أجمع مدراء البلديات وأمانة بغداد، على ضرورة استبدال شبكة صرف المياه في العراق وبغداد تحديدا، نظرا لعدم قدرتها على استيعاب مياه الصرف الصحي والأمطار معاً، في ظل الزيادة السكانية الكبيرة، لكونها أنشئت منذ ستينيات القرن الماضي، وأكدوا أن سبب غرق العاصمة مع كل هطول للأمطار هو ضعف هذه الشبكة وحاجتها إلى التطوير بإضافة أنابيب أكبر، عبر التعاقد مع شركات عالمية كبرى وليست محلية وبالأخص شركة "زبلن" التي نفذت الشبكات الحالية سابقا.
ويقول عضو بلدية الأمين محمد الدراجي، خلال حديث لـه إن "كثرة الأمطار وخاصة مع استمرارها لأيام متتالية تسبب ضغطا على الأنبوب الرئيسي لمنظومة المجاري بشكل لا يستوعب هذه الكميات، إضافة إلى زيادة عدد المناطق والنمو السكاني في وقت أن الأنبوب نفسه منذ حوالي 50 سنة ومازال يحتمل الضغط حتى الآن، وهذا يؤكد الحاجة إلى شبكة تصريف جديدة وبنية تحتية رئيسية تشمل جميع المحافظات".
ويبين الدراجي "على سبيل المثال أن هناك خطا قادما من منطقة الشعب ويمر في مدينة الصدر ويصب في البلديات، إذ نجد أن المناطق التي يمر فيها هذا الخط عادة ما تطفح بمياه الأمطار، لأنه يمر بمناطق مأهولة بالسكان والخط مازال كما هو منذ حوالي 50 سنة، ولذلك فان العراق بحاجة إلى مجار رئيسية في جميع المحافظات تناسب النمو السكاني"، مؤكدا أن "الشبكة قديمة لكنها ليست مهترئة والمشكلة تكمن في أن الأنبوب لم يعد يستوعب الزيادة الحاصلة في استخدامه".
وتعرضت العاصمة بغداد وأغلب المدن، يوم أمس الأول إلى الغرق بسبب غزارة الأمطار، التي استمرت لأكثر من يوم، ما تسبب بتهدم سقوف بعض المنازل، فضلا عن غرق أغلب الطرقات وقد دخلت المياه لبعض معارض السيارات والمحال التجارية، نتيجة لعدم تصريفها بشكل صحيح.
وقد استنفرت كافة الدوائر البلدية آلياتها لسحب المياه، واستمر الأمر حتى يوم أمس، خاصة وانه كان عطلة رسمية عامة بسبب سوء الأحوال الجوية.
ومن الصور التي يتم تداولها بشكل مستمر، هو وضع فتحات تصريف المياه بشكل أعلى من الشارع، وخاصة بعد عمليات تعبيد الطرق والأرصفة، ما يثير تهكم المواطنين حول كيفية تصريفها للمياه وهي أعلى من مستواه.
إلى ذلك، يفيد المتحدث باسم أمانة بغداد محمد الربيعي، خلال حديث لـه بأن "النمو السكاني والزحف على الأراضي الزراعية وإفراز تصاميم جديدة وتوزيع الأراضي أفقيا وعموديا، يؤكد حاجة العراق وبغداد خصوصا إلى شبكات مجارٍ متطورة منفذة من قبل شركات رصينة وعملاقة ذات خبرة عالية".
ويضيف الربيعي، أن "هناك نحو 100 شركة معروفة حول العالم من الدرجة الأولى والممتازة مختصة بالبنى التحتية، وخُمس هذه الشركات معنية تحديدا بمياه المجاري وتحلية المياه وتوسعة الأنابيب، وهي من يفترض أن تلتزم مشاريع المجاري في العراق".
ويكمل أن "العراق قبل الثمانينيات والتسعينيات كان يتعاقد مع هذه الشركات التي أصبحت اليوم بأسماء أخرى، فهذه الشركات العالمية هي من صممت المجاري في بغداد، ففي عام 1968 تم نصب أول مشروع طوله 24 كيلومترا وبقطر مترين، و12 مترا منه للرفع و12 مترا للدفع، وعُد في حينه اكبر مشروع منذ ذلك العام وحتى الآن، أي منذ 55 سنة وكان تنفيذه من قبل شركة زبلن، وعليه، نحن الآن بحاجة إلى شركة بهذه الرصانة وعدم الاعتماد على الشركات المحلية فهي غير قادرة على إنجاز مشاريع عملاقة".
وشهدت العاصمة بغداد، في بداية موسم الشتاء الحالي، موجة أمطار شديدة، وأدت أيضا إلى غرق أغلب مناطقها وتضرر المنازل حيث غمرتها بالمياه بشكل كبير، فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وتحوّل الأمر في حينه إلى مادة تهكمية في وسائل التواصل الاجتماعي.
يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ركز منذ تسمنه الحكومة على تحسين الواقع الخدمي، وشكل فريق الجهد الخدمي لغرض إنجاز البنى التحتية وتحسينها، وكان لأمانة بغداد حصة كبيرة من هذه الجهود.
من جانبها، تبين عضو بلدية المنصور، هدى كامل، خلال حديث لـه أن "إدخال شبكات جديدة لتصريف المياه صار أمرا لازما لاسيما مع التطور السكاني الحالي إذ أن عدد السكان في العاصمة وصل فوق الطاقة الاستيعابية للشبكة الصحية للمجاري".
وفيما تشير كامل، إلى أن "العمل جارٍ على مد مناطق العاصمة بربطات جديدة وتوسعة الشبكات القديمة لتستوعب أكبر طاقة ممكنة"، لكنها شددت على ضرورة "إنشاء شبكات متكاملة تتناسب مع البنى التحتية المتوفرة ومع التصميم الأساسي للعاصمة بغداد".
يذكر أن أمين بغداد عمار موسى، تفقد في وقت سابق، محطات تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي للعمل بطاقتها القصوى عند هطول الأمطار، ووجه دائرة مجاري بغداد والدوائر البلدية بتهيئة محطات المجاري الرئيسة والفرعية ومشاريع معالجة مياه الصرف الصحي لتكون جاهزة.
وتشهد أغلب مدن البلد، ترديا كبيرا بالواقع الخدمي، وعلى كافة القطاعات، سواء الطرق والجسور أو المياه والمجاري أو التخطيط العمراني، وغيرها الكثير، على الرغم من وجود تخصيصات كبيرة للجهات والوزارات الخدمية، لكن غالبا ما يتم إرجاع الفشل بالمشاريع إلى الفساد المستشري في دوائر الدولة.