11 Nov
11Nov

استمرار وزير الداخلية في استحداث مناصب جديدة، وإسنادها لضباط مقربين، أثارت جملة من الأسئلة حول جدوى الإجراء، في ظل الترهل الإداري والوظيفي التذي تعاني منه الداخلية وغيرها من الوزارات، ففيما انتقده خبراء أمنيون وعدوه استجابة للضغوط الحزبية والنفوذ السياسي والأمني، محذرين من تعددية القرار في الوزارات الأمنية، عزا آخرون ذلك إلى استعدادات الوزارة لتسلم الملف الأمني من الجيش العراقي، داخل المدن، مشيرين إلى ضرورة دراسة القرار ونبذ عشوائيته.

ويقول مصدر مطلع في وزارة الداخلية، خلال حديث لـه إن "وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، استحدث مناصب عدة جديدة في وكالة شؤون الشرطة، امتدادا لمناصب استحدثها سابقا، ومنحت لضباط مقربين منه".

ويضيف المصدر، أن "المناصب التي استحدثها الوزير، هي مساعد وكيل شؤون الشرطة لشؤون السيطرات الخارجية، ومساعد وكيل الشرطة لشؤون المنشآت، وهذا المنصب سيذهب لضابط برتبة لواء، هو حاليا من دون أي منصب"، مبينا أن "الوزير كان قد استحدث منصب مساعد وكيل شؤون الشرطة لشؤون حفظ القانون".

وكانت تقارير قد كشفت في آب أغسطس الماضي، أن وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، وبعد تسنمه المنصب أخذ يقرب الضباط من أبناء دورته، والمنحدرين من مسقط رأسه، محافظة الديوانية وخاصته ومعارفه، وابتدأ باللواء المقرب منه فرقد العيساوي، المقال من قيادة شرطة الديوانية بسبب قمعه احتجاجات تشرين، حيث أسند له منصب معاون المدير العام للموارد البشرية داخل الوزارة، وبعد أقل من شهرين، أسند إليه منصب المدير العام للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، بدلا عن اللواء باسم الشويلي، إلا أن هذا الأمر الوزاري سرعان ما ألغي بعد يومين فقط، ومن ثم استحدث الوزير لهذا الضابط منصبا جديدا، وهو مساعد وكيل وزارة الداخلية لشؤون الشرطة الخاص بأفواج الطوارئ، واستمر فيه لثلاثة أشهر قبل أن يسند إليه منصبا آخر، وهو مدير دائرة العمليات في وزارة الداخلية، وكل هذا خلال ستة أشهر فقط.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي ينصب فيها الشمري، مقرباً منه في مواقع مهمة، إذ كشفت مصادر أمنية رفيعة المستوى، في تقرير سابق، نشر في السادس من آب أغسطس الماضي، بتكليف اللواء الركن صلاح خميس الشمري، المقرب منه، خلفا لقائد الفرقة الأولى في الشرطة الاتحادية، العميد الركن نبيل الجميلي، الذي تم حبسه بأمر الوزير بتهمة شتم "مرجعه العسكري الأعلى".

إلى ذلك، يبين الخبير الأمني علاء النشوع، خلال حديث لـه أن "الوزارات العراقية وبعد عام 2003، شهدت ازدياد مناصب الدرجات الخاصة بشكل كبير جدا، وتجاوزت الحد المعقول الذي تبنى عليه الدولة المثالية، المتمثل بمعالجة الترهلات الإدارية وما تسببه من عبء على ميزانية الدولة".

ويضيف النشوع، أن "قضية استحداث مناصب جديدة في وزارة الداخلية، يكون فيه الوزير قد ارتكب مخالفة مهنية، فهذه الاستحداثات جاءت بضغوط من الأحزاب وأجنحتها السياسية والعسكرية، وكذلك لتحجيم سلطات الوزير وجعل الوزارة تحت سيطرة تلك القوى التي تسيطر اليوم على كل مقدرات الدولة العراقية".

ويتابع، أن "المتابعة للأحداث الجارية، تؤكد أن القوى وأجنحتها العسكرية الموالية لجهات خارج الحدود، تريد أن يكون لها وجود مباشر في كل مؤسسات الدولة ومنها وزارة الداخلية، التي تعتبر من مؤسسات الأمن المهمة، والتي تمتلك أجهزة تنفيذية كبيرة جدا تستطيع من خلالها أن تغيير الكثير من المعادلات الأمنية"، مستطردا أن "أي وزارة تكثر فيها المناصب تودي إلى تعددية القرارات وتداخلها، مما يتسبب بانعكاسات سلبية على الأداء والسلوك والعمل ما يقوض الوصول إلى قرارت صائبة وناجحة".

ويلفت الخبير الأمني، إلى أن "الترشيد في المناصب والمواقع بإدارة الدولة، هي من الاساسيات، وعكس ذلك فهو ثقل يؤدي إلى انهيار منظومات عمل مؤسسات الدولة".

وتعد وكالات وزارة الداخلية من ضمن المناصب الخاضعة لنظام المحاصصة، ودائما ما تجري خلافات وصراعات بشأنها، وخاصة بين ائتلاف دولة القانون والتيار الصدري، وذلك بعد أن كان ائتلاف دولة القانون باسطا سيطرته على هذه المناصب خلال تولي زعيم الائتلاف نوري المالكي فترتين حكوميتين.

وكانت وزارة الداخلية، بدأت بعملية تسلم الملف الأمني لمحافظات الوسط والجنوب، وأولى المحافظات هي الديوانية وواسط والمثنى، حيث وجه وزيرها الشمري نهاية العام الماضي، بتشكيل خلية استخبارية مسؤولة عن أمن واستخبارات هذه المحافظات والتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى في هذا المجال.

من جانبه، يبين الخبير الأمني عماد علو، خلال حديث لـه أن "الاستحداثات الطارئة في وزارة الداخلية، تتعلق بنقل الملف الأمني من الجيش للوزارة، لكن شغل هذه المناصب وتوسيعها وإسنادها إلى ضباط في الهيكل التنظيمي، لابد أن يتوافق مع دراسة معمقة أو لتلبية حالة معالجة التحديات الأمنية التي ستواجه الوزارة في حال استلامها للملف الامني للمحافظات".

ويؤكد علو، أن "تلك المناصب قد تكون ضرورية لدعم دور الوزارة في المستقبل أثناء تعاطيها مع التحديات الأمنية الداخلية".

يذكر أن لغطا أثير أواخر العام الماضي، بشأن دعم الشمري للواء باسل العامري، لشغل منصب مدير الاستخبارات العسكرية، بسبب العلاقة التي تربط الشمري والعامري، إضافة إلى اعتماد رئيس الحكومة على رؤية الشمري بالتغييرات الأمنية، رغم أن العامري كان يحمل درجة حزبية في حزب البعث المنحل وحصل على أنواط شجاعة سابقا وشارة حزب البعث المنحل.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة