16 Apr
16Apr

قرار زعيم التيار الصدري، بتجميد تياره لمدة لا تقل عن عام، أثار التكهنات بشأن مشاركته في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها نهاية العام الحالي من عدمها، وفيما ألمح قيادي في التيار إلى إمكانية دعم قوائم انتخابية بشكل مباشر أو غير مباشر في حال عدم المشاركة، حذر مراقبون من تداعيات ذلك على شكل العملية الانتخابية، واعتبروها محاولة لـ"لملمة" صفوف التيار والعودة بشكل أقوى في الانتخابات النيابية.

ويقول قيادي في التيار الصدري، خلال حديث له، إنه "بحسب القرارات الأخيرة الصادرة من زعيم التيار فإن الصدريين لن يشاركوا في انتخابات مجالس المحافظات، لكن حتى الساعة نحن في الهيئة لم نبلغ بأي قرار رسمي بهذا الصدد".

ويُبيّن القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "قرار الصدر الأخير بشأن تجميد كامل التيار، ليس له أي علاقة بضعف القاعدة الشعبية وحصول انشقاقات، إطلاقاً، بل هناك معلومات خطيرة وصلت إلى الصدر تتعلق بتحركات أصحاب القضية، وهناك دعم لهم من قيادات صدرية بارزة، إضافة إلى اختراق هذه المجموعة من قبل جماعات غير صدرية، تريد تنفيذ أجندات خاصة".

ويضيف المسؤول في الهيئة السياسية للتيار الصدري، أنه "بحسب آخر المعلومات فإن تجميد التيار لمدة عام قرار لا رجوع عنه، وهناك نية لزعيم التيار مقتدى الصدر بالذهاب إلى إيران خلال هذا العام من أجل إكمال دراسته الحوزوية، لكن تبقى كل الاحتمالات واردة بمشاركة الصدريين وبقوة بالانتخابات المقبلة من خلال دعم قائمة بشكل مباشر أو غير مباشر".

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نشر تغريدة فجر يوم 14 من نيسان أبريل الحالي، أعلن فيها: لن أستمر في قيادة التيار الصدري وفيه (أهل القضية) وبعض من (الفاسدين) وفيه بعض الموبقات.. فهذا أمر جلل، فلذا أجد من المصلحة تجميد التيار أجمع ما عدا صلاة الجمعة وهيئة التراث و(براني) السيد الشهيد لمدة لا تقل عن سنة.. لأعلن براءة من كل ذلك أمام ربّي أولاً وأمام والدي ثانياً، كما ويغلق مرقد السيد الوالد إلى ما بعد عيد الفطر".

وجاءت تغريدة الصدر، بعد ساعات من انتشار مقطع فيديو من فئة تطلق على نفسها "أصحاب القضية"، أعلنت فيها عن نيتها مبايعة الصدر "إماما للمسلمين"، وأرفقوا مع ذكر أسمه "عليه السلام"، وذلك نظرا لاعتقادهم أنه الإمام المهدي المنتظر.

وسرعان ما تم غلق كافة الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي المرتبطة بالتيار الصدري وقادة التيار من السياسيين والنواب السابقين، فضلا عن غلق مرقد والد محمد صادق الصدر.

وصبيحة التغريدة، تحركت محكمة تحقيق الكرخ بشكل سريع، وأعلنت عن اعتقال 65 شخصا من المنتمين لما يسمى بـ"أصحاب القضية"، ووصفتهم بـ"العصابة"، بتهمة الإخلال بالأمن المجتمعي وإثارة الفتنة.

وتأتي هذه الأحداث، بعد فترة صمت دخل فيها الصدر منذ قرار سحب كتلته النيابية من البرلمان في العام الماضي، حيث اتجه إلى نشر المواد الدينية فقط واعتزل العمل السياسي.

من جهته، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـه، أن "تجميد التيار الصدري لمدة عام من قبل زعيمه مقتدى الصدر، واضح أنه سوف يشمل حتى الجانب السياسي للتيار، وهذا يؤكد أن الصدر إذا أجريت انتخابات مجالس المحافظات، نهاية السنة الحالية، فلن يشارك بهذه الانتخابات، والتيار الصدري سيبقى ناقما على العملية السياسية".

ويضيف الدعمي، انه "إذا تمَّ تأجيل الانتخابات المحلية وهناك معلومات بذلك بأن تجري الانتخابات في شهر نيسان من سنة 2024، وهذا ممكن أن يدفع التيار الصدري للمشاركة بهذه الانتخابات، لكن ليس من السهل التكهن بقرارات التيار الصدري".

ويبين المحلل السياسي، أن "عدم مشاركة التيار الصدري في الانتخابات له تداعيات كثيرة جداً، وسيكون له تأثير على تحالفات الإطار التنسيقي، فإذا انسحب الصدريون من الانتخابات بشكل رسمي، فقوى الإطار لن تشترك بقائمة انتخابية واحدة لمواجهة التيار، لكن في حال اشتركوا، فقوى الإطار سوف تدخل بقائمة واحدة أو قائمتين بمواجهة الصدريين انتخابيا".

ومن المفترض أن تجرى انتخابات مجالس المحافظات في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، حسب ما أقره مجلس النواب، فيما مضت الانتخابات النيابية بشكل طبيعي ومن المؤمل أن تكمل الحكومة الحالية دورتها بالكامل، رغم أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني شدد في برنامجه الحكومي على إجراء انتخابات مبكرة.

وكانت الكتلة المرتبطة بالصدر، الكتلة الصدرية، حصلت على 73 مقعدا نيابيا في الانتخابات الأخيرة التي جرت في تشرين الأول أكتوبر 2021، لكن الصدر فشل بتشكيل الحكومة ودخل بصراع مع الإطار التنسيقي استمر لمدة عام، وانتهى بانسحابه وتشكيل الإطار للحكومة.

يشار إلى أن مجلس النواب، أقر مؤخرا قانون انتخابات مجالس المحافظات والبرلمان، وعاد فيه إلى نظام سانت ليغو، واعتبار المحافظة دائرة واحدة، وهو ما كان يرفضه التيار الصدري، الذي أصر على اعتماد نظام الدوائر المتعددة، وقد حاول عرقلة تمرير القانون عبر تظاهرات عدة، لكن سرعان ما خفت بريقها ولم يخرج جمهور التيار، وهذا حسب ما أقر به قادة في التيار عبر منشورات بوسائل التواصل.

إلى ذلك، يؤكد رئيس المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـه أن "ظاهرة أصحاب القضية هي السبب الجوهري الذي دفع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لاتخاذ قرار تجميد التيار بشكل كلي، وهذا يؤكد كلام الصدر بوجود أشخاص متهمين بالفساد المالي والسياسي داخل مفاصل التيار، وعلى إثر ذلك جاء قرار الصدر الأخير".

ويبين فيصل، أن "قرار الصدر بتجميد التيار الصدري يهدف إلى إصلاح جذري للتيار وإعادة شاملة لوضع التيار سياسيا وشعبياً، وعند نجاح الصدر بالإصلاح الجذري التنظيمي والسياسي والإداري وإعادة صياغة التوجهات، سيتحقق هدف الصدر من تجميد كامل التيار خلال المرحلة المقبلة".

ويضيف رئيس المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية، أن "الصدر سيعود إلى الساحة السياسية والانتخابية بعد نجاحه بإجراء إصلاحات كبيرة داخل التيار الصدري، وهذا الإصلاح فعلا يحتاج إلى عام وربما أكثر، وبعد هذه المدة سيعود الصدر وتياره إلى الحياة السياسية والمشاركة في الانتخابات سواء المحلية أو البرلمانية وبخلاف ذلك، سيكون قرار استمرار تجميد التيار حتى يتحقق إصلاح الصدر لتياره".

يشار إلى أن ما يسمى بـ"أهل القضية"، يقدر عددهم بالآلاف داخل التيار الصدري، ومضى على وجودهم سنوات طويلة، وسبق للصدر وأن رفضهم وطالب بوقفهم، لكن لم يتخذ أي إجراء بحقهم.

وكانت قضية اقتحام المنطقة الخضراء من قبل أنصاره والدخول باشتباكات مع حمايات مقار الحشد الشعبي في آب أغسطس الماضي، آخر حدث للتيار الصدري، وفيه خرج الصدر وقدم اعتذاره للشعب عما حصل آنذاك، خاصة وأن الاشتباكات أدت لسقوط ضحايا من تياره ومن القوات الأمنية".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة