08 Feb
08Feb

حمل القرار المنتظر، بتغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، أوجها عديدة منها إيجابية وأخرى سلبية، وفقا لمتخصصين بالاقتصاد، فالأولى تتمثل بالحد من التضخم وفيها فائدة للمواطن، والأخرى رفع العجز في الموازنة، ما سيعيد الدولة للاقتراض، إذا لم يحصل ترشيد في الإنفاق الحكومي.

ويقول الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، خلال حديث له، إن "سعر الصرف المصادق عليه من قبل مجلس الوزراء سينعكس على السوق العراقية بالسلب والإيجاب، الجانب السلبي يكمن في تبلور عجز كبير في الموازنة، فيما سيكمن الجانب الإيجابي في تقليل أسعار المنتجات والمواد الغذائية داخل العراق".

ويضيف الصوري أن "العجز يمكن تعويضه بالاقتراض الداخلي من المصارف والبنك المركزي، فالاقتراض الداخلي لا يحمّل العراق فوائد وتبعات مستقبلية خطيرة، كما في القروض الخارجية".

ويرى الخبير الاقتصادي أن "القرار الذي اتخذه البنك المركزي بالتشاور مع الحكومة صائب من وجهة نظري، تبعاً للظرف الحالي، حيث انخفضت القوة الشرائية للمواطن العراقي، وقل التداول داخل السوق العراقية، لذا فأنه سيصب في مصلحة المواطن، يترافق ذلك مع زيادة الطلب على النفط".

وكان مجلس الوزراء، صادق يوم أمس، على قرار مجلس إدارة البنك المركزي بتعديل سعر صرف الدولار مقابل الدينار، ليكون السعر: 1300 دينار للدولار سعر الشراء من وزارة المالية، 1310 دنانير للدولار سعر البيع للمصارف و1320 ديناراً للدولار سعر البيع من قبل المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية للمستفيد النهائي.

يشار إلى أن مصادر تناولت يوم أمس، خطوة تخفيض سعر صرف الدينار أمام الدولار، وبحسب المتخصصين بالاقتصاد، فأن هذه الخطوة لن تحد من الأزمة القائمة، بل يجب وضع حد لتهريب العملة.

يذكر أن توقعات عديدة صدرت بشأن موازنة العام الحالي، ومنها أنها الأكبر بتاريخ البلد، وبعجز كبير أيضا، نظرا لارتفاع النفقات التشغيلية، وخاصة الرواتب والتعيينات وتثبيت أصحاب العقود وزيادة عدد المشمولين بالرعاية الاجتماعية.

جدير بالذكر أن موازنة العام 2021، بلغت قيمتها 129 ترليون دينار، وبنسبة عجز بلغت 28 تريليون دينار.

يذكر أن أسعار النفط حاليا أقل عما كانت عليه العام الماضي، حيث كانت أكثر من 110 دولارات، وحاليا تبلغ 85 دولارا كمعدل.

لكن الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، يوضح، خلال حديث له أن "القرار الأخير لمجلس الوزراء والبنك المركزي قرار سياسي أكثر من كونه قراراً اقتصادياً، فمن الناحية الاقتصادية قرار تغيير سعر الصرف غالباً ما يصب في مصلحة مكافحة التضخم، لكنه من أصعب الإجراءات وأعقدها، وتداعياته السلبية باهظة الثمن، ولا ينصح الأخذ به إلا بعد استيفاء شروط اقتصادية صعبة التحقق".

ويضيف المرسومي أن "تغيير سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار وبفارق كبير عن سعر الصرف السابق سيؤدي لتداعيات خطيرة على الاقتصاد العراقي، إذ سيرفع العجز بشكل كبير داخل الموازنة، يتزامن ذلك مع انخفاض تدريجي لأسعار النفط، ففي عام 2022 كانت عائدات العراق الشهرية من النفط تبلغ 10 مليارات دولار، أما خلال العام الجاري فقد بلغت 7 مليارات دولار للشهر الواحد، وبالتالي من المؤمل أن تنخفض عائدات العراق لهذا العام بنسبة 30 مليار دولار".

ويبين أن "الإنفاق العام كبير جداً في موازنة عام 2023، خاصة في فقرتي الرواتب والرعاية الاجتماعية، التي بلغت أكثر من 200 تريليون دينار عراقي، وهذا سيؤدي إلى زيادة الطلب على الدينار والضغط عليه، إضافة إلى ذلك تعد الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف الموازي كبيرة جداً، ومع وجود المنصة الالكترونية سوف نشهد ضغطاً مضاعفاً على العملة الوطنية مع ارتفاع في معدلات التضخم، ليشهد الدينار انخفاضاً تدريجياً في الأيام القادمة".

وكانت الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، غيرت سعر صرف الدينار أمام الدولار، أواخر عام 2020 في ظل أزمة مالية كبيرة، وحددته في حينها بـ1450 دينارا لكل دولار، بعد أن كان 1118 دينارا لكل دولار.

يشار إلى أن وزير المالية السابق علي علاوي، أعلن سابقا، أن خفض قيمة الدينار العراقي أدى إلى الحفاظ على احتياطيات العملة الأجنبية لدى البنك المركزي العراقي بعد المستويات المنخفضة والحرجة التي وصلت إليها في أواخر عام 2020، كما أن التعافي في أسعار النفط والإدارة المالية "الحكيمة"، ساعد على بلوغ الاحتياطي المالي 70 مليار دولار بحلول نيسان أبريل الماضي، ومن المتوقع أن يؤدي التعافي المستمر لأسعار النفط إلى زيادة هذه الاحتياطيات لأكثر من 90 مليار دولار بحلول نهاية العام الحالي.

ويأتي قرار خفض سعر صرف الدينار، بعد أن شهدت مدينة إسطنبول التركية، الجمعة الماضية، اختتام اجتماعات البنك المركزي العراقي مع الخزانة الأمريكية، وحسب بيان البنك المركزي فأن وزارة الخزانة الامريكية أكدت دعمها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في العراق، وأبدت استعدادها للمرونة اللازمة لتحقيق الأهداف المشتركة، إلى جانب مكالمة هاتفية أجريت بين رئيس الحكومة محمد شياع السوداني والرئيس الأمريكي جو بايدن، من قبل البيت الأبيض، وتضمنت مناقشة جدول الأعمال الاقتصادي لرئيس الوزراء وخططه لضمان تلبية الاقتصاد العراقي لاحتياجات العراقيين، واستعداد الولايات المتحدة لتأييد سياسته بالكامل.

إلى ذلك، يوضح الخبير الاقتصادي قصي صفوان، خلال حديث لـه، أن "هناك طلبا على الدولار في السوق الموازي، من قبل التجار والشركات غير النظامية، التي لا تلتزم بمعايير البنك المركزي والخزانة الأمريكية، ولكن في الوقت ذاته سوف تتيح أسعار الصرف الواطئة للشركات العملاقة المنافسة بقوة في السوق العراقية، وسيجبر ذلك الشركات غير النظامية على رفع أسعارها، تبعاً لسعر صرف السوق الموازي العالي".

ويكمل أن "الحكومة تحتاج للحفاظ على الدينار العراقي من التضرر إلى إجراءات قانونية غير تقليل سعر الصرف، من قبيل السيطرة على المنافذ الحدودية، ومنع المضاربين بالعملة، الذين يدخلون سلعا داخل العراق دون تحويلات خارجية نظامية، فضلاً عن دعم الإنتاج المحلي، والتركيز على دعم الماركات عالية الجودة، مع محاولات لإقناع البنك الفدرالي الأمريكي بزيادة حصة العراق من الدولار، مع السماح بتحويلات رسمية للدولار في التعاملات التجارية مع الدول المعاقبة مثل إيران وروسيا".

ويضيف أن "سعر الصرف الحالي سوف يضع الحكومة تحت ضغط العجز المالي، الذي يجب تعويضه عبر ترشيد الإنفاق الحكومي بالدينار العراقي أو الإنفاق التشغيلي، دون اللجوء للاقتراض الخارجي والاستعانة بالخزين الاحتياطي للبنك المركزي، كونه خزين استراتيجي للأجيال القادمة".

جدير بالذكر، أن مبيعات البنك المركزي اليومية من الدولار، انخفضت خلال الفترة الماضية من 300 مليون دولار يوميا إلى نحو 50 مليون دولار كمعدل، بعد تشديد الرقابة على الدولار وفرض ضوابط لشراء الدولار، لكنها شهدت تحسنا قبل أيام قليلة لتبلغ نحو 100 مليون دولار.

وخلال الفترة الماضية، خضعت المصارف العراقية، إلى ضوابط صارمة للحد من تهريب العملة خارج البلد، وذلك بإشراف أمريكي، لاسيما وأن وزارة الخزانة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على المصارف، وذلك بعد فرض عقوبات على 4 مصارف مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، ومنها مصرف الشرق الأوسط، ما تسبب برفع سعر صرف الدولار في السوق المحلية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة