12 Apr
12Apr

في خضم اللغط المتجدد حول فقدان العراق لمياهه الدولية، وتحميل المتخصصين للحكومات المتعاقبة مسؤولية ما يجري نظرا لإهمالها هذا الملف، كشف خبراء بترسيم الحدود والبحار عن تلقيهم تهديدات كثيرة وصلت للتصفيات الجسدية، ما دفع بعضهم لترك منازلهم ووظائفهم، بفعل إصرارهم على كشف خفايا ما يجري وخاصة عمليات شراء الذمم الجارية بين المسؤولين لصالح دول مجاورة، وهو ما وصفه خبراء بالأمن، دليلا على "غياب الدولة" وسيطرة الجماعات المسلحة على الملفات الحساسة، ولا سيما الملفات المرتبطة بدول الجوار، محذرين من تبعات خطيرة لاستمرار هذا الانفلات.

وبين الخبراء الذين حرصوا على عدم نشر أسمائهم، أن "التحذيرات تطورت إلى تهديد صريح، دفعنا إلى مغادرة منازلنا والانتقال لمناطق بعيدة أو قرب عشائرنا بهدف الحصول على الحماية، لكنها استمرت نظرا لاستمرارنا بكشف معلومات هامة ومخفية حول إهمال وفساد الجهات المعنية العراقية لملف المياه الدولية، لاسيما المتعلقة منها بالكويت وخور عبدالله والقناة الملاحية العراقية المقابلة للسواحل الكويتية".

ويضيف الخبراء، أن "التهديدات وردت من جهات معروفة بتنفيذ عمليات الاغتيال في العراق، وبلغت مرحلة إيصال رسائل بوضع عبوات ناسفة أمام منازلنا أو في سياراتنا، إلى جانب فتح مجالس تحقيقية ضدنا، ودائما ما يجري استدعاؤنا لها والتحقيق حول ما نقوله للإعلام بشأن ضياع المياه العراقية واستيلاء الكويت عليها".

ويؤكد الخبراء، "لم نقف مكتوفي الأيدي، بل توجهنا لأعلى الجهات الأمنية وتواصلنا مع رؤساء الحكومات، وخاصة السابقة، بهدف توفير الحماية وإيقاف التهديدات، لكن ما جرى هو العكس، حيث ارتفعت حدة التهديدات ولم تتراجع، ما اضطرنا أخيرا إلى الصمت عما يجري، وبتنا لا نستطيع الدفاع وكشف حقيقة ضياع جزء من العراق، هو الأهم وهو المنفذ البحري الوحيد له".

ويعد ملف المياه العراقية الدولية، من أهم الملفات التي لم تحسم، فبعد أن أثيرت قبل سنوات قضية "بيع" العراق لخور عبدالله إلى الكويت وجرى اتهام مسؤولين عراقيين بالحصول على رشى كبيرة، يتجدد الحديث الآن حول القناة البحرية، والتي تقع بعد مدخل خورعبدالله، حيث بدأت اجتماعات إيرانية كويتية لترسيمها دون مشاركة العراق.

وكشفت مصادر يوم أمس، عن التفاصيل الكاملة لضياع حقوق العراق بالمساحة المائية الدولية، وتتمثل بعدم ترسيمها من الجانب العراقي لغاية الآن، ما دفع الكويت وإيران إلى البدء بترسيم هذه المنطقة والاستيلاء عليها، وفقدان العراق لحقوقه فيها، خاصة وأنها تبلغ 300 ميل بحري.

يشار إلى أن تقرير سابق،كشف أن اللجان العراقية الخاصة بترسيم الحدود، قدمت نقاط أساسٍ وهمية تمكنت الكويت خلالها من الوصول إلى المدد الزمنية المطلوبة للحصول على ترسيم جديد وغلق القناة الملاحية للعراق.

إلى ذلك، يبين الخبير في الشأن الأمني العميد المتقاعد عدنان الكناني، خلال حديث لـه أن "أي خبير أو ناشط يقدم على كشف الحقائق التي تخص حقوق العراق مما يتم التجاوز عليها من قبل دول الجوار، يتم تهديده، وهذا ما يحصل دائما بأي ملف يتم كشفه ويتعلق بدول الجوار".

ويوجه الكناني أصابع الاتهام إلى "ميليشيات تعمل وفق أجندة خارجية، هي من تعمل على تهديد أو حتى تصفية أي شخصية تريد كشف الحقائق والدفاع عن حقوق العراق والعراقيين، خصوصاً بقضية المياه والاقتصاد وغيرها من الملفات".

ويضيف، أنه "رغم كل التهديدات التي تصل الى هؤلاء الخبراء والناشطين، هناك صمت حكومي مريب لحماية هؤلاء والدفاع عنهم، وهذا ما يؤكد ضعف الدولة في مواجهة المليشيات، التي تعمل داخل الدولة العراقية من أجل مصالح الدول الأجنبية"..

وشاعت ظاهرة تهديد الخبراء والناشطين واختطافهم أو حتى اغتيالهم، منذ تظاهرات تشرين الأول 2019، حيث شهدت اغتيال عشرات الناشطين الشباب، ومن ثم تطور الأمر وبدأت عمليات اغتيال وتهديد للشخصيات البارزة.

وكان اغتيال الخبير والباحث الاستراتيجي هشام الهاشمي، من أبرز العمليات التي نفذت بعد كشفه في بحث مطول عن خفايا الجماعات المسلحة وتفاصيلها الدقيقة.

من جهته، يؤكد الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد أعياد الطوفان، خلال حديث لـه، أن "جماعات تعمل لصالح دول الجوار مازالت تنشط وبقوة في الشارع العراقي، وهي تعمل على تهديد وتصفية كل خبير أو ناشط يريد كشف حقائق الطبقة السياسية وعمالتها الأجنبية، وهناك الكثير من التهديدات تصل للخبراء بمختلف المجالات الذين يحاولون إنقاذ العراق من الذي هو فيه من كوارث على مختلف الأصعدة".

ويبين الطوفان، أن "هناك تواطؤا كبيرا من قبل أطراف حكومية مع تلك المليشيات، التي تهدد الناشطين والخبراء بمجال المياه والاقتصاد والسياسة والأمن، ولذا فهناك الكثير من الشخصيات ترفض عمل أي لقاءات مع القنوات بسبب التهديدات التي تتعرض لها، وهذا كله بسبب رأي قد يقوله شخص، أو ملف يكشف فساده".

ويشدد الخبير العسكري على أن "الحكومة العراقية مطالبة بوضع حد للتهديدات التي يتعرض لها الكثير من الخبراء والناشطين، وبقاء الوضع كما هو عليه وسط الانفلات الأمني وسيطرة المليشيات على الشارع، يؤثر على مستوى الأمن والاستقرار في العراق عند المجتمع الدولي، وهذا الأمر ستكون له تبعات على الملفات الأخرى الاقتصادية وغيرها، خصوصاً ملف الاستثمار الأجنبي".

جدير بالذكر، أن آخر الشخصيات التي تعرضت للاختطاف، هو الناشط البيئي المعروف على المستوى الدولي جاسم الأسدي، والذي يعد من أبرز المهتمين بقضايا الأهوار وإنعاشها، ومن ثم جرى إطلاق سراحه، ليكشف فيها بعد أن جهة متنفذة هي من اختطفته وعذبته بالكهرباء والضرب.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة