رفضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة، ذات الأغلبية المحافظة، طلباً بمنع السلطة التنفيذية من التدخل لدى شبكات التواصل الاجتماعي لإزالة المحتوى، الذي ترى أنه يطرح إشكالية، ولا سيما في المسائل الصحية.
وبأغلبية 6 أصوات من إجمالي 9 قضاة (6 محافظين و3 تقدميين) بينهم رئيس المحكمة جون روبرتس، رأى القضاة أن المدعين ليس لديهم "مصلحة للتحرّك"، وهو شرط لكي تقبل المحكمة الدعوى لاتخاذ إجراء قانوني، وبالتالي فإن قرار الاستئناف الذي تم تعليقه، في حكم الملغى.
وقالت القاضية إيمي كوني باريت، نيابة عن الأغلبية: "يطلب المدّعون، دون وجود أيّ رابط ملموس بين الضرر اللاحق بهم وسلوك المدعى عليهم، منّا إجراء مراجعة للاتصالات التي استمرت سنوات بين عشرات المسؤولين الفيدراليين، عبر وكالات مختلفة، ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة، بشأن موضوعات مختلفة".
وأضافت أنّ "مبدأ المحكمة يمنعنا من (ممارسة مثل) هذه الرقابة القانونية العامّة على الفروع الأخرى للحكومة".
وكتبت نيابة عن المحكمة في نص القرار، أن "الولايات والأطراف الأخرى لم يكن لها الحق القانوني أو الصفة القانونية لإقامة الدعوى".
وجاءت القضية نتيجة دعوى أقامها المدّعيان العامّان الجمهوريان في ولايتي لويزيانا وميسوري، اللذان قالا إنّ المسؤولين الحكوميين تمادوا في محاولاتهم جعل منصّات التواصل الاجتماعي تكافح المعلومات المضلّلة المتعلّقة باللقاحات والانتخابات، منتهكين بذلك التعديل الأول من الدستور الأميركي الذي يرتبط بحرية التعبير لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت محكمة أدنى درجة منعت، العام الماضي، مسؤولين كباراً، ووكالات في إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن من الاجتماع والتواصل مع شركات مواقع التواصل الاجتماعي لتعديل محتواها.
ويشكّل القرار الأخير، انتكاسة للناشطين المحافظين الذي يقولون إنّ الحكومة ضغطت أو تواطأت مع منصّات مثل فيسبوك و"إكس"، لفرض رقابة على المحتوى اليميني تحت ستار مكافحة المعلومات المضلّلة.
وهذا القرار يعني رفض تقييد سلطة البيت الأبيض والوكالات الحكومية مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، في التدخل لدى منصات التواصل الاجتماعي لطلب حذف منشورات تراها "مضللة"، ما يمنح إدارة بايدن "انتصاراً قانونياً" في عام انتخابي حاسم.
وكانت سلطة إدارة بايدن في التدخل لدى شركات التواصل الاجتماعي محل نزاع قانوني خلال السنوات الماضية، إذ اتهمت دعوى أقامها المدّعيان العامّان الجمهوريان في ولايتي لويزيانا وميسوري عام 2022، العديد من الوكالات الحكومية بـ"ممارسة ضغوط غير قانونية" على منصات التواصل الاجتماعي أو إجبارها على إزالة المحتوى الذي ينشر، ووصفه مسؤولون بأنه معلومات كاذبة أو مضللة عن جائحة كورونا، والانتخابات الرئاسية عام 2020، وغيرها من القضايا.
واتهم مسؤولون جمهوريون إدارة بايدن بـ"ممارسة الرقابة"، ومحاولة إسكات الأصوات التي لا تتفق معها. وزعم المسؤولون في الولايتين (لويزيانا وميسوري) بأن موظفي الاتصالات في البيت الأبيض، وFBI، ووكالة الأمن السيبراني الأميركية كانوا من بين الذين مارسوا "ضغوطاً مكثفة"، من أجل تغيير المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي.
وكانت محكمة فيدرالية أصدرت حكماً لصالح المسؤولين الجمهوريين، العام الماضي، حين منعت مؤقتاً المسؤولين الحكوميين من التواصل مع مسؤولي شركات التواصل الاجتماعي، إلّا في مسائل تتعلق بتنفيذ القانون أو الأمن القومي.
وأيّدت الحكم محكمة استئناف، في سبتمبر الماضي، لكنها قيدت نطاقه، من خلال استثناء بعض الوكالات الحكومية، ومنها مركز المشاركة العالمي.
وأكدت إدارة بايدن هذه المخاوف، عندما أشارت إلى أن الحكومة ستفقد قدرتها على التواصل مع شركات وسائل التواصل الاجتماعي بشأن المنشورات المعادية للسامية والمعادية للمسلمين، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالأمن القومي، والصحة العامة، ونزاهة الانتخابات.
غير أن قضاة المحكمة العليا بدوا بشكل عام متشككين في ادعاءات الجمهوريين خلال المرافعات في مارس، وعبّر بعض القضاة عن قلقهم أن المعاملات العادية بين المسؤولين الحكوميين والمنصات يمكن أن تتأثر بحكم لصالح الولايات.
وهذه القضية هي واحدة من قضايا عدّة تنظّرها المحكمة هذا الفصل، تتعلق بشركات وسائل التواصل الاجتماعي في سياق حرية التعبير.
وفي فبراير/ شباط، استمعت المحكمة إلى مرافعات بشأن قوانين جمهورية في فلوريدا وتكساس، تحظر على شركات وسائل التواصل الاجتماعي الكبيرة حجب المنشورات، بسبب الآراء التي تعبر عنها.
وفي مارس/ آذار، وضعت المحكمة معايير تحدد متى يمكن للمسؤولين الحكوميين حظر متابعيهم على وسائل التواصل الاجتماعي.