يفاقم التسرب النفطي بقية الازمات التي يعاني منها العراق فهو بلد غنيّ بالنفط لكن عقوداً من الحروب والنزاعات أنهكت بنيته التحتية، ويواجه كذلك أزمة مناخية خطرة آخذة بالاتساع.
وتعاني محافظة صلاح الدين منذ العام 2016 على الأقلّ فوسط البساتين والتلال في شمال العراق تتجمّع بقع سوداء راكدة هي بقايا تسرّب نفطي امتزج مع سيول مياه الأمطار الغزيرة، تلوّث يتكّرر منذ سنوات ويتلف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية.
ويعكس هذا التلوّث المتكرر الذي يطال تلال منطقة حمرين والأراضي الزراعية المجاورة لها في قرية المعيبدي، عجز السلطات المحلية عن إيجاد حلول دائمة لوضع حدّ لهذا التسرب النفطي.
ووسط التلال، تكدّست الوحول الممزوجة بالنفط وطفت برك مياه سوداء على التربة. وفي بعض البقع حيث جفّت الأرض، تكوّنت كتلٌ سوداء متجمّدة.
على مقربة، تقوم جرافات ببناء سواتر ترابية، وهو الحلّ الذي أوجدته السلطات المحلية لمنع سيول المياه الملوثة بالنفط من التسرّب باتجاه الأراضي الزراعية، لكن ذلك لا يلغي واقع أن الضرر قد وقع بالفعل.
وتقدّر المساحة “التي تعرضت إلى تلوث بالنفط بنحو خمسة آلاف دونم (500 دونم) كانت مزروعة بمحصولي الحنطة والشعير”.
وتتعدد التفسيرات بشأن مصدر هذا النفط، لكن بحسب المزارعين والمسؤولين المحليين فإنّ لعناصر تنظيم داعش الذين سيطروا على تلك المنطقة دوراً في هذه المأساة.
وبعد سيطرتهم على مناطق واسعة من العراق في العام 2014 موّل الارهابيين عبر سرقة النفط ووضعوا يدهم في سلسلة جبال حمرين على حقلي نفط عجيل وعلاس، حيث قاموا بحفر أحواض لتخزين النفط فيها.
وبعد استعادة السيطرة على المنطقة إثر هزيمة التنظيم المتطرف في العام 2017 في العراق، قامت “القوات الأمنية بطمر هذه الخزانات” لكن عند هطول الأمطار، يطوف هذا النفط.
ويقول مدير دائرة البيئة في محافظة صلاح الدين محمد مجيد أن “الأرض تتأثر من خلال تخندق التربة وامتصاص المواد النفطية والزيوت في الأراضي”، مضيفا أن “هذا الموضوع يكلف ويكبد الفلاح خسارة كبيرة”.
ويشرح المسؤول أن “الفلاح سوف يخسر لعدم استغلال الموسم الشتوي في زراعة الحنطة”، مؤكداً في الوقت نفسه بأن المزارعين المتضررين سيتلقون تعويضات عن خسائرهم.
ويضيف هذا التلوث إلى معاناة أخرى يواجهها المزارعون في هذا البلد نتيجةً للتغير المناخي، وسط جفاف يرخي بظلاله على العراق للعام الخامس على التوالي. وبهدف توفير الموارد المائية، تعمد السلطات على تقليص المساحات المزروعة بشكل كبير.
ويعدّ العراق بلداً غنياً بالنفط الذي يمثّل نسبة 90 بالمئة من عائداته. كما أن العراق ثاني أكبر بلد منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ويصدّر يومياً حوالى 4 ملايين برميل.
ويمكن للعراق أن يواصل استغلال النفط على مدى 96 عاماً مقبلةً بفضل الاحتياطات الهائلة التي يملكها وفق البنك الدولي.
المصدر: فرنس برس 24