05 Dec
05Dec

حدد الدستور العراقي لسنة 2005 مهام وملامح عمل مجلس النواب “البرلمان” بشقين رئيسين هما “الرقابة” و”التشريع”، وجرّاء الظروف المُعقّدة التي مرّت بالبلد طيلة السنوات السابقة وما فرضته من أجواء وخلافات سياسية متوترة؛ انعكس ذلك على الأداء البرلماني بشقيه، فالرقابي بات مادة للتقاطع السياسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، أما التشريعي فقد غرق في تفاصيل الخلافات والعناد واللامبالاة أحياناً ما أدى لتعطيل تشريع عشرات القوانين؛ وتحديداً منذ النصف الثاني للدورة الثالثة وكذلك الرابعة بأجمعها وإلى اليوم.المستشار القانوني لمجلس النواب، الدكتور هاتف الركابي، أشار في تصريح لصحيفة “الصباح” تابعته المستقلة، إلى تعطّل 170 قانوناً داخل البرلمان”، منوّهاً بأنَّ “الدورة الأولى والثانية والنصف الأول من الدورة الثالثة كانت حافلة بالتشريعات القانونية سواء من الجانب التشريعي أو الرقابي، فضلاً عن وجود استضافات عديدة واستجوابات أقيل على إثرها وزراء كُثر”.ولفت إلى أنَّ “النصف الثاني من الدورة الثالثة وما تلاها؛ شهد حالة انهيار من ناحية التشريع والرقابة، وتحولت الجلسات إلى تعطيل وإقصاء الجانب الرقابي تماماً، وبالتالي أصبح البرلمان في تلك الفترة عبئاً على عمل السلطة التنفيذية، وأخفق بصورة واضحة”، وأوضح أنَّ “البرلمان لم يُشرّع في تلك الفترة (الدورتين الثالثة والرابعة) أيَّ قوانين، وبالتالي تمَّ ضرب النظام الداخلي عدة مرات، وتم شطر لجان دون الرجوع إلى التصويت، كما تم تأسيس لجان جديدة أيضاً دون تصويت، وحدثت إشكاليات في وضع رئاسات البرلمان فضلاً عن تعطّل بعض اللجان والتي لم تتم تسويتها إلى الآن”.وتابع “لم يكن هناك تشريع لأي قانون مهم في (السنة الماضية 2022)، وقانون واحد فقط تم اقتراحه من البرلمان والذي وضعته الحكومة وهو (قانون الأمن الغذائي) الذي تم رفضه من قبل المحكمة الاتحادية “.

أسباب انهيار أداء البرلمان

يمكن إرجاع أسباب انهيار أداء البرلمان العراقي إلى مجموعة من العوامل، أهمها:

  • الخلافات السياسية الحادة بين القوى السياسية، والتي أدت إلى استقطاب البرلمان، وجعلته أداة بيد هذه القوى لتحقيق أهدافها السياسية الضيقة، دون مراعاة المصلحة الوطنية العليا.

  • غياب الإرادة السياسية لدى القوى السياسية، وعدم وجود توافق بينها على أولويات العمل البرلماني، وكيفية تحقيقها.

  • ضعف الوعي السياسي لدى بعض أعضاء البرلمان، وعدم امتلاكهم المهارات اللازمة لممارسة العمل التشريعي والرقابي.

  • تدخل الأحزاب السياسية في عمل البرلمان، ومحاولة فرض إرادتها عليه، مما أدى إلى تعطيل عمله.

تداعيات انهيار أداء البرلمان

لقد أدت حالة الانهيار التي يعاني منها أداء البرلمان العراقي إلى مجموعة من التداعيات السلبية، أهمها:

  • إعاقة عملية الإصلاح السياسي، وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون.

  • عرقلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بسبب عدم وجود التشريعات اللازمة لتنظيمها.

  • تزايد الفساد المالي والإداري، بسبب عدم وجود الرقابة الفعالة على عمل السلطة التنفيذية.

  • تزايد الاحتقان الشعبي، بسبب عدم تحقيق مطالب المواطنين.

حلول لمعالجة مشكلة انهيار أداء البرلمان

يتطلب معالجة مشكلة انهيار أداء البرلمان العراقي مجموعة من الإجراءات، أهمها:

  • ضرورة إيجاد آلية لتجاوز الخلافات السياسية الحادة بين القوى السياسية، وتحقيق التوافق بينها على أولويات العمل البرلماني.

  • تعزيز الوعي السياسي لدى أعضاء البرلمان، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لممارسة العمل التشريعي والرقابي.

  • وضع قواعد واضحة لمنع تدخل الأحزاب السياسية في عمل البرلمان.

  • تعزيز دور المجتمع المدني في الرقابة على عمل البرلمان.

إنَّ معالجة مشكلة انهيار أداء البرلمان العراقي باتت ضرورة ملحة، من أجل إنقاذ العملية السياسية في العراق، وتحقيق تطلعات الشعب العراقي في بناء دولة ديمقراطية حديثة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة