بقرار قضائي جديد من المحكمة الاتحادية، تلقى التيار الصدري طعنة أخرى بسحب صلاحيات "كبيرة" منحها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، إلى الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي المحسوب على التيار، في خطوة رأى مراقب أنها محاولة لتقويض النفوذ "الصدري" في الحكومة باستخدام السلاح القانوني، وفيما هاجم مقرب من التيار الصدري سياسة "الإقصاء" التي يتبعها الإطار التنسيقي مع خصومه، أكد مقرب من الأخير أن هناك تعمدا في تفسير القرارات القضائية سياسيا لخلط الأوراق.
ويقول المحلل السياسي محمد نعناع، خلال حديث لـه إن "من الواضح جدا أن تعمل الحكومة ومن خلفها الإطار التنسيقي تعمل بشكل مستمر على تقليص نفوذ الصدريين وتقويضه بالكامل، وهذا يرسخ حالة يريدها الإطار وهي إذا لم يأت الصدر معهم إلى العملية السياسية ويعود إلى حالة الشراكة التي كان التيار الصدري موجودا فيها منذ سنوات طويلة، سيواجه بالمزيد من سحب المناصب وتقليصها".
ويضيف نعناع، أن "هذا الخيار يعود لطرف معين في الإطار التنسيقي يتمثل بوجهات نظر نوري المالكي وقيس الخزعلي زعيمي دولة القانون وعصائب أهل الحق تحديدا، إذ يرون أن الصدر كلما ابتعد عن العملية السياسية، سيشكل ضغطا أكبر، لذلك يجب السعي إلى تجريده من كل نقاط قوته، وأهمها وجود نفوذ صدري داخل الحكومة لهم مناصبه وعلاقاته".
ويتابع أن "هذا الإقصاء يشكل مزيدا من الضغط على التيار من أجل تحقيق العودة أو مواجهته إلى ما لا نهاية، لأنهم يعتقدون أنه خطر عليهم، وعلى هذا الأساس هم يتسلحون بتجريد التيار من النفوذ، مع الاحتفاظ بالسياق القانوني المتمثل بالقرارات القضائية الذي أصبح واضحا أنه بدأ يستخدم كسلاح لإقصاء وضرب الخصوم وحيازة أكبر قدر ممكن من أوراق الضغط".
وحكمت المحكمة الاتحادية، أمس الاثنين، بعدم صحة تعليمات تشكيلات دوائر الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومهماتها رقم 2 لسنة 2022 التي أصدرها رئيس مجلس الوزراء السابق خلال فترة تصريف الأمور اليومية في 10/7/2022، قبل التصويت على حكومة السوداني بعشرين يوما فقط، وبحسب النائب باسم خشان الذي أقام الدعوى، فإن هذه الصلاحيات التي منحها الكاظمي للأمين العام حميد الغزي جعلت منصب الأخير "مكافئا لمنصب رئيس مجلس الوزراء، بل أكبر في بعض هذه المهمات".
ويشير القرار رقم 2 لسنة 2022 الخاص بالتعليمات الخاصة بتشكيلات دوائر الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومهماتها في مادته الأولى، إلى أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء تتكون من التشكيلات: (الدائرة القانونية، دائرة شؤون مجلس الوزراء واللجان، دائرة التنسيق الحكومي وشؤون المواطنين، الدائرة الإدارية والمالية، دائرة المنظمات غير الحكومية، دائرة المراسيم، دائرة التدقيق والرقابة، دائرة تمكين المرأة العراقية، الدائرة الهندسية، دائرة شؤون المفصولين السياسيين، دائرة القصور الرئاسية، دائرة المشاريع الوطنية والأبنية المدرسية، المعهد العالي لإعداد وتأهيل القادة، مركز البيانات الوطني، اللجان المركزية لتعويض المتضررين، مكتب الإعلام والاتصال الحكومي، قسم التصاريح والمعلومات، قسم تقنية المعلومات، قسم إدارة الجودة الشاملة والتطوير المؤسسي، قسم العلاقات الدولية، شعبة النتائج، مكتب الأمين العام لمجلس الوزراء).
من جهته، يصف المحلل السياسي المقرب من التيار الصدري عصام حسين، خلال حديث لـه، الإطار التنسيقي بـ"هواة جمع المناصب والصلاحيات والمواقع الاقتصادية، وهو معتاد على إقصاء خصومه، فتقييمهم للآخرين يعتمد معيار الحزبية، ولا يقيمون الأشخاص وفق العمل والاختصاص والتقصير، والأمر لا يقتصر على حميد الغزي بل إن الكثير ممن تم إقصاؤهم أقصوا لدوافع حزبية وليس لدوافع العمل والكفاءة".
ويضيف حسين، أن "الموضوع لا يؤخر ولا يقدم بالنسبة للغزي، هناك صلاحيات منحت له، ثم ذهبت إلى فريق السوداني وأصبح هذا الفريق هو من يدير الصلاحيات، فهل سنرى تقدما؟، السوداني أقصى أكثر من 4 آلاف درجة وظيفية وتمت إدارتها من قبل أحزاب الإطار وشركائه، فما الذي سيتحقق؟".
ويعتقد المحلل المقرب من التيار الصدري، أن "هؤلاء (الإطار التنسيقي) لا فكرة لهم سوى إقصاء الأقوياء والانفراد بإدارة الدولة، وهذا واضح جدا، فقبل أيام جرى إقصاء الحلبوسي الذي يمتلك 34 مقعدا ويرأس السلطة التشريعية، وهذه هي سياسة الإطار التي ستنتهي بفشل اقتصادي وأمني متوقع".
وخلال عهد رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، تغلغل التيار الصدري في مفاصل مختلفة من مؤسسات الدولة، لكن بعد تشكيل الإطار حكومته برئاسة السوداني، ساهم الأخير في تقليص نفوذ التيار الصدري الممتد في العديد من الوزارات والمناصب الرفيعة كالوكلاء والمدراء العامين، وبحسب بعض الأنباء فأن التيار خسر حتى الآن في هذه الحكومة أكثر من 60 منصبا.
بالمقابل، يتحدث المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله، خلال حديث لـه، عن أن "السلطة القضائية وتحديدا المحكمة الاتحادية هي كيان مستقل بعيد عن السياسة، فإذا كانت هناك ملاحظة تجاه ما يصدر عن هذه المحكمة يجب أن لا تتعدى الأمور الدستورية والقانونية، فإذا كان هناك خلل في قرار مثلا، قطعا سيعاب ما يصدر عنها".
ويضيف فضل الله، أن "موضوع الاستهداف السياسي من خلال قرارات المحكمة الاتحادية يؤشر أن هناك تعمدا لخلط الأوراق وجرّ البلاد إلى مساحة غير مستقرة من خلال هذه التفسيرات"، لافتا إلى أن "الصدر في أكثر من استفتاء ومنشور أشار إلى أنه ليس له علاقة بأي مسؤول في الحكومة الحالية التي يرأسها السوداني".
ويتابع: "إذا ما جمعنا استقلالية القضاء مع عدم التزام الصدر بأي شخصية حكومية، فلا يمكن أن نقبل هذا التبرير الذي يشير إلى أن ما ذهبت له المحكمة الاتحادية هو استهداف من قبل قوى الإطار التنسيقي للتيار الصدري".
وأثارت قرارات المحكمة الاتحادية مؤخرا جدلا كبيرا، ابتداءً بإلغاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وانتهاءً برد دعوى الكاردينال لويس ساكو، الذي طعن بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الذي تقرر بموجب الفقرة (أولاً) منه تعيينه بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ومتوليا على أوقافها.