01 Feb
01Feb


لمسك العصا من الوسط، والحفاظ على العلاقات السياسية، هكذا قرأ متخصصون بالطاقة والاقتصاد توجيه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بإكمال التعاقد مع شركتي جنرال إلكتريك الأمريكية وسيمنز الألمانية، في ما يخص منظومة الكهرباء، ورغم تأكيدهم أن الشركتين قادرتان على حل أزمة الكهرباء، إلا أنهم أشاروا إلى حاجة الأمر لسنوات طويلة.

ويقول الخبير في شؤون الطاقة حسن الصفار، خلال حديث له، إن "توجه العراق نحو أكثر من شركة مختصة بشأن الطاقة أمر مهم، حتى لا يكون هناك احتكار لشركة دون غيرها قد تفرض أسعارها على الحكومة، فدخول أكثر من شركة في التنافس سيقلل من الأسعار، وهذا الأمر معمول به في أغلب دول العالم، حتى الدول العظمى".

ويبين الصفار، أن "الحكومة توجهت للتعاقد مع شركة أمريكية وأخرى أوروبية (ألمانية) من أجل مسك العصىا من المنتصف على المستوى الاقتصادي، وربما حتى على المستوى السياسي، فالحكومة لا تريد حكر هذا الملف بشركة معينة، فهذا الأمر ربما يسبب مشاكل مختلفة في المستقبل القريب أو البعيد".

ويتوقع أن "العراق بعد التعاقد بشكل رسمي مع الشركتين وتوفير الأموال المخصصة الكافية لهما، ممكن أن يرى تحسنا في مجال الطاقة الكهربائية بعد ذلك بـست سنوات أو أكثر من ذلك، فهذه الشركات في بداية مهامها ستعمل على تطوير وتأهيل محطات الطاقة الرئيسية في المدن العراقية، ثم بعدها ستعمل على إنشاء محطات جديدة من أجل زيادة الإنتاج، لكن الأمر يحتاج لوقت طويل وأموال طائلة جداً".

وكان مجلس الوزراء، وضمن توجيه رئيسه محمد شياع السوداني، قرر يوم أمس، المصادقة على توقيع تعاون لبرنامج الطاقة في العراق- المرحلة الثانية بين وزارة الكهرباء وشركة (سيمنز انيرجي أي جي)، بعد تنازل الشركة السابقة، وتخويل وزير الكهرباء الصلاحيات اللازمة للمضي بالتنفيذ استثناءً من أساليب التعاقد المنصوص عليها في تعليمات تنفيذ العقود الحكومية.

كما خول المجلس، وزير الكهرباء أيضا صلاحية توقيع مذكرة التعاون حول الطاقة في العراق- المرحلة الثانية المحدثة بين وزارة الكهرباء وشركة (جنرال الكترك انترناشونال انك)، لتحديث اتفاقية مبادئ التعاون الموقّعة سابقاً بين الطرفين في 15 تشرين الأول 2018.

جدير بالذكر، أن السوداني زار ألمانيا منتصف الشهر الماضي، على رأس وفد حكومي، وقد وقعت وزارة الكهرباء العراقية مذكرة تفاهم مع شركة سيمنز الألمانية، لتطوير منظومة الكهرباء في العراق، تشمل إنشاء محطات توليد جديدة والاستفادة من الغاز المصاحب.

من جهته، يؤكد المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث له، أن "منظومة الكهرباء في العراق شبه معدومة وتحتاج إلى أكثر من شركة عالمية من أجل تحسين واقع هذه المنظومة، وعمل شركتي سيمنز وجنرال الكترك في العراق متفق عليه بين الشركتين، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني فهم هذا الأمر جيدا ولهذا هو قرر التوقيع مع الشركتين معاً".

ويضيف الدعمي، أن "العمل على توفير الكهرباء يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية لتحسين هذه المنظومة وتخصيصات مالية بالشكل الصحيح بعيداً عن أي شبهات، وبخلاف ذلك سيكون الاتفاق مع شركتي سيمنز وجنرال الكترك مجرد وعود، كحال الوعود التي نسمعها منذ سنة 2005".

ولا يعتقد أن "هناك تنافسا حقيقيا وعداء بين الشركتين، خصوصاً أن شركة سيمنز فيها أسهم تصل لأكثر من 21 بالمئة لشخصيات وشركات أمريكية كما فيها أسهم كثيرة لشخصيات يهودية أيضا، وكذلك الحال على شركة جنرال الكترك"، لافتا إلى أن "هناك تعاونا بينهما، والشركتان قادرتان على حل أزمة الكهرباء التي يشهدها العراق منذ سنين طويلة".

يذكر أن السوداني، أكد للرئيس التنفيذي لشركة سيمنز الألمانية للطاقة، عزم الحكومة على توفير الأموال اللازمة لتنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة مع شركة سيمنز على الأرض.

يشار إلى أن العراق سبق وإن وقع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع شركة سيمنز، منها ما وقعها رئيس الحكومة الأسبق عادل عبدالمهدي، وكانت بقيمة 14 مليار دولار.

وكانت السفيرة الأمريكية في العراق ايلينا رومانسكي، نشرت تغريدة ظهر يوم أمس، قالت فيها "يستحق العراقيون اقتصادًا متنوعًا وحديثًا ووظائف ذات أجور جيدة، ولتحقيق ذلك، من الضروري بناء منظومة كهرباء على مستوى عالمي، والولايات المتحدة مستعدة للعمل مع وزير الكهرباء العراقي زياد علي فاضل والحكومة العراقية للقيام بهذا المسعى المهم".

بالمقابل، يتحدث الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل جبار التميمي، عن أن "توقيع مذكرات التفاهم تأتي كمرحلة أولية، وتحتاج ما بعد ذلك تفعيل المذكرات والاتفاقيات عبر جلسات وقرارات من خلال مجلس الوزراء أو مصادقة بعض الاتفاقيات إذا كانت على مستوى اتفاقيات في مجلس النواب، وقرارات مجلس الوزراء، تأتي لتفعيل ما وقعه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال زيارته الأخيرة إلى برلين".

ويبين التميمي أن "أصل الاتفاق مع سيمنز يتضمن تأهيل المحطات في العراق وهي الـ(14) محطة وصيانتها وعقد تقييم لوضع الكهرباء في العراق بشكل عام وعقد دراسة إمكانية الاستفادة من الغاز المصاحب في عملية تغذية محطات الكهرباء".

ويضيف أن "توقيع العراق مع شركتي سيمنز وجنرال الكترك في الوقت نفسه لا يعني مسك العصا من المنتصف، بل هو ضمن عملية تحاصص بين الشركات العالمية الكبرى في العراق، ومن أجل الحفاظ على مصالح تلك الشركات والدول في العراق".

وجاءت تغريدة السفيرة، ‏بعد إعلان شركة جنرال الكترك، بأن للشركة "مشاريع جديدة لزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق".

ومنذ سنوات، توجد منافسة حادة بين شركتي سيمنز وجنراك إلكتريك، لاسيما وأن الأخيرة لديها مشاريع طاقة كثيرة في العراق وتعمل منذ سنوات، وساهمت برفد منظومة الكهرباء بالطاقة المنتجة، سواء في الجنوب أو بغداد.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة