20 Feb
20Feb

بعد أكثر من عقدين، يعود ملف ترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت للواجهة، ففيما تبدأ مفاوضات الترسيم، يسلط متخصصون بالشأن البحري وسياسيون، الضوء على عمليات "شراء الذمم" التي حصلت سابقا، وأدت لمنح المياه العراقية للكويت، بمقابل وعود نيابية بمتابعة ملف المفاوضات الجديد ومعرفة شخوصه.

ويقول المتخصص بترسيم الحدود البحرية حسن العبادي، خلال حديث له إن "دراسة مفصلة جرى تقديمها في عهد وزير النقل السابق بناء على توجيهه، بالاستعانة بالخرائط الأدميرالية من بريطانيا وتحديدا الخريطة رقم 1235 لعام 2019 مع آخر تحديث في شهر نيسان أبريل من عام 2021، إذ تم تعيين النقاط الخاصة بخطوط الأساس للبحر الإقليمي العراقي، والبالغة خمس نقاط، بالإضافة إلى إحداثي النقطة (R) المشار إليه في اتفاقية الجزائر لعام 1975، والذي يمثل بداية البحر الإقليمي العراقي، من الحافة النهائية لمجرى نهر شط العرب بدرجة 100".

ويضيف العبادي، وهو مستشار سابق لوزير النقل، أن "النقاط شملت بيان خطوط الأساس للبحر الإقليمي العراقي ما بعد الدعامة 162، والتي لم يشملها قرار 833 لعام 1993 قبالة السواحل البحرية الكويتية"، مشيرا إلى "تقديم خطوط الأساس الخاصة بواجهة الساحل العراقي باتجاه الخليج العربي، ونعني بها النقاط المستخرجة بنظرية خطوط الأساس العادية وهذه النقاط قدمت في مشروع متكامل لوزير النقل آنذاك، وتحديدا في شهر كانون الثاني يناير من عام 2021 مع الرسومات الخاصة بهذه النقاط، أي إيقاع هذه النقاط على الخرائط الأدميرالية البريطانية".

ويتابع "توجهنا إلى عقد ورش عمل في مستشارية الأمن القومي، وبينّا خطورة الموقف على الأمن القومي العراقي، كما بينّا للجهات المعنية في الدولة خطر تحديد خطوط الأساس الوهمية أو الخاطئة للجان الأمر الديواني 54 س لسنة 2010 و123 لسنة 2021 لأنها ستفقد العراق الممر الملاحي الوحيد إلى مينائي خور الزبير وأم قصر".

ويذكر العبادي، أن "جميع اللجان التي شُكلت طيلة الفترة الماضية، كانت خاضعة للضغوط السياسية الكويتية، وقبول الهدايا والمبالغ المالية للمسؤولين العراقيين، كما حدث مع وزارة الخارجية في زمن هوشيار زيباري، والتي من خلالها قدمت سنة 2011 (43) إحداثيا لخط الأساس بصورة عشوائية وهمية، منحت دولة الكويت الوقت الكافي لبناء الجزر الاصطناعية الكويتية كجزيرتي فشت الكايد ووفشت العيج والأبراج الملاحية والنفطية ما بعد الدعامة 162".

ويفيد المتخصص بترسيم الحدود البحرية، بأن "ثلاث لجان شكلت فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت، وجميع اللجان لم تكن موفقة بتقديم خطوط الأساس واختيار النظريات التي تتلاءم مع الالتزامات الواردة ببنود اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982".

ويكمل "كلما كان هناك تأخير في حسم ملف ترسيم الحدود البحرية العراقية كان هناك مجال للكويت بتنفيذ برنامج التنمية المستدامة لسنة 2035 بالزحف إلى المنطقة الاقتصادية العراقية واستغلالها من خلال نصب المنصات النفطية أو أبراج الملاحة، كما حصل في جزيرة فشت العيج، لاسيما وان الكويت تبحث عن كسب الوقت لإكمال برامجها للجزر".

ويخلص العبادي، إلى أنهم اقترحوا على رئيس الوزراء "معاقبة المقصرين في وزارة النقل العراقية، وأعني اللجنة الوزارية المسؤولة عن استخراج نقاط خطوط الأساس الوهمية وإحالتهم للقضاء، وتشكيل لجان قانونية وفنية جديدة بمشاركة الوزارات الأخرى مثل وزارة الموارد المائية أو وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، وأن يتم ترسيم الحدود ترسيما دوليا عادلا، وفق أسس علمية وأكاديمية بما يتناسب مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ".

وكان وزير الخارجية الكويتي، سالم العبد الله، كشف أمس الأول، عن انطلاق جولة مباحثات كويتية عراقية، لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ومن المفترض أنها بدأت يوم أمس.

وكانت مصادر مطلعة سلطت الضوء عبر تقرير مفصل عن العلامات البحرية في خور عبدالله وكيف حددت بين العراق والكويت، ووفقا لما جاء فيه فإن القرار 833 لسنة 1993، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، قام بتقسيم خور عبد الله مناصفة بين العراق والكويت، فالحدود تبدأ من العلامة 107 إلى 110 وتمثل خط الساحل بين الجانبين، أي تكون المياه للعراق واليابسة للكويت، ومن النقطة 111 إلى 134 هو خور شيطانة، وتمثل خط التالوك لمجرى الينابيع العذبة، وبالتالي أصبح المجال البحري للعراق أكبر من مجال الجانب الكويتي، ومن النقطة 134 إلى 162 هو خور عبد الله، ويكون مناصفة بين العراق والكويت، أي الجزء الشمالي للعراق والجنوبي للكويت. فيما ترك القرار، ما بعد العلامة 162، ولم يرسمها، ورهن تحديدها بمفاوضات بين العراق والكويت.

من جانبه، يبين المحلل السياسي فلاح المشعل، خلال حديث له، أن "موضوع ترسيم الحدود العراقية الكويتية يثير جدلا وخلافات عبر التاريخ منذ أربعينيات القرن الماضي حتى الآن، إذ يمتلك هذا الملف خلفية ثقيلة جدا تتخللها مآسٍ وحروب".

ويفيد المشعل، بأن "القضية الأساسية للبعثة الكويتية الجديدة اليوم هي المداخل البحرية، فقد تم استقطاع الجزء الحيوي من مداخل خور عبدالله لصالح الكويت، وهذا الأمر ضيّق المنفذ المائي العراقي، ولذلك فإن هذا الموضوع محط جدل"، مشيرا إلى أن "هناك اتهامات تطول بعض السياسيين من أنهم تقاضوا رشى، سواء كانوا وزراء أو نوابا، مقابل السكوت عن التجاوزات الكويتية".

ويضيف أن "ترسيم الحدود البرية خضع لإشراف من قبل الأمم المتحدة، وحتى هذا الإشراف مطعون في شرعيته وقانونيته، لأنه جرى عبره استقطاع أراض عراقية كثيرة، وبعضها كانت مزارع لمواطنين عراقيين في الجنوب".

يشار إلى أنه بين عامي 2008- 2010، أعدت وزارة النقل خطة "المبادلة" مع الكويت لغرض ترسيم الحدود البحرية، وبموجب هذه الاتفاقية، فإن العراق منح الكويت السيطرة التامة على أغلب المياه، كما جاء في التقرير السابق للصحيفة.

وأواخر العام الماضي، أثيرت قضية إنشاء الكويت لجزر اصطناعية بغية تقريب حدودها والسيطرة على مدخل خور عبدالله، وهو ما لم يتحرك بشأنه العراق دوليا، بل قدمت الكويت حدودها الجديدة للأمم المتحدة لغرض إقرارها.

يذكر أن تقريرا سابقا لـ"العالم الحديد"، كشف عن تحرك الأردن نحو الكويت الشهر الماضي، وتدخلها كوسيط لغرض ترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت وإنهاء هذا الملف.

بدوره، يؤكد عضو مجلس النواب محمد البلداوي، خلال حديث له، أن "البرلمان يتابع هذا الموضوع مع الحكومة بشكل جاد فالحدود العراقية سواء البحرية أم البرية محفوظة عبر وثائق، والعراق قدم من أجلها دماء وتضحيات فلا يمكن التفريط بها".

ويبين البلداوي، أن "البرلمان ومن خلال لجانه سيعمل على التحقيق مع الحكومة والتنسيق لمعرفة هذه اللجان والتحقق من الشخوص التي تمثل العراق في المباحثات"، مشيرا إلى أن "التنسيق سيتم مع الحكومة بشأن المبادئ والمعايير التي يجري وفقها ترسيم الحدود المثبتة رسميا للعراق، وفقا للخرائط وكذلك متابعة هذه الاتفاقية والخطوات التي ستقوم بها اللجان مع الجانب الكويتي".

يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، زار الكويت قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وبحث هناك خلال زيارته التي استمرت لساعات عدة، التعاون بين البلدين وسبل تطوير العلاقات، دون التطرق لملف الحدود حسب البيانات الرسمية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة