21 Jul
21Jul

صدمة مفاجئة للسوق المحلية، وجهتها واشنطن عبر فرضها عقوبات على 14 مصرفا عراقيا، لديها دور كبير بالحوالات وضخّ الدولار للسوق، ما أدى لارتفاع سريع بسعر الصرف، وهو ما اختلف حوله متخصصون بالاقتصاد، بين من أشار إلى استمرار الارتفاع لمستويات قياسية وبين من وجده مؤقتاً بـ"فعل الصدمة"، لكن بكلا الحالتين اتفقوا على أن العقوبات ستكون مستمرة طالما "الحوالات السود" قائمة ولم تتوقف.

ويقول الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، إن "العقوبات الأمريكية على عدد من المصارف العراقية، جاءت بسبب عمل تلك المصارف بالحوالات السود، وهذه العقوبات ستكون لها تداعيات على الوضع الاقتصادي والمالي في السوق المحلية".

ويضيف الكناني، أن "ارتفاع سعر صرف الدولار لن يتوقف، بل سيستمر، خصوصاً مع استمرار الحوالات السود، ونتوقع أن يصل سعر الصرف إلى 175 ألف دينار لكل مائة دولار خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً مع عدم وجود حلول حكومية حقيقية لمواجهة ملف الحوالات السود".

ويتابع أنه "في الأيام المقبلة ربما تصدر وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة على مصارف وحتى شخصيات، وهذا الأمر شبه مؤكد، خصوصاً مع عمل أغلب المصارف بالحوالات السود، فالمصارف العراقية تحولت إلى صيرفات، وهذا أكيد سيكون له تبعات خطيرة على وضع الاقتصاد في المستقبل القريب أو البعيد".

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، فرضت يوم أمس الأول الأربعاء، عقوبات على 14 مصرفا عراقيا، بسبب تعاملها بالدولار مع إيران، وهذه المصارف هي: مصرف المستشار الإسلامي للاستثمار والتمويل، مصرف القرطاس الإسلامي للاستثمار والتمويل، مصرف الطيف الإسلامي، مصرف إيلاف الإسلامي، مصرف أربيل للاستثمار والتمويل، المصرف الإسلامي الدولي، مصرف عبر العراق، مصرف الموصل للتنمية والاستثمار، مصرف الراجح الإسلامي، مصرف سومر التجاري، مصرف الثقة الدولي الإسلامي، مصرف أور الإسلامي، مصرف العالم الإسلامي للاستثمار والتمويل ومصرف زين العراق الإسلامي للاستثمار والتمويل.

وقد أصدر البنك المركزي العراقي، يوم أمس الخميس، بيانا أكد فيه عدم التعامل بالدولار مع المصارف التي فرضت عليها عقوبات، فيما بين أن العقوبات جاءت بعد تدقيق تعاملات هذه المصارف للعام الماضي، كما أشار إلى أن هذه المصارف لها الحرية بكافة التعاملات ما عدا التعامل بالدولار.

وشهد سعر صرف الدولار يوم أمس، في السوق المحلية ارتفاعاً سريعاً، ليبلغ قرابة 152 ألف دينار لكل مائة دولار، نتيجة للعقوبات الجديدة على المصارف.

وكانت مصادر مطلعة كشفت أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل براً إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ"الحوالات السود".

إلى ذلك، يبين الباحث في الشأن الاقتصادي نبيل جبار التميمي، أن "العقوبات الأمريكية على عدد من المصارف العراقية، سوف تسبب إرباكا بعملية الحوالات الخارجية، وهذا الإرباك ربما يكون له تأثير حتى على قضية الاستيرادات".

ويلفت إلى أن "هناك تحذيرا سابقا لهذه المصارف قبل توجيه العقوبات لها من قبل وزارة الخزانة الأمريكية"، مبينا أن "ارتفاع سعر صرف الدولار، ربما يكون مؤقتا وربما يكون متصاعدا، فهذا الأمر يتوقف على استجابة البنك المركزي العراقي ووضع الحلول للحد من الشائعات".

ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام "سويفت" المالي الدولي.

وقد أصدر البنك المركزي 3 حزم إجراءات للسيطرة على بيع الدولار وضمان عدم تهريبه إلى الخارج، وقلل في بداية الأزمة من مبيعات مزاد العملة، ومن ثم عاود مؤخرا الارتفاع لمستواه السابق والبالغ نحو 300 مليون دولار يوميا.

بالمقابل، يؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي علاء جلوب الفهد، أن "العقوبات التي أصدرتها وزارة الخزانة الأمريكية، هي للحد من عملية إخراج الدولار خارج المنصة الإلكترونية والنطاق الرسمي، وهذه العقوبات لها تأثير إيجابي وليس سلبيا كما يتصور البعض أو يروج لذلك".

ويستطرد الفهد أن "هذه العقوبات سوف تعمل على ضبط إيقاع تحويل الدولار، فهناك جهات ومصارف تستفيد من هذه الحوالات عبر الحوالات السود، وهذه العقوبات في بدايتها سوف تشكل نوعا من الهزة بقضية ارتفاع الدولار، لكنها بالمقابل تؤسس لمرحلة استقرار قادمة".

ويؤكد أن "الارتفاع في سعر الصرف حالياً هو ارتفاع مؤقت، وهو ارتفاع صدمة، خصوصاً أن المصارف التي فرضت عليها عقوبات سوف تعمل على سحب الدولار من السوق الموازي من أجل إكمال الحوالات السود، لكن هذا الأمر وقتي، والدولار سوف ينخفض بشكل تدريجي، كما أن تنفيذ قانون الموازنة وتنفيذ المشاريع سوف يسهم في خفض سعر صرف الدولار في السوق الموازي".

جدير بالذكر، أن البنك المركزي سبق وأن اتفق مع المصرف الأمريكي الشهير، جي بي مورغان، على أن يكون وسيطا، لإيصال مبالغ التجار العراقيين إلى الصين وتغطية استيراداتهم، بعد أن كان البنك يتعامل مع مصارف في الإمارات والأردن، وبحسب تقرير سابق فأن الاتفاق الجديد سيحدّ من الفواتير المزورة التي كانت منفذا لتهريب العملة لخارج البلد.

يذكر أن البنك المركزي، قرر مؤخرا، واستنادا إلى قرار مجلس الوزراء، أن تكون الخدمات المالية الإلكترونية المقدمة داخل العراق من خلال "أجهزة الصراف الآلي، أجهزة نقاط البيع، بوابة الدفع الإلكتروني"، بعملة الدينار العراقي.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة