08 Aug
08Aug

تزداد عاما بعد آخر، خطورة أفاعي "سيد دخيل"، شرقي محافظة ذي قار، بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة التي تضطرها لمهاجمة منازل القضاء بحثا عن بيئة صالحة للحياة.

عبد الواحد ضيدان (53 عاما)، من أهالي القضاء، حيث قام لوحده بقتل 26 أفعى خلال موسم الصيف الحالي، حيث يقول في حديثه، "في الآونة الأخيرة شهدنا هجوم أفاعي سيد دخيل على منازل وقرى القضاء بكثرة".

وتعرف الأفاعي التي تمتد تسميتها من القضاء، بسمّيتها العالية وخطورة لدغتها، وتسجل منذ أعوام حضورا موسميا عند كل صيف بفعل ارتفاع درجات الحرارة.

ويعزو ضيدان أسباب ظهورها بهذا الشكل، إلى "ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى جفاف الأنهر والجداول، الأمر الذي يدفع الأفاعي إلى التحرك نحو المنازل، بحثا عن برودة الأجواء".

ويضيف، أن "تحرك الأفاعي نحو المنازل تسبب بقلق كبير للأهالي، بسبب خطورة لدغتها، ما دفعنا إلى تأمين محيط المنازل وقتل أي أفعى نشاهدها"، لافتا بالقول "تعرضتُ قبل ما يقارب العامين إلى لدغة تسببت برقودي في المستشفى لمدة شهر كامل، حتى تماثلت للشفاء".

ويعرف قضاء سيد دخيل، الواقع شرقي محافظة ذي قار، والذي يتجاوز تعداد نفوسه 65 ألف نسمة، بأفاعيه الخطرة حيث تم تسجيل وفيات وإصابات كثيرة في السنوات الأخيرة بسبب لدغات تلك الأفاعي، حتى تمكنت دائرة صحة المحافظة من توفير مصل خاص لهذا النوع من الأفاعي.

وقامت دائرة البيئة في محافظة ذي قار، قبل سنوات باستحداث مركز تخصصي للمصابين بلدغة "أفعى سيد دخيل"، نتيجة لنشاطها قرب الحقول ومنازل المواطنين مع الارتفاع في درجات الحرارة.

إلى ذلك، يرى مسؤول منظمة الجبايش البيئية رعد حبيب الأسدي، خلال حديث لـه أن "هذه الأفعى تصنف كأخطر خامس أفعى على مستوى العالم من ناحية نسبة السم الذي تحمله".

ويتابع أن "سم هذه الأفعى يهاجم جهاز الدوران لدى الإنسان، ويؤدي إلى نزيف حاد وفشل في حركة القلب"، مبينا أن "هذا النوع من الأفاعي يتواجد في المناطق الرملية والحشائش والنباتات".

وهذه الأفعى بحسب الأسدي "لها علامة مميزة في أعلى الرأس تشبه الصليب، وذيل مدبب، وطولها يتراوح ما بين 70 إلى 90 سم، واسمها العلمي الأفعى المنشارية".

وتكثر في العراق أنواع سامة من الأفاعي منها أفعى الحراشف المنشارية (سيد دخيل) والصل الأسود، والكوبرا، والقرناء العربية، وأفعى الأنف المدور (أو الأنف المثلوم) وفيلد، وأفعى كردستان، والأفعى الفارسية، ذات الذيل العنكبوتي.

وكل هذه الأفاعي قاتلة، لكنها تنتشر في بيئات مختلفة، إذ ينتشر الصل الأسود والكوبرا في المناطق الصحراوية، ومثلها القرناء العربية، فيما تنتشر أفعى الأنف المدور في الأماكن الرطبة، وأفعى كردستان في الجبال.

من جانبه، يبين مسؤول التنوع الإحيائي في دائرة بيئة ذي قار عارف شمخي، خلال حديث لـه أن "طبيعة حياة الأفاعي هي لجوؤها إلى السبات في فصل الشتاء والتحرك والتنقل في فصل الصيف".

ويلفت شمخي، إلى أنه "خلال ظهور الأفعى يكون تحركها محدود نتيجة حرارة الجو، فهي لا تحتمل الحرارة الشديدة، إذ تنتقل عند ساعات الفجر والليل، وتحاول الاختباء في أوقات الظهيرة، وتلجأ الى الأماكن التي تقيها الحرارة الشديدة".

ويتعرض العراق لمخاطر التصحر بسبب موجات الجفاف الناتجة عن قلة الحصة المائية لنهري دجلة والفرات بعد بناء عدة سدود عليهما من قبل دول الجوار على الرغم من وجود اتفاقيات ومعاهدات دولية تنظم ذلك مثل معاهدة "رامسر" للأراضي الرطبة التي انطلقت عام 1971 في إيران وأصبحت سارية المفعول عام 1975، وتتخذ من مدينة جنيف مقرا لها، وانضم إليها العراق عام 2007.

يشار إلى أن الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، أدت مؤخرا إلى تحرك السلحفاة الطرية "الرفش الفراتي" نحو المدن والقرى في ميسان، ما دفع الأهالي إلى قتل اعداد كبيرة منها، وأطلق ناشطون حملة لإنقاذ هذا النوع من السلاحف، خاصة وأنه مهدد بالانقراض ومدرج في القائمة الحمراء الدولية.

في الأثناء، يشير المدير العام لدائرة صحة ذي قار راشد جاسم الخالدي، خلال حديث لـه إلى أن "صالات الطوارئ في مستشفى الناصرية التعليمي استقبلت حتى الآن 13 حالة إصابة بلدغة أفعى سيد دخيل منذ بداية الصيف الحالي".

ويبين الخالدي، أن "الإصابات توزعت بين 6 إناث و7 ذكور، وتم تقديم العلاجات والمستلزمات الطبية اللازمة، وأن الدائرة سبق وأن وفرت المصل الخاص لعلاج المصابين من لدغتها، ويوجد رصيد كاف من المصل".

يشار إلى أن العراق فقد 70 بالمئة من حصصه المائية بسبب سياسة دول الجوار، وأن الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية عائد إلى قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات من تركيا، بحسب بيان سابق لوزارة الموارد المائية أيضا.

إلى ذلك، يوضح الخبير في الشأن البيئي صالح هادي، خلال حديث لـه أن "الأفاعي عادة ما تضع بيوضها عند الأنهر وبين النباتات، وبالتالي يمكن أن يتم جرفها أثناء جريان المياه وتتلف البيوض، أما الآن وفي ظل الجفاف فجميع البيوض تفقس، وبالتالي تسجل تكاثرا واضحا للأفاعي".

ويشير هادي، إلى أن "هذا الأمر ينعكس أيضا على المفترسات الأخرى، فبعد أن تضررت بيئتها، فهي تبحث عن بيئة أخرى، لذا تجدها داخل بعض القرى التي يسكنها الناس، وقد يتعرضون لهجوم من قبلها".

يذكر أن العام الماضي، سجلت ذي قار هجمات عدة للذئاب، وتسبب بإصابات للعديد من المواطنين بينهم أطفال، وقد عزا متخصصون هذه الهجمات التي طالت بعض القرى، إلى الجفاف وبحث الذئاب عن بيئة جديدة لها.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة