17 Oct
17Oct

التوجيه الذي أصدره رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بحل هيئة المساءلة والعدالة، فجّر جدلا سياسيا وقانونيا حول تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الذي سبق تشكيل الحكومة.

وفيما ربط مقربون من الحلبوسي، الأمر بتنفيذ بنود الاتفاق، رغم تسويف العمل به من قبل الإطار التنسيقي، هاجم الأخير هذا التوجه، واعتبره بمثابة إعادة لحزب البعث إلى الواجهة، في حين رأى قانوني خطأ هذه الخطوة، لأنها بحاجة إلى تشريع نيابي، لكونها تعمل وفق قانون مصوت عليه نيابيا، ولن تلغى بأمر أو قرار.

ويقول المحلل السياسي المقرب من تحالف السيادة، علي نجدية، خلال حديث لـه إن "ما صدر من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بشأن حل هيئة المساءلة والعدالة هو ليس بطلب بل هو أمر صادر من رئيس أعلى سلطة تشريعية في البلاد، وهذا الأمر جاء بسبب انتفاء الحاجة إلى وجود الهيئة".

وكان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وجه أمس الأول الأحد، كتابا إلى هيئة المساءلة والعدالة، يقضي بحل الهيئة لانتهاء مهامها.

ويشير نجدية، إلى أنه "بعد مرور اكثر من 20 عاماً، ليس من المعقول بقاء عمل هذه الهيئة، إذ يفترض أنها أنهت كل اعمالها وحان الوقت لإنهاء وجودها، وهذا الأمر اكيد لا يهدف إلى عودة البعثيين، فأي شخص مؤشر مشمول بالاجتثاث سيبقى كذلك حتى ما بعد حل الهيئة".

ويتابع أن "حل هيئة المساءلة والعدالة، كان ضمن ورقة الاتفاق السياسي، والقوى السياسية متفقة عليه بما فيها الإطار التنسيقي، بالتالي هو ملزم بتطبيق هذا الاتفاق، الذي ينص على حل هيئة المساءلة والعدالة، خصوصاً وأن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني جاد بتطبيق كل بنود الاتفاق السياسي، لكن ربما يكون هناك تسويف أو مماطلة من قبل بعض الأطراف، لكن في النهاية سيكون هناك حل للهيئة".

يشار إلى أن رئيس هيئة المساءلة والعدالة باسم البدري، أكد في تصريح سابق، بعد تشكيل الحكومة الحالية، أن نقل أرشيفها أو حلها من صلاحيات البرلمان وليس الحكومة التي تقدمت بطلب وفق البرنامج الوزاري والاتفاق السياسي، مبينا أن طلب الحكومة إجراء قانوني في إطار الاتفاق السياسي الذي سبق تشكيل الحكومة، لكنه يحتاج إلى أن يكون في المسار الدستوري من خلال تشريع قانون في مجلس النواب ينهي أعمال الهيئة أو ينظم أعمالها بطريقة أخرى.

وكات مصادر مطلعة، كشفت في كانون الأول ديسمبر 2022، عن إرسال الحكومة طلبا إلى هيئة المساءلة والعدالة، يتضمن جمع بيانات المشمولين بالاجتثاث، وكل أرشيفها إلى القضاء، وأن هذا الطلب يمهد لحل الهيئة، وصرف أمورها إلى القضاء حصرا.

يذكر أن الحاكم المدني الأمريكي للعراق بول بريمر، وبعد حل حزب البعث عام 2003، شكل لجنة أسماها لجنة اجتثاث البعث، ثم تم تغيير اسمها فيما بعد إلى هيئة المساءلة والعدالة، وإقرار قانونها في البرلمان عام 2008.

من جهته، يبين القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، خلال حديث لـه أن "هناك مساع من اطراف داخلية وخارجية من أجل عودة البعث إلى الحياة السياسية، لذا هناك دعوات ومناشدات من أجل الغاء هيئة المساءلة والعدالة، حتى تسهل عودة البعث".

ويؤكد أنه "لا يمكن القبول بحل أو الغاء هيئة المساءلة والعدالة، وهناك رفض لهكذا قرار من قبل أطراف سياسية وكذلك قواعد شعبية كبيرة من المجتمع العراقي، فلا يمكن القبول بأي شكل من الاشكال عودة البعثيين تحت أي عنوان وحجة كانت، والاقدام على هكذا خطوة سوف يخلق مشاكل كثيرة".

ويلفت إلى أن "جميع قوى الإطار التنسيقي رافضة بشكل قاطع لعودة البعثيين لمفاصل الدولة وصناعة القرار، وأي توجه نحو حل أو الغاء هيئة المساءلة والعدالة، يجب أن يكون وفق قوانين تمنع أي ثغرة لعودة البعثيين، بالتالي هذا القرار لا يمكن تطبيقه في الوقت الحاضر، ولا يوجد توافق سياسي عليه".

جدير بالذكر، أن ائتلاف إدارة الدولة، وعند تشكيله في أيلول سبتمبر من العام الماضي، فإنه شهد توقيع وثيقة بين الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني من جهة، والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة من جهة أخرى، وفيها مطالب الطرفين الأخيرين، لغرض تنفيذها من قبل الحكومة التي يشكلها الإطار، وذلك لغرض تمريرها، وهو ما جرى في تشرني الأول أكتوبر الماضي، حيث مررت حكومة محمد شياع السوداني بناء على هذه الوثيقة.

ووفقا لتسريب بنود الوثيقة، التي لم تعلن بشكل رسمي، فإنها تضمنت من ضمن بنودها الكثيرة التالي: إلغاء هيئة المساءلة والعدالة وتحويل ملفاتها إلى القضاء والدوائر ذات الشأن، إصدار قانون العفو العام ويستثنى من عمل مع التنظيمات الإرهابية أو ساعد الإرهاب أو ورد اسمه بقوائم الجهات الأمنية، فضلا عن استثناء أي شخص مشمول بالمساءلة والعدالة لكنه شارك بالقتال ضد الإرهاب واستشهد، وشموله بالحقوق التقاعدية.

إلى ذلك، يبين الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، خلال حديث لـه أن "الغاء هيئة المساءلة والعدالة، لا يتم عبر تقديم طلب أو دعوات من قبل أي جهة سياسية أو رسمية، وإنما يكون من خلال تشريع قانون جديد يلغي القانون السابق الذي تعمل وفقه الهيئة".

ويوضح أن "أي قانون لا يمكن أن يلغى إلا من خلال تشريع قانون جديد يلغي السابق، وهذا هو حال هيئة المساءلة والعدالة، فيجب أن يحلها البرلمان عبر تشريع جديد"، مضيفا أن "الحل أيضا مشروط بأن تعلن الهيئة انها أكملت كافة الإجراءات بالأرشفة وغيرها حتى يمكن حلها، ويجب إخبار مجلس النواب بذلك، كونه الجهة الرقابية على عمل الهيئة حتى يتم تحويل ملفها إلى الجهات القضائية".

يذكر أن هيئة المساءلة والعدالة، ما تزال تعمل حتى اليوم، حيث أصدرت قرارات باستبعاد عشرات المرشحين للانتخابات المحلية المقبلة، نظرا لكونهم مشمولين بإجراءاتها.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة