قرأ مراقبون للشأن السياسي، ردّ فعل التيار الصدري على حرق القرآن، بأنه بوابة للعودة إلى المشهد السياسي، وإيصال رسائل داخلية وإقليمية بأن التيار موجود على الأرض بثقله الجماهيري، الأمر الذي رفضه التيار، وأكد أن الأمر مرتبط بـ"نصرة القرآن" فقط ولا علاقة له بأي مصالح سياسية.
ويقول الباحث الاستراتيجي سرمد البياتي، إن "تحرك التيار الصدري نحو الشارع العراقي لرفضه حرق القرآن، يمكن أن يقرأ بأنه مدخل للعودة إلى المشهد السياسي".
ويضيف البياتي، أن "التظاهر هو رسالة للعالم، لكن تظاهرة التيار الصدري لا تخلو من رسائل سياسية لأطراف داخلية وخارجية، بأنه موجود في الساحة بثقله الجماهيري".
ويتابع أن "ما أقدم عليه التيار، ربما يكون باباً لعودته للمشهد السياسي خلال المرحلة المقبلة، وهذا الأمر وارد جداً".
وكان مواطن عراقي يدعى سلوان موميكا، أقدم على حرق نسخة من القرآن الكريم، في السويد، يوم الأربعاء الماضي، أي أول أيام عيد الأضحى، بعد استحصاله الموافقات الرسمية من البلدية هناك.
وفيما أصدرت السلطات السويدية تصريحا لموميكا للقيام بالخطوة بما يتوافق مع حماية حرية التعبير، إلا أنها أعلنت لاحقا فتح تحقيق في "التحريض" ضد مجموعة دينية، لافتة إلى أنه قام بإحراق المصحف على مسافة قريبة جداً من المسجد.
وأثار هذا الحدث، ردود فعل حادة من العراق، وكان أبرزها التيار الصدري، الذي اتجه أنصاره إلى اقتحام باحة السفارة السويدية في بغداد وتحطيم شعار السويد الموضوع أعلى مبنى السفارة.
كما توجهوا يوم أمس لأول، إلى الخروج بتظاهرة قرب السفارة وأحرقوا أعلام المثليين الملونة، بعد أن أبدى زعيم التيار مقتدى الصدر، رفضه لمجتمع الميم عبر كلمة له، نظرا لدعم السويد للمثليين.
من جهته، يبين المحلل السياسي علي البيدر، أن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يحاول من خلال تحركه الأخير بشأن تظاهرات رفض حرق القرآن الكريم الوصول إلى العالمية وأن يكون رقما في المعادلة الإقليمية، ويبعث برسائل إلى المجتمع الدولي والإقليمي، بالإضافة إلى الرسائل للداخل العراقي".
ويشير البيدر، إلى أن "الصدر شعر بالعزلة السياسية، ولذا جاءت تظاهرات نصرة القرآن كواحدة من أدوات تحريك القواعد الشعبية للتيار، وأنه يستطيع العودة للمشهد السياسي تحت أي ذريعة كانت بهذه التظاهرات أو غيرها"، مرجحا أن "تشهد المرحلة المقبلة أحداثا سياسية قد تجبر الصدر وتياره على مغادرة العزلة السياسية والعودة مجددا وبقوة".
وكان العراق قد دان بشكل رسمي قيام الحكومة السويدية بمنح مهاجر عراقي الإذن بحرق نسخة من القرآن، وأكدت وزارة الهجرة والمهجرين يوم أمس، تنسيقها مع السويد لإعادته إلى العراق، تمهيدا لمحاكمته وفقا لمذكرة من القضاء العراقي.
كما دعت وزارة الخارجية العراقية منظمة التعاون الإسلامي، إلى اجتماع طارئ، بشأن توجيه الإهانة للقرآن الكريم.
وكان المرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني، قد وجه رسالة إلى الأمين العام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وطالبه باتخاذ خطوات فاعلة لمنع "الاعتداء على القرآن الكريم"، فيما دعا إلى تثبيت قيم التعايش السلمي بين أتباع مختلف الأديان، وقد أعلن الأمين العام تلقيه الرسالة.
بالمقابل، يرد قيادي في التيار الصدري، رفض الكشف عن هويته، أن "التيار الصدري ليس ببعيد عن المشهد السياسي، وهو لا يحتاج لأي حدث من أجل عودته سياسياَ، فهو يمتلك القدرة والإمكانية للعودة متى ما يشاء إلى المشهد وبطرق وعناوين مختلفة".
ويوضح، أن "تبني التيار الصدري لتظاهرات رفض حرق القرآن الكريم، أثار حفيظة أطراف في السلطة فعملت على عرقلة تظاهرات الصدريين والإساءة لها من خلال وصفها بالسياسية، التي تستهدف مصالحهم".
يذكر أن الكتلة الصدرية انسحبت من البرلمان بتوجيه من زعيم التيار مقتدى الصدر، في حزيران يونيو الماضي، وذلك بعد خلافات امتدت لأكثر من عام حول تشكيل الحكومة، حيث كان الصدر يطالب بحكومة أغلبية بعد فوزه بأكبر عدد من مقاعد البرلمان، فيما تمسك الإطار التنسيقي بالتوافق.
وبعد استقالة كتلة الصدر النيابية، أثيرت مسألة "أصحاب القضية"، وهم جماعة في التيار يؤمنون أن الصدر هو الإمام المهدي المنتظر، حسب الموروث الشيعي، وهذا الأمر دفع الصدر إلى إيقاف نشاط التيار السياسي والاجتماعي والأمني بالكامل، وأغلق المؤسسات الخاصة به، وقرر عدم خوض الانتخابات أيضاً.
وكانت معلومات تناقلتها وسائل إعلام محلية مؤخرا، تفيد بأن الصدر قرر المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، عبر ثلاث قوائم انتخابية، لكنها لا تحمل الاسم الصريح للتيار الصدري إلا أنها مرتبطة به، وهو الأمر الذي توقعه محللون في تقرير سابق.