أصبحت العاصمة بغداد، تحت ضغط سكاني كبير، رافقته مشاكل عديدة في السكن وشبكات الطرق والمياه وغيرها من الأمور الأساسية، وفيما أكدت وزارة التخطيط وجود وثيقة معدة خاصة بالسياسات السكانية من المفترض أن يتم العمل بها، رأى لكن خبير قانوني استحالة منع القاطنين الجدد في العاصمة، لأنه متوافق مع الدستور.
ويقول المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، إن "أي زيادة سكانية يجب أن تقابل بوضع وسياسات تنموية بعيدة المدى، وهناك وثيقة معدة من قبل الوزارة تحت عنوان (الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية)، أخذت بنظر الاعتبار هذه الزيادة السكانية في العاصمة بغداد وباقي المحافظات".
ويبين الهنداوي أن "هذه الوثيقة، قرأت الزيادة السكانية ومدى احتياجها إلى توفير متطلبات الحياة الأساسية، مثل الصحة والتعليم والسكن والخدمات والبنى التحتية وأيضا ماذا تحتاج الفئات الهشة في المجتمع ويقصد بهم كبار السن والأطفال والمعاقين، كل هذا تم تضمينه في الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية وسيتم العمل عليها وفق خطط تنموية".
ويضيف أن "وزارة التخطيط تعمل على إعداد (الخطة الخمسية) التنموية المقبلة، للسنوات الخمسة المقبلة ولدينا إستراتيجية لخفض الفقر ودعم الشرائح الفقيرة في المجتمع".ويؤكد المتحدث باسم وزارة التخطيط أن "هناك عملا حقيقيا لإيجاد حلول لأزمة السكن في العراق خصوصاً مع ارتفاع النسب السكانية في كل المحافظات، وهناك حلول ضمن الخطط المستقبلية من خلال إنشاء مدن جديدة على غرار مدينة بسماية السكنية، فهناك 16 مدينة سكنية جديدة، وضعت ضمن التوجهات للشروع بالعمل بها مستقبلا وحصة بغداد من هذه المدن لا تقل عن خمس مدن، إضافة إلى وجود خطط سكن غيرها مع إعطاء مساحة للاستثمارات في القطاع بمجال السكن".
وكان الجهاز المركزي للإحصاء، أعلن يوم أمس، أنه من المتوقع أن يبلغ عدد سكان العاصمة بغداد خلال عام 2023، حوالي 9 ملايين نسمة، يعيشون بمساحة إجمالية تبلغ 4555 كم مربع، فيما بين أن الكثافة السكانية تبلغ نحو 2000 شخص لكل كم مربع واحد.
وكانت وزارة التخطيط، توقعت ارتفاع عدد السكان في العراق إلى 42 مليون نسمة بحلول نهاية العام الماضي، فيما أشارت إلى أن العراق لم يصل مرحلة الانفجار السكاني وأن نسبة النمو السكاني تقدر بـ2.6 بالمئة.وتأتي هذه الزيادة السكانية، بالتزامن مع أزمات عديدة يعاني منها البلد، أبرزها البطالة والفقر وارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلا عن تردي البنى التحتية.
من جهته، يفيد مدير العلاقات والإعلام لأمانة بغداد محمد الربيعي، بأن "الارتفاع الكبير في النسب السكانية للعاصمة، بكل تأكيد له تأثيرات سلبية كبيرة على الخدمات على مختلف الأصعدة".
ويبين الربيعي أن "أمانة بغداد تدرس بشكل مستمر زيادة النسب السكانية في بغداد، لوضع خطط خدمية وفق هذه الزيادة، خصوصاً أن هذه الزيادة لها تأثير كبير على شبكات المياه وكذلك شبكات الصرف الصحي، وهناك متابعة لهذه الزيادة مع كافة الجهات الحكومية ذات العلاقة".
يشار إلى أن تقارير سابقة، تناولت سابقا مسألة انتشار النفايات في العاصمة بغداد، وقد عزي الأمر إلى ضعف إمكانيات أمانة بغداد من جهة، والزيادة السكانية من جهة أخرى، وخاصة في مناطق شرقي بغداد، حيث توجد في كل منزل أكثر من 3 عائلات، حسب حديث المسؤولين آنذاك.وكانت أمانة بغداد، أعلنت منتصف أيار مايو 2020، أن ملاكاتها في بلديتي الصدر الأولى والثانية، ترفع 1600 طن من النفايات كمتوسط معدل يومي.
وتعاني العاصمة من اختناقات مرورية كبيرة، لم تحل منذ سنوات رغم استخدام شتى الحلول للسيطرة عليها، ومؤخرا توجهت الحكومة لإيجاد حل جذري لهذه الاختناقات عبر خطة لإنشاء أنفاق ومجسرات وتفعيل القانون المروري.وردا على سؤال حول إمكانية تحديد سكان العاصمة وفق شروط ومحددات، يجيب الخبير القانوني علي التميمي، أن "جعل السكن في العاصمة بغداد لمواطنين معينين وفق شروط معينة كما كان في النظام السابق غير ممكن، فهذا يعارض الدستور العراقي، الذي منح الحرية للمواطنين بالسكن في أي محافظة ومنطقة يرغبون، دون أي شروط مسبقة".
ويوضح التميمي أن "اتخاذ هكذا قرار سيكون له تأثير على وحدة الشعب العراقي ويجلب التفرقة، ولهذا لا يمكن تطبيق هكذا قرار مستقبلاً، ولهذا فأن الحكومة العراقية لم تخطُ هكذا خطوة لأي سبب كان سواء يتعلق بقضية الزيادة السكانية أو غيرها".
ويضيف الخبير القانوني أنه "في حال إقدام الحكومة على هكذا خطوة وهو أمر مستبعد يمكن الطعن بهكذا قرارات أمام المحكمة الاتحادية العليا، وهذا الطعن ممكن لأي مواطن متضرر تقديمه".
وشهدت العاصمة بغداد، ارتفاعا مستمرا لعدد سكانها خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ العدد في العام 2014 قرابة 7.6 ملايين نسمة واستمر بالارتفاع حتى بلغ في العام 2021، 8.75 مليون نسمة.
وتعد العاصمة، مركزا تجاريا وحكوميا وترفيهيا، وتضم أغلب هذه المرافق بكافة أنواعها، ما تدفع العديد من سكان المحافظات الأخرى إلى الانتقال لها لغرض العمل والسكن، وهذا يجري دون تطوير البنى التحتية لها أو توسعة الطرق وإنشاء مدن سكنية جديدة.