19 Jul
19Jul

تتصاعد الدعوات في الأوساط السياسية لتشريع قانون يجرّم الإساءة للرموز الدينية، بعد أحداث أمنية عدّة شهدتها البلاد بسبب هذا الملف، لكن مراقباً لم يخف خشيته من أن يستخدم هكذا قانون لتكميم الأفواه، وفيما يدعو حزب الدعوة لشمول "الاعتداء" على مقار الأحزاب بالقانون المذكور، يتهم التيار الصدري، قيادة الحزب بالسعي لخلط الأوراق، وعرقلة تشريع القانون.

ويقول المحلل السياسي المقرّب من التيار الصدري عصام حسين، إن "قانون تجريم الإساءة للرموز الدينية أصبح ضرورة، لكن هناك خشية من وضع أجندة سياسية خاصة بهذا القانون من قبل بعض الأطراف السياسية".

ويضيف حسين، أن "حزب الدعوة وضع فقرات في قانون تجريم الإساءة للرموز الدينية، يمنع حتى الاعتداء على مقرات الأحزاب، وذلك لعرقلة مشروع هذا القانون، فهذا الحزب يتعمّد الإساءة للرموز الدينية واستخدام اللغة الطائفية في خطابهم، فهكذا مشروع لا يخدمه، ولهذا هم يريدون بعض الإضافات غير المنطقية لعرقلة تمرير القانون من الأساس".

ويبين أن "شمول مقرات الأحزاب، ضمن فقرات قانون تجريم الإساءة للرموز الدينية، أمر مرفوض، فهذا الأمر ربما يُدخل حتى الإساءة لرئيس الحزب والنائب إلى القانون، بل قد يصل الأمر إلى مرشح الحزب، وشمول كل هذه التسميات، يُفرغ القانون من محتواه".

يذكر أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أصدر تغريدة أمس الأول الإثنين، أكد فيها أن اجتماع بعض القوى السياسية البرلمانية لسنّ قانون تجريم سب العلماء يعطي الأمل لنزع فتيل الفتنة، كما طالب بالدقة في صياغة بنود القانون وأن لا يكون سيفا ذي حدين.

ويأتي طرح هذا القانون، بعد أن أقدم أنصار الصدر على مهاجمة مكاتب حزب الدعوة جناح رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وأغلقوا الكثير منها في بعض محافظات الوسط والجنوب، كما مزقوا صور المالكي وأحرقوها، فضلا عن هتافهم بنداءات تؤيد الصدر خلال عملية اقتحام مقار الحزب، وذلك على خلفية إعلان رئيس الكتلة الصدرية السابق حسن العذاري، وجود منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي تسيء إلى سمعة وسيرة المرجع الديني الراحل محمد الصدر (والد مقتدى الصدر) وتتهمه بالعلاقة من نظام البعث، متهما حزب الدعة بالوقوف خلف هذه الحملة.

يشار إلى أن مجلس القضاء الأعلى وجه بتشديد الإجراءات بحق مرتكبي جرائم الإساءة إلى الرموز والمعتقدات الدينية، كما أن ائتلاف إدارة الدولة عقد اجتماعا في القصر الحكومي بحضور رئيسي مجلس الوزراء ومجلس النواب وقادة ورؤساء الكتل السياسية، ودعا إلى ضرورة التحلّي بالحكمة وعدم الانجرار خلف الأصوات الداعية ضمناً وعلانيةً إلى الفتنة، وضرورة الوقوف بمسؤولية تجاه أي إساءة إلى الأمن المجتمعي والسلم الأهلي.

من جهته، يجد القيادي في حزب الدعوة رسول راضي أبو حسنة، أن "الهدف من تشريع قانون تجريم الإساءة للرموز الدينية، هو منع أي إساءة لهذه الرموز من قبل أي شخص وجهة، وليس هناك أي هدف غير ذلك من أجل تقييد حرية التعبير أو غيرها، فحرية التعبير لا تعني الإساءة بكل تأكيد".

ويبين أبو حسنة، أن "الاعتداء على المقرات الحزبية الرسمية، والمجازة بشكل رسمي تكررت كثيراً، ولذا نرى من الضرورة وجود تشريع جديد يجرم هذا الفعل بشكل واضح وعلني، رغم أن القوانين العراقية النافذة تمنع ذلك وتحاسب كل من يقوم بهذا الفعل، الذي يندرج ضمن الأعمال الإرهابية والخارجة عن القانون".

ويضيف القيادي في حزب الدعوة، أن "هناك إجماعاً سياسياً على تشريع قانون تجريم الإساءة للرموز الدينية خلال الفترة المقبلة، وفقرات هذا القانون ستتم مناقشتها بشكل مفصل ودقيق ما بين الأطراف السياسية داخل قبة البرلمان، بمشاركة اللجان البرلمانية المختصة".

وكان حزب الدعوة طالب فجر أمس الأول، بإقرار قوانين عدة وليس تجريم الاعتداء على المراجع والمراقد فقط، بل منها أيضا تجريم الاعتداء على مقار الاحزاب والمؤسسات الرسمية، وقانون جرائم المعلوماتية.

يذكر أن حركة عصائب أهل الحق وعلى لسان القيادي فيها جواد الطليباوي، أكدت قبل أيام أنه لـ"الحدّ من هذه التجاوزات المسيئة، ومحاسبة مرتكبيها، نطالب السلطات العراقية التشريعية، بتشريع قانون يمنع الإساءة لمراجعنا العظام (قدّس الله أسرار الماضين وأدام الله ظلّ الباقين)، فهم صمّام أمان الأُمة، وعنوان فخرها ومجدها وشرفها".

بالمقابل، يعتقد رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، أن "تشريع قانون تجريم الإساءة للرموز الدينية ضرورة من أجل إيقاف هكذا إساءات، خصوصاً أنها تسببت بكثير من المشاكل داخل المجتمع وتسببت بزعزعة الاستقرار المجتمعي، ولهذا يجب أن تكون هناك إجراءات رادعة لمنع هكذا إساءات".

ويضيف فيصل أن "هناك خشية في الوقت نفسه، من جعل هذا القانون لتكميم الأفواه، بحجة أن هناك إساءة للرموز، فهذا القانون يجب أن لا يشمل الجهات والشخصيات السياسيات، ويكون مختصرا فقط على الرموز الدينية والتاريخية، فهناك خشية من أن يكون القانون لمصادرة حرية التعبير، وجعله مطاطياً ويستخدم لغير الأهداف الحقيقية التي شرع على أساسها".

وبين رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية انه "يجب توخي الدقة في قضية صياغة هذا القانون ومنع أي أجندة سياسية ضمن فقراته تهدف إلى خلق حجة لتكميم الأفواه، فالنقد للجهات والأطراف السياسية، ليس له أي علاقة بقضية الإساءة للرموز الدينية، ولهذا يجب إبعاد القانون عن الأجندة السياسية، التي تريد بعض الأطراف إدخالها ضمن فقرات القانون لمصالحها الشخصية".

وغالبا ما يبدي صحفيون وناشطون قلقا استباقيا من القوانين التي تسن في البرلمان، خشية شمولها فقرات تحد من حرية التعبير واحتوائها "مطاطية" لتطويعها من أجل تقييد أصحاب الرأي، إذ وجهوا انتقادات سابقة في تقارير، لقوانين عدة منها قانون حرية التعبير عن الرأي، وقانون جرائم المعلوماتية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة