25 Feb
25Feb

رغم المساعي الحكومية لتطوير قطاع الطاقة، ترهن وزارة الكهرباء استعدادها للصيف المقبل باستمرار توريد الغاز الإيراني، فيما قلل خبراء من جدوى طبيعة العقود مع شركتي جنرال الكتريك وسيمنز، بسبب انعدام النظام المؤسساتي في البلاد، وفي ظل إمكانية إلغاء هذه العقود ببساطة مع تغيير كل حكومة.

ويقول المتحدث الرسمي لوزارة الكهرباء أحمد موسى، خلال حديث لـه إن "الوزارة تستعد منذ وقت مبكر للعمل بخطة سريعة لمواكبة ذروة الأحمال الصيفية، إذ دخلت وحدات التوليد برامج صيانة مكثفة، وصدرت توجيهات لقطاع النقل بإكمال جاهزية الخطوط الناقلة وتحويل بعضها إلى دوائر مزدوجة وزيادة بمحولات القدرة بمحطات التحويلية لتصرف طاقة أكبر من السابق".

ويضيف موسى، أن "الوزارة أعطت التزاما أمام الحكومة بأن الكهرباء ستصل لمعدل حمل 25 ألف ميغاواط مع ذروة الأحمال الصيفية، إذ سيتم تنصيب محطات ثابتة ومتنقلة في مراكز الحمل، لتصبح مثل المغذيات، وهذا ما سيوفر ساعات تجهيز جيدة، لكن هذا مرهون بضمان الوقود والغاز الصالح للمحطات"، مشيرا إلى أن "الحكومة منتبهة بقوة لهذا الموضوع ووجهت وزارات النفط والجهات القطاعية".

ويلفت إلى أن "الحكومة للمرة الأولى توعز بتأهيل حقول الغاز واستثمار الغاز المصاحب"، مؤكدا أن "مذكرات التفاهم مع سيمنز وجنرال إلكتريك تضمنت نصب محطات تعمل على الغاز المصاحب، بدلا من احتراقه وعليه فأن هذه الإجراءات الحكومية خطوة إستراتيجية لتطوير ملف الكهرباء".

وكانت وزارة الكهرباء، كشفت أمس الأول، أن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعت مع شركتي سيمنز وجنرال إلكتريك، ضمنت في مشروع موازنة عام 2023، ورصدت لها التخصيصات المالية اللازمة، وبمجرد إقرار الموازنة ستتحول الاتفاقيات ومذكرات التفاهم إلى عقود وعمل على الأرض.

كما أشارت الوزارة، إلى أن خطوات تنفيذ الاتفاقات ستأتي تباعاً ولكل مشروع سقف زمني للإنجاز ومنها ما سيكون خلال سنة ومنها خلال سنتين وأخرى خلال 3 سنوات.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، رعا في 16 من شباط فبراير الحالي، توقيع مذكّرة تفاهم مع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية، لتطوير قطاع الكهرباء في العراق.

وتضمّنت المذكرة: أعمال صيانة طويلة الأمد ولمدّة خمس سنوات، لإدامة عمل وحدات إنتاج الطاقة التي تم تجهيزها من الشركة، إلى جانب زيادة كفاءة عمل وحدات إنتاج الطاقة العاملة حالياً من خلال تحديث المنظومات الملحقة بها، وإنشاء محطات جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية على مراحل تتناسب مع الوقود المتوفر والتمويل، فضلا عن إجراء الدراسات لاستغلال الغاز المصاحب وتنفيذ عدد من المحطات الثانوية سعة (400 و 133 كي في) مع ارتباطاتها في مختلف محافظات العراق.

من جهته، يرى الخبير في شؤون الطاقة محمد هورامي، خلال حديث لـه أن "العقود الجديدة مع شركتي جنرال إلكترك وسيمنز، من المؤكد أنها ستضيف شيئاً للطاقة، ولكن هذا يبقى مرهونا بجدية الحكومة في تنفيذ العقود ومذكرات التفاهم التي وقّعت، لأنه سبق وأن تم توقيع الكثير من الاتفاقات، لكنها لم تنفذ لأسباب عدة، منها تغيير الحكومات، فسرعان ما تلغى هذه العقود من قبل الحكومات اللاحقة، وهذا يعني عدم وجود نظام مؤسساتي في العراق".

ويعتقد هورامي، أن "الحكومة تبدو الآن أكثر جدية، فالشركات التي تم التعاقد معها رصينة وسبق أن عملت في العراق، ونتأمل عدم وجود عراقيل في التنفيذ سواء في ما يخص تدخل المسلحين بعملهم أو غيرها من الأسباب".

ويتمنى أن "تستعد وزارة الكهرباء للموسم الصيفي من الآن، لتلافي ما حصل في السنين السابقة"، متوقعا أن "ترتفع ساعات التجهيز في الفترة القليلة المقبلة لأننا في زمن العبور الشتوي واعتدال درجات الحرارة، ما سيؤدي إلى زيادة الساعات، على العكس مما في فصلي الشتاء والصيف اللذين يشهدان ضغطا على الطاقة".

جدير بالذكر، أن السوداني زار ألمانيا منتصف الشهر الماضي، على رأس وفد حكومي، وقد وقعت وزارة الكهرباء العراقية مذكرة تفاهم مع شركة سيمنز الألمانية، لتطوير منظومة الكهرباء في العراق، تشمل إنشاء محطات توليد جديدة والاستفادة من الغاز المصاحب.

يشار إلى أن العراق سبق وإن وقع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع شركة سيمنز، منها ما وقعها رئيس الحكومة الأسبق عادل عبدالمهدي، وكانت بقيمة 14 مليار دولار.

ومنذ سنوات، توجد منافسة حادة بين شركتي سيمنز وجنرال إلكتريك، لاسيما وأن الأخيرة لديها مشاريع طاقة كثيرة في العراق وتعمل منذ سنوات، وساهمت برفد منظومة الكهرباء بالطاقة المنتجة، سواء في الجنوب أو بغداد.

ومنذ العام 2003 ولغاية اليوم، لم تشهد الطاقة الكهربائية في العراق أي تحسن ملحوظ، وفي كل صيف تتجدد التظاهرات في مدن الوسط والجنوب، احتجاجا على تردي تجهيز الطاقة.

كما أن ملف الكهرباء أثار الجدل خلال إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2021، حيث تضمنت تخصيصات "كبيرة" لصيانة المحطات، وبحسب أحد النواب، فقد تم رصد "هدر كبير" بأموال الصيانة منذ عام 2005 ولغاية العام الماضي.

لكن الخبير في شؤون الطاقة حمزة رمضان، يذكر خلال حديث لـه، أن "الحكومة استعجلت في التعاقد مع هذه الشركات فهي موجودة منذ 2003، ومضى على عملها في العراق نحو 20 سنة، لكن ملف الكهرباء لم يعالج حتى في ظل وجود الأموال والمقومات الأخرى".

ويفيد رمضان، بأن "ملف الكهرباء مرتبط بإرادات بعض الدول، وما نراه الآن هو نوع من التخدير وجبر الخواطر"، لافتا إلى أن "هذه التعاقدات ربما تغيّر شيئا طفيفا، لكن ليس بالمردود المتوقع أو كما يتكلم عنه البعض في الإعلام".

وتعاني أغلب المحطات الكهربائية في العراق من التقادم، حيث لجأ العراق إلى استيراد الطاقة الكهربائية من إيران، فضلا عن استيراد الغاز لتشغيل المحطات الكهربائية، وحصل بصورة دورية على استثناء من العقوبات الأميركية المفروضة عليها لاستمرار الاستيراد.

ويعد العراق ثاني دولة بعد روسيا في حرق الغاز المصاحب، وذلك وفق تصنيف عالمي، وقد قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة