25 Dec
25Dec

منذ زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى بغداد، في الثالث عشر من الشهر الجاري، تتصاعد الأحاديث في الكواليس السياسية عن رسائل أمريكية للعراق بضرورة حل وتفكيك الفصائل المسلحة الموالية إيران، وفيما استبعد مقرب من رئيس الحكومة حصول ذلك في ظل تحول الفصائل إلى “أمر واقع”، حذر مراقبون من أن المستقبل ليس في صالح تلك الفصائل “ما لم تحدث معجزة”.

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قام بزيارة إلى العراق يوم 13 كانون الأول ديسمبر الحالي، التقى خلالها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مما زاد من حدة التساؤلات عن موقف الحكومة العراقية والفصائل المسلحة من التطورات الإقليمية.

وحسب مصادر متطابقة، فإن بلينكن أوصل رسالة شفهية من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى السوداني بشأن عدم التدخّل في الوضع السوري، فضلا عن دعوته إلى منع خوض الفصائل المدعومة من إيران مواجهة مسلّحة مع الفصائل السورية أو أن تتلاعب بأمن المنطقة.كما كشف مسؤول أمريكي، لشبكة CNN، أن بلينكن طلب من السوداني “اتخاذ إجراءات صارمة” ضد الميليشيات المدعومة من طهران في بلاده، ووصف المسؤول الطلبات بأنها “واسعة النطاق”.

وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي المقرب من رئيس الحكومة عائد الهلالي، خلال حديث، إن “الساحة السياسية تشهد نقاشا محوريا حول الضغوط الأمريكية على الحكومة العراقية، فالولايات المتحدة منذ بداية تشكيل الحكومة الحالية، كانت تواصل التأكيد على ضرورة تقليص تأثير الفصائل المسلحة، خصوصا تلك المدعومة من إيران”.

ويتابع الهلالي: “في السابق، وتحت إدارة الرئيس ترامب، كانت هناك مخاوف أمريكية من تصاعد نفوذ الفصائل المسلحة المدعومة إيرانيا، حيث كان هناك دعم أمريكي مستمر للحكومة العراقية لمكافحة هذه الفصائل من خلال تطبيق سيادة الدولة، كما كانت هناك دعوات متكرّرة لتقليص الهجمات ضد القوات الأمريكية في العراق”.

ويشير إلى أن “ضغوط الولايات المتحدة على الحكومة العراقية لم تقتصر على ما يتعلق بالجانب العسكري والأمني، بل تطالب أيضا بتطوير مؤسسات الدولة وتفعيل القانون بحيث تقتصر السلطات على القوات المسلحة النظامية فقط، وهو ما يراه بعض السياسيين والمراقبين جزءا من المحاولات الأمريكية لتحجيم التأثير الإيراني في العراق”.

وحول وجهة نظر الحكومة، يوضح الهلالي، أن “السوداني وبعض القوى العراقية يرون أن الحديث عن الضغوط الأمريكية من أجل حل الفصائل المسلحة قد يكون مبالغا فيه أو أنها أمانٍ من أطراف داخلية وخارجية تسعى لتقويض الاستقرار في العراق، فالسوداني، الذي جاء إلى السلطة في وقت كانت الحكومة العراقية تواجه تحديات كبيرة، يرى أن العراق بدأ يشهد تقدما ملموسا في استعادة استقراره وأمنه”.

كما يؤكد أن “رئيس الحكومة يؤمن ويصرح بأن الفصائل المسلحة جزء من الواقع السياسي في البلاد، وأن تفكيكها أو حلها مسألة صعبة لا يمكن فرضها من الخارج بسهولة، وهو ما تجده أطراف داخلية متأثرة بالوجود الفصائلي، مثل الأحزاب الشيعية والفصائل المسلحة، رسائل طمأنة”.ويكمل أن “الولايات المتحدة لن تتوقف عن الضغط على الحكومة العراقية لتطبيق سيادتها بشكل كامل، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن هذه الضغوط تأتي في شكل اشتراطات قاسية قد تؤدي إلى حلول سريعة بشأن الفصائل المسلحة”.

وكانت “” قد كشفت عن مغادرة العديد من قادة الفصائل المسلحة العراقية نحو دولة أوروبية حليفة ومجاورة لروسيا، خوفا من عمليات اغتيال أو استهداف قد تطالهم خلال الفترة المقبلة، في ظل تعدد الرسائل الأمريكية بضرورة إنهاء وجود تلك الفصائل وحلها بالكامل.

من جهته، يعتقد المحلل السياسي غالب الدعمي، أن “العالم والموقف الدولي يسير الآن باتجاه إنهاء الجماعات التي لا تخضع لسيطرة أي دولة، وهذا الحديث لا يشمل العراق فقط، بل كل دول العالم، وهذه القصة بدأت بإنهاء فاغنر الروسي بعدما تم اغتياله وتفكيك مجموعته سواء في سوريا أو إفريقيا وغيرها”.ومجموعة فاغنر هي منظمة روسية شبه عسكرية، وصفها البعض بأنها شركة عسكرية خاصة (أو وكالة خاصة للتعاقد العسكري) وقيل إن مقاوليها شاركوا في صراعات مختلفة، بما في ذلك العمليات في الحرب الأهلية السورية إلى جانب الحكومة السورية.

ويجد الدعمي أن “العراق أيضا يسير بهذا الاتجاه، وهو فرض سيادة الدولة على جميع التشكيلات والجماعات، لاسيما بعد تعرض محور المقاومة إلى هزات قوية في جنوب لبنان وغزة وسوريا، إذ أصبحت الأنظار تتوجه إلى ثلاث جهات هي الفصائل العراقية والحوثيون في اليمن وإيران”.وعن مستقبل هذه الفصائل في عهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، يعبّر بالقول: “إذا لم تحدث معجزة، فالمستقبل لن يكون في صالح الفصائل ومحور المقاومة على الإطلاق، لأن هناك رؤية وقرارا دوليا بعدم السماح لأي جماعات مسلحة بأي عنوان كانت بالعمل خارج إطار أي دولة في العالم”.

وكان غبريال صوما، عضو المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، أكد أن الأخير سيعمل عند توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، على عدة أهداف في العراق، أبرزها “منع النفوذ الإيراني بمختلف أشكاله، كما سيعمل على منع أي من الفصائل العراقية من مهاجمة إسرائيل بأي شكل من الأشكال، وتحت أي حجة وذريعة كانت، وهذا سيكون أولى أهداف الرئيس ترامب”.

إلى ذلك، يرى مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، أن “الولايات المتحدة الأمريكية عندما تواصل ضغوطها على العراق، تركز على أهمية وجود جيش وطني واحد في الدولة وليس عدة جيوش وفصائل فوق القوات العراقية، أو دولة داخل دولة”.ويضيف فيصل: “في الواقع هناك 34 فصيلا تنشط وترتبط بالتسليح والتمويل والدعم اللوجستي بالحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، وتتلقى أوامرها من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي من قم، بوصفها تقلد مرجعيته”.

ويشير إلى أن “الولايات المتحدة تنتقد صلة هذه الفصائل العراقية بإيران وارتباطها بالحرس الثوري ودورها في حرب جنوب لبنان وسوريا وفي اليمن، إضافة إلى البيانات التي تصدر من قيادات هذه الفصائل وتعلن المقاومة ضد المصالح والسفارة الأمريكية باعتبارها مواقع للاحتلال الأمريكي وتجيز لنفسها قصف هذه السفارة بصواريخ الكاتيوشا والطائرات المسيرة”.

ويكمل أن “هذه الفصائل التي تريد أمريكا تفكيكها هي من يعلن الحرب على الولايات المتحدة معتبرة الحكومة العراقية حكومة احتلال، لذا فإن الولايات المتحدة تراها جسما خارج إطار الدولة لا تلتزم بالدستور والقانون وأوامر القائد العام للقوات المسلحة، بل بمشروع جهادي يرتبط بإستراتيجية إيران لبناء دولة ولاية الفقيه على الصعيد العالمي”.

وشكل سقوط نظام بشار الأسد في سوريا ضربة قاصمة للمحور الإيراني، ولم يعد حلم إيران بالوصول إلى البحر المتوسط وإنشاء طوق من النار حول إسرائيل والوجود الأمريكي ممكنا، لأن انهيار نظام بشار الأسد، في سوريا قطع الطريق، وبدد نظرية “الهلال الشيعي” على نحو سريع ومفاجئ.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة