18 May
18May

يعد قضاء الرطبة في أقصى غربي محافظة الأنبار، مدخلا للعراق وأول مدينة يصادفها الوافد إلى البلاد، من جهة الغرب، إلا أن تلك الواجهة تعاني من تدهور كبير في الخدمات الأساسية ما دفع سكانها إلى هجرة جماعية نحو المدن الأخرى بحثا عن مستوى معيشي أفضل.
ويبعد قضاء الرطبة نحو 300 كيلومتر عن مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، ويقع على الحدود العراقية الأردنية، ويسكنه ما يقارب 52 ألف نسمة.
ويقول الناشط المدني من أهالي الرطبة، محمد محمود الكبيسي، خلال حديث لـه ، إن “القضاء يعاني من الإهمال، وهناك تقصير من قبل الحكومة المحلية في الأنبار تجاه أهالي الرطبة وعدم التفات لمعاناتهم، فمياه الشرب غير متوفرة لكون أغلب المحطات أصبحت قديمة ومتوقفة”.
ويضيف الكبيسي “كما أن مستشفى القضاء يعاني من إهمال كبير وعدم وجود أجهزة الفحص التخصصية من الرنين والمفراس والأشعة الملونة، كذلك أغلب الطرق الرئيسية والفرعية في المدينة مهملة، بسبب عدم وجود تخصيصات مالية لتعبيد الطرق وإنشاء المشاريع الخدمية”.
ويتابع أن “نسب البطالة مرتفعة بشكل كبير بسبب عدم وجود مشاريع، كما أن أغلب التجار والأهالي باتوا يتركون قضاء الرطبة وينتقلون إلى مناطق أخرى في الأنبار، مثل الرمادي والفلوجة وبعضهم يضطر للاستقرار في العاصمة بغداد”.
وسيطر تنظيم داعش في صيف العام 2015 على قضاء الرطبة ودمر أغلب المؤسسات الحكومية، ما اضطر سكان القضاء للنزوح إلى مناطق أخرى، بينها العاصمة بغداد ومدن إقليم كردستان.
بدوره، يؤكد خالد عبدالكريم (39 عاما)، مواطن من أهالي الرطبة، خلال حديث لـه ، أن “الخدمات الأساسية غائبة بشكل كبير، والمواطن يضطر للسفر إلى الرمادي ويقطع مسافة 300 كيلومتر أو أكثر ويتحمل صعوبة الطريق لغرض العلاج وإجراء العمليات والفحوصات الطبية”.
ويشير عبدالكريم، إلى أن “الرطبة تعاني من التقصير والإهمال الحكومي المتعمد بسبب عدم وجود ممثلين لها في مجلس النواب ومجلس محافظة الأنبار يدافعون عنها ويستحصلون حقوقها، ويطالبون بإنصافها بالتخصيصات المالية”.
ويبين أن “أهم مشكلة في الوقت الحالي التي يعاني منها قضاء الرطبة هي الانقطاع المستمر للمياه ونضطر لشراء الماء من أصحاب الشاحنات أو حفر الآبار، وماء الآبار غير صالح للشرب ويتسبب بأمراض وفيروسات عديدة”.
يشار إلى أن معظم المدن العراقية تعاني من تردي الخدمات الأساسية وتفتقر للبنى التحتية، وفي مقدمتها عدم استقرار الطاقة الكهربائية، وتهالك شبكات مياه الشرب، إلى جانب قلة المستشفيات والمؤسسات الصحية، كما أن معظم الطرق الداخلية والرابطة بين المدن والمحافظات تكثر فيها المطبات والحفر والتكسرات.
إلى ذلك، يحمّل سلام العاني، وهو أحد وجهاء قضاء الرطبة، خلال حديث لـه ، أن “الحكومة المحلية ومحافظ الأنبار هم من يتحملون مسؤولية عدم الاهتمام بالرطبة وإنصافها بالمشاريع المهمة التي تنتشل واقع القضاء”.
ويلفت إلى أن “أغلب مشاريع محافظة الأنبار تتركز على مدينتي الفلوجة والرمادي، وهناك إهمال لأقضية المنطقة الغربية ومنها الرطبة، وهذا يعود إلى أن أغلب أعضاء مجلس المحافظة والنواب الممثلين عن الأنبار هم من تلك المنطقتين”.
ويشير العاني، إلى أن “هناك هجرة كبيرة من السكان بسبب سوء الخدمات، وأيضا نقص فرص العمل، وكذلك انخفاض أسعار العقارات، بسبب عدم وجود مشاريع استراتيجية مهمة تساهم برفع قيمة العقارات في القضاء، كما أن أغلب الأهالي الذين تعرضت منازلهم للدمار على يد تنظيم داعش وبسبب العمليات العسكرية، لم يتم تعويضهم حتى الآن”.
وتسبب تنظيم داعش إبان سيطرته على محافظة الأنبار بتدمير كبير للممتلكات العامة والخاصة والبنى التحتية، وقام بتفخيخ المئات من المنازل بعضها تم تفجيرها وأخرى مفخخة بشكل معقد لا يمكن تفكيكه مما حال دون عودة أصحابها إليها، كما ساهمت عمليات تحرير المدن في تضرر منازل المواطنين.
من جهته، يوضح قائممقام الرطبة عماد الريشاوي، خلال حديث له، أن “قضاء الرطبة أفضل حالا من مدن عديدة في الأنبار وعموم العراق، وبالنسبة لمشكلة الكهرباء، فقد تم حلها بشكل نهائي، بعد افتتاح الخط الأردني، والآن تجهيز الطاقة الكهربائية في الرطبة على أعلى المستويات”.
وكان وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، قد زار القضاء الواقع قرب الحدود العراقية الأردنية في 30 آذار مارس الماضي، لافتتاح وتشغيل مشروع الربط الكهربائي العراقي الأردني بمرحلته الأولى، والتي أعلن عن تأمينها نحو 50 ميغاواط، بعد الحرمان من الكهرباء لأكثر من 10 سنوات.
ويشدد الريشاوي، على أن “الخدمات الصحية جيدة، ومستشفى القضاء فيه طبيبة نسائية وطبيب باطنية، والمستشفى يجري عمليات بالمجان، ولدينا ثلاثة مراكز صحية أخرى، ولكن مع ذلك نحتاج لبناء مستشفى جديد، كون المستشفى الحالي يحتاج إلى إعادة ترميم والتكلفة هي بحدود أربعة مليارات دينار، ولا يوجد تخصيص في الوقت الحالي”.
ويواصل “أما مشكلة الماء فهي أن الرطبة تقع في منطقة صحراوية لا يمر بها النهر، وبالتالي نعتمد على حفر الآبار، وهنا نحن نحتاج إلى مشاريع خاصة لتصفية وتحلية المياه، وبشأن الخدمات البلدية فهي جيدة، ولكن نحتاج لتخصيصات مالية لشركة مختصة بالتنظيف، وبخصوص الطرق فقد بدأنا بحملة لتعبيد النسبة الأكبر منها وإنشاء ثلاثة مجسرات”.
ويردف “أغلب الدوائر الحكومية تقدم خدماتها للمواطنين، وهناك فرع لشركة ماستر كارد، وأيضا المصارف تقدم القروض للموظفين، وهذا سهل الكثير على المواطنين وباتوا لا يضطرون للسفر إلى الرمادي مركز محافظة الأنبار”.
وتعاني معظم المدن البعيدة عن مراكز المحافظات من تردي الخدمات بشكل واضح، حيث تحظى مدن المركز باهتمام أكبر، كما أن وجود أعضاء في مجالس المحافظات أو مجلس النواب ممثلين للأقضية والنواحي يشكل عاملا مهما لتقديم الخدمات.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة