13 Dec
13Dec

لم تكن زهراء معتز (24 عاما) مستعدة لرؤية كلب مصاب بالرصاص يخضع لعملية جراحية، لكن ذلك حدث داخل عيادة بيطرية في العاصمة زارتها من أجل تلقيح قطتها الأليفة.

وتروي معتز مشاهدتها "المرعبة"، خلال حديثها لـه بأن "كلبا سائبا جريحا نقل من الشارع إلى العيادة في بغداد، بعدما أطلق عليه شخص النار، وهو يلهو، وأصابه في وجهه، ليترك الكلب يكمل حياته مشوه الوجه بعد نجاح العملية".

وتضيف معتز، وهي تمسّد فرو قطتها البيضاء: "كان من الصعب احتمال رؤية الأذى الجسدي للكلب حينما قاموا بإزالة الجزء المتضرر في وجهه"، لافتة إلى أن "الطبيبة كانت ذكية، خدرته بالبنج العام رغم خسارته الدم بشكل غير طبيعي، وكان من المحتمل أن يفقده ذلك حياته، بمعجزة استطاعت إعادة حياته بمساعدة المنقذ".

وتتعرض الحيوانات في العراق إلى تعنيف مستمر، سواء بشكل متعمد أو غير متعمد وذلك بسبب النقص في الوعي البيئي وغياب المؤسّسات المعنيّة بحماية الحيوانات بالإضافة إلى عدم توفّر قانون فاعل يرعى هذا الموضوع.

يذكر أن مصدر مطلع، كشف في وقت سابق، نقلا عن مسؤول في محافظة بغداد، أعداد الكلاب السائبة في بغداد يبلغ أكثر من 100 ألف كلب، في وقت أشارت تقديرات إلى أن عددها في عموم العراق يبلغ نحو نصف مليون كلب سائب.

من جهتها، توضح الطبيبة البيطرية نور جوهر، خلال حديث لـه أن "الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 14-15 سنة اعتادوا على التلقين الخاطئ من قبل أهاليهم، ورسموا صورة لهم على أن الحيوانات قذرة وغير نظيفة وكائنات غير سوية".

وتضيف جوهر أن "حالات عديدة عالجتها لحيوانات يجلبها المنقذون مصابة بكسور في المفاصل، أو مدهوسة بسيارات أو متهشمة أحد الفكوك أو محترقة بماء ساخن من دون رحمة، وكل هذه الأفعال نتاج ممارسات البشر، ولم تردني حالة لحيوان يفتك بآخر".

وتشرح الطبيبة البيطرية، إحدى الحالات الصعبة التي واجهتها، وهي استقبالها لحالة "تتعلق بكلب تعرض لطلقة طشارية، إذ اضطررت لبتر الفك بأكمله، ورممته بإضافة أغشية الكولاجين كي أعزل الجهاز التنفسي عن الفموي، حتى لا ينزل الماء الذي يشربه إلى الرئة فيتسبب بالاختناق، والآن هو بأفضل حال".

وبدأ الاهتمام في الآونة الأخيرة بتربية الحيوانات الأليفة وبمختلف أنواعها سواء الطيور أو الكلاب والقطط وزادت المحال التي تبيع مستلزماتها المتنوعة، لكن رغم هذا تنقل مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وصورا ينشر فيها تعنيف للحيوانات سواء بضربها أو قتلها، ما أدى إلى القيام بحملات منظمة من قبل مربي الحيوانات، وكذلك تبرع الكثير من الشباب للعمل كمنقذين بصفتهم التطوعية.

وبين فترة وأخرى، تنفذ الشرطة المجتمعية وبالتعاون مع منظمات أخرى، حملات لانتشال الكلاب من الطرقات، فيما تتجه بعض المحافظات الى قتل الكلاب، وقد نفذت أكثر من حملة من هذا النوع.

وكانت آخر حملة أطلقت في العاصمة بغداد في العام 2022، لانتشال الكلاب، بالتعاون مع أطباء بيطريين ومدربين للكلاب.

حسن فاضل (36 عاما) منقذ حيوانات، يقول خلال حديث لـه"كنت أعاني من فوبيا الحيوانات، لكن في الوقت ذاته أشعر بالتعاطف معها، وصادفني موقف قبل 4 سنوات لحيوان عمره شهر وهو مرمي على الرصيف، نتيجة تعرضه لضربة أثرت على جهاز الدوران وأفقدته التوازن والحركة".

ويضيف فاضل: "حين أدركت حجم الخطورة كسرت حاجز التردد لتلبية المساعدة، لم إذ لم يسمح لي ضميري بتركه يموت، فتشجعت ونقلته للعيادة البيطرية، وفحصته الطبيبة لتعطني عقاره المناسب، ثم اصطحبته للمنزل فأشفق عليه أفراد البيت وتعلقوا به، لتنطلق لدي الرغبة في تربية الحيوانات بدءا من رعاية هذا الكائن الضعيف".

ويرى فاضل الذي يربي الآن مجموعة من الحيوانات، أن "الأمر بحاجة إلى وقت وجهد جسدي، وترتيبات مادية"، لافتا إلى أن "تربية الحيوانات عملية شاقة وتشغل الإنسان عن وظائفه الخاصة وأموره الشخصية".

وينتقد الشاب "الوحشية الملازمة لبعض البشر التي تجعله يرتكب أبشع الطرق لتعذيب هذه الكائنات البريئة، لذا مهمة الإنقاذ ليست سهلة تبدأ من محاولة الإمساك بالحيوان خاصة مع تعرضه لعنف بشري، لذلك سيستصعب الوثوق، ثم صعوبة علاجه بسبب الإمكانيات البسيطة من أجهزة ومعدات في العراق، وكذلك مشكلة تكييفه وترويضه وتقبله للعلاج، وتعسر توفير الأكل، وكذلك عقبة توفير المأوى بسبب ندرة وجود أماكن خاصة لرعاية الحيوانات بالعراق".

وعن مخاطر مهمة الإنقاذ، يشير إلى أنها "نسبية كالخدوش، ولتوخي الحيطة يجب ارتداء قفازات حامية أو يتعرض المنقذ أحيانا إلى العض، فيجب أخذ اللقاح المناسب، بالنسبة لي تعرضت للكثير من الخدوش والعض لكن إنقاذ الحيوان من الألم يجعلني أنسى هذه المصاعب".

ويؤكد أن "المجتمع بحاجة ماسة إلى توعية وتثقيف للرأفة بالحيوانات، وتنظيم مبادرات للرفق بالحيوان السائب وإيوائه ببناء مآو له ورعايته بكل الوسائل، وكذلك الحد من ظواهر العنف ضدها، وإظهارها للعلن عبر المنقذين لتفعيل الفكر السليم".

يشار إلى أن الكثيرمن المواطنين والمنظمات تتحفظ على طرق معالجة انتشار الكلاب، وهي القتل بالخراطيش أو المواد السامة، وتؤكد أن تقديم اللقاحات وتوعية المجتمع بطريقة التعامل مع الحيوانات هي الحل الأفضل.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة