغداد وأنقرة بشأن تمويل التجارة الخارجية بالدينار العراقي والتسديد للمورد بالليرة التركية.
يذكر أن البنك المركزي، أعلن منتصف الشهر الحالي، عن اتفاقه مع وفد أمريكي على تلبية احتياجات البنك من شحنات النقد لعملة الدولار للعام المقبل، وذكر البنك، أن وفداً منه أنهى اجتماعاته مع وفد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية في دبي، ما أثمر عن جملة من الاتفاقات تتعلق بدعم سياسات البنك المركزي في توجهه لدعم المصارف العراقية في تأسيس علاقات مع المصارف المراسلة والانتقال التدريجي لعمليات تعزيز الرصيد المسبق لحسابات هذه المصارف.
من جهته، يبين مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، خلال حديث لـه، أن "انخفاض الدولار في السوق الثانوي (الموازي) سوف يستمر وبشكل تدريجي لحين وصوله إلى السعر الرسمي المثبت من قبل البنك المركزي العراقي، وهذا بسبب تنظيم الحوالات الخارجية التجارية".
ويلفت إلى أن "العراق اتخذ قرارات مهمة في تمويل التجارة الخارجية من خلال تنويع سلة العملات الأجنبية وعدم حصر التعامل بالدولار فقط، وهذا ساهم بشكل كبير في الحد من الحوالات السود التي كانت تخرج بالدولار لتمويل بعض الاعمال التجارية".
ويؤكد أن "العراق خلال الفترة المقبلة سوف يشهد استقرارا اقتصاديا كبيرا، خصوصا وأن وضع العراق المالي جيد جداً من خلال قوة الاحتياط الأجنبي وكذلك أسعار النفط الجيدة، وهذا يعني أن العراق مقبل على مشاريع مهمة وكبيرة على مختلف الصعد لوجود وفرة مالية جيدة، وهذا بالتأكيد سوف ينعكس حتى على حياة المواطنين".
ومنذ مطلع العام الحالي، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل 100 دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه إلى نظام "سويفت" المالي الدولي.
وقد أصدر البنك المركزي العديد من الحزم والإجراءات للسيطرة على بيع الدولار وضمان عدم تهريبه إلى الخارج، وقلل في بداية الأزمة من مبيعات مزاد العملة، ومن ثم عاود مؤخرا الارتفاع لمستواه السابق والبالغ نحو 300 مليون دولار يوميا.
إلى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـه أن "القرارات والإجراءات الأخيرة للبنك المركزي، وخاصة تنوع العملات الأجنبية في التعاملات التجارية الخارجية، ساهم في خفض أسعار صرف الدولار في السوق المحلية ونتوقع استمرار الانخفاض".
ويلفت المشهداني، إلى أن "الانخفاض التدريجي سوف يستمر خلال الأيام المقبلة حتى لو كان بشكل بطيء جداً، ولا نتوقع ان تعاود الأسعار الارتفاع مجدداً، بل سوف تستمر بالانخفاض وهذا يؤكد نجاح القرارات والإجراءات الأخيرة المتخذة من قبل الحكومة العراقية والبنك المركزي".
ويرجح "انخفاض أسعار صرف الدولار سوف بشكل أكبر مع بداية السنة الجديدة، حيث سينتهي الطلب على الدولار بسبب السفر خارج العراق".
وكشفت تقارير سابقة عن تهريب العملة واستمرارها، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل براً إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ"الحوالات السود".