يستمر الجدل في الشارع العراقي بشأن تعديل البرلمان للمادة 57 من قانون الأحوال الشخصية، وهو موضوع أثار موجة من الآراء المتباينة بين مؤيد ومعارض.
يسعى المؤيدون إلى تحديث القوانين لتواكب التطورات المجتمعية وتحترم حقوق الأفراد، فيما يخشى المعارضون أن تؤدي التعديلات إلى انتهاك بعض القيم والتقاليد الراسخة في المجتمع.
أحد أبرز التعديلات ينص على منح الزوج الأحقية في اختيار المذهب الذي يتم على أساسه عقد القران، إضافة إلى أن التفريق يمكن أن يكون وفقاً للفقه السني أو الشيعي حسب اختيار الزوجين.
في حال لم يكن للزوجة مذهب فقهي، تعتمد المحكمة مذهب الزوج في التفريق بينهما بما يتعلق بالحقوق. بينما ينص القانون المعمول به حالياً على أن يكون التفريق وفقاً للقانون المدني
كما يتضمن التعديل سلب الأم حق حضانة الولد إذا تزوجت، ومنح الولد المحضون حق الاختيار عند بلوغ الخامسة عشرة من العمر.
هذه الأمور وغيرها أثارت جدلاً واسعاً في الشارع العراقي.
وأوضح النائب عن اللجنة القانونية النيابية، رائد المالكي، في تصريح أن التخوف من تعديل قانون الأحوال الشخصية غير مبرر على الإطلاق، مشيراً إلى أن محاوره محددة بمسألة أساسية واحدة وهي ضمان حرية الاختيار للمواطنين في اختيار أحكام القانون التي تطبق عليهم بشأن أحوالهم الشخصية.
ونفى المالكي أن يتضمن التعديل نصوصاً تسمح بزواج القاصرات أو حرمان المرأة من الميراث، مؤكداً أن المقترح يعطي الحرية ولا يضيق ولا يفرض على الآخرين، وأن القانون الحالي مفروض على غالبية الشعب العراقي وفيه الكثير من الاعتراضات والمشاكل.
من جانبه، أكد الباحث الاجتماعي الدكتور عبد الواحد مشعل أن قانون الأحوال الشخصية في العراق لعام 1959 يعد من أروع القوانين في منطقة الشرق الأوسط، وقد حدد السن القانوني للزواج بـ 18 سنة لكلا الجنسين.
وأضاف أن العراق ذو ثقافة مدنية، وأي تشريع يعاكس الجانب المدني ستكون له نتائج معاكسة.
وأشار إلى أن التعديل على القانون يمكن أن يجري بما يتماشى مع التغيرات الاجتماعية والثقافية في المجتمع، وأن يكون قادراً على التحرك وفق متطلبات المرحلة الحالية بما يتناسب مع فائدة المجتمع.
وقالت السياسية والناشطة النسوية، آلا طالباني، معلقة على تعديل القانون: "إن التعديل سيقسم العراق أكثر، وسيولد انفلاتاً كبيراً في القانون، وستتحول قضايا الأحوال الشخصية إلى خارج المحاكم الرسمية". أما النائب نور نافع الجليحاوي، فعلقت قائلة: "الغاية من التعديل تفكيك الأسرة العراقية والسماح للعقود خارج الأطر القانونية بأن تكون أوسع، وإعطاء الشرعية الواضحة لزواج القاصرات، مما سيزيد حالات الطلاق ويعمق النفس الطائفي بين أفراد المجتمع".
من الجانب القانوني، أوضح المحامي والحقوقي محمد جمعة في تدوينة له أن "هذا القانون هو رصاصة الرحمة في جسد المجتمع العراقي"، مشيراً إلى أن التعديل يعني سن الزواج في تسع سنوات، وحرمان النساء من الإرث في العقارات، والنفقة بشرط الاستمتاع. إذ أن الزوجة التي لا تمكن الزوج من الاستمتاع بها لا نفقة لها.
وأضاف جمعة أن مقترح القانون الجديد يشرع للخيانة الزوجية ولن يبقي أي قدسية للحياة الزوجية.