13 May
13May

تحتفل بغداد وموسكو في 9 أيلول سبتمبر المقبل بالذكرى الـ80 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث يدخلان في مرحلة جديدة من العلاقة، زادت فيها روسيا من نفوذها بشكل متصاعد وفي مختلف القطاعات في العراق، خاصة في قطاعي الطاقة والتعاون العسكري والأمني، الذي زادت وتيرته والاهتمام به روسيّاً، مع سعي القوى الشيعية في العراق لإخراج التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
ويعمل الكرملين “بهدوء” على زيادة نفوذه في القطاعات الرئيسة ودعم القوى المناهضة للولايات المتحدة في البلاد.
موسكو أدركت أهمية الصراع الجيوسياسي بشأن العراق، لكنها لا تظهر أي علامات على الانفصال عن إيران، على الرغم من الاختلافات التكتيكية، بل تواصل أيضًا التقرب من الصين، وهي جهة فاعلة أخرى تغزو العراق اقتصاديا.
وتقول مصادر دبلوماسية ، إن روسيا اقترحت على العراق بعد زيارة محمد شياع السوداني، إلى موسكو في العاشر من تشرين الأول أكتوبر 2023، “إنشاء نوع من الاتحاد الاقتصادي بين العراق وروسيا ومصر والأردن”.
ومن الواضح أن التزام كل هذه البلدان بمسار خلق عالم متعدد الأقطاب سيساعد في إنشاء مثل هذا الاتحاد السياسي والاقتصادي، ما قد يدفع بغداد لمساعدتها في التغلب على العقوبات الاقتصادية وخلق تعاون اقتصادي بعملات ثانوية غير الدولار، وهو ما يتم بحثه داخل مطبخ السياسات المالية والنقدية، وبمتابعة مستمرة من السوداني، الذي يفكر بملء الفراغ في حال توترت العلاقة أكثر مع الجانب الأمريكي، وكي لا يشعر بأن ظهره بات مكشوفا، لذا يضع ضمن أولوياته العودة ولو سرا إلى المعسكر الشرقي، بحسب المصادر.
وتضيف المصادر “كذلك اقترحت موسكو على العراق بعد زيارة السوداني، زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين وإرجاعه إلى ما قبل عام 1990، كون العراق حليفا استراتيجيا لروسيا، بالإضافة إلى أنه جرى طرح قيام الشركات الروسية بإنشاء محطات طاقة كهربائية فاعلة يمكنها إنهاء أزمة الطاقة في العراق، تمهيدا لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتوقف عن شراء الكهرباء والغاز من إيران لتكون البلاد مستقلة تماما في حقل الطاقة عن الاستيراد الخارجي، وهو عرض وجده السوداني مغريا، لكنه بقى معلقا، نتيجة الضغط الأمريكي الداعم للربط الكهربائي مع دول الخليج”.
وترتبط بغداد وموسكو بعلاقات يصفها الروس بأنها استراتيجية وتاريخية، حيث تعمل حاليا قرابة 50 شركة روسية في العراق، ومنها “لوك أويل” و”غازبروم نفط”، الذراع النفطي لشركة “غازبروم” الروسية.
ويتجاوز إجمالي استثمارات الشركات الروسية في تطوير صناعة النفط والغاز العراقية 13 مليار دولار.
ويجري العمل النشيط لتنويع العلاقات الاقتصادية العراقية الروسية، وتركز حاليا على فتح السوق العراقية أمام الشركات المحلية المتخصصة في بناء محطات الطاقة والتنقيب الجيولوجي وتصدير القمح والمنتجات الزراعية الأخرى.
وخلال أعمال اللجنة العراقية الروسية، المنعقدة في بغداد في 24-25 نيسان أبريل 2019، وقع البلدان 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات الاتصالات والتجارة والطاقة والكهرباء والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والنقل والخدمات المصرفية، وفي 26 آب أغسطس 2021، انعقد الاجتماع التاسع للجنة الحكومية الدولية في موسكو.
وفي عام 2021، بلغ حجم التجارة بين البلدين نحو 283 مليون دولار، فيما بلغ حجم الصادرات الروسية 282.8 مليون دولار. وكان أساس الصادرات الروسية هو المنتجات الغذائية والمواد الخام الزراعية، والأخشاب، ومنتجات اللب، والورق، والمعادن، والمنتجات المعدنية، والآلات والمعدات والمركبات. وتتمثل الواردات عموما في المنتجات الغذائية والمواد الخام الزراعية (الفواكه والمكسرات).
وعلى مدار ثمانية أشهر من عام 2022، تجاوز حجم التجارة الثنائية أرقام عام 2021 بأكمله، حيث بلغ 313.1 مليون دولار. وبالمقارنة مع عام 2020، تم تسجيل زيادة مضاعفة قدرها 2.5 مرة.
وفي هذا الصدد، يشير تقرير روسي بثه موقع “روسيا بريفينغ” (موجز روسيا)، إلى أن التجارة بين الجانبين ازدادت بنسبة 43% في العام 2022، ففيما صدرت روسيا خلال العام 2021، إلى العراق ما قيمته 283 مليون دولار، بما في ذلك النفط المكرر والخشب والحديد، صدر العراق ما قيمته 50 ألف دولار فقط إلى روسيا، معظمها من الفواكه.
كما تنفذ روسيا حاليا مشروعا كبيرا لإعادة بناء وتحديث معمل لإنتاج منتجات الزجاج والسيراميك في مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار، إذ بدأ تحالف صناعي روسي بالتنفيذ العملي لهذا المشروع لصالح وزارة الصناعة والمعادن العراقية.
وفي مجال الثقافة والتعليم، ومع بداية العام الدراسي الحالي 2023/2024، زادت روسيا حصة العراق من 200 إلى 260 منحة دراسية مقدمة للمواطنين العراقيين، ليصبح إجمالي الطلبة العراقيين هناك أكثر من 4200 طالب وطالبة عراقيين يدرسون في الاتحاد الروسي.
كيف يتطور التعاون العراقي الروسي الآن؟
سؤال يجيب السفير الروسي في العراق عنه، في تصريح تابعته “النافذة”، بالقول: “أستطيع أن أقول بكل فخر بأن روسيا تحتل المرتبة الأولى بين إجمالي عدد المستثمرين الأجانب في العراق، إذ لدينا أكبر الاستثمارات هنا، في المقام الأول، في صناعة النفط والغاز”. حيث تشير بيانات أخرى إلى استثمار ما لا يقل عن 14.5 مليار دولار.
وبدأ التعاون يتجاوز المجالات التي كانت مألوفة لدينا لفترة طويلة، اذ يشير السفير الروسي إلى تجاوز العلاقات حدود التعاون السياسي والعسكري التقني القائم، ويضيف “إننا نشهد اهتماماً متبادلا متزايدا بقضايا أخرى، وعلى رأسها القضايا التجارية والاقتصادية. وهكذا، فإن الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس وزراء العراق إلى موسكو، محمد شياع السوداني، كانت تهدف إلى حد كبير إلى مناقشة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لتنميتنا، وآمل أن تنتظرنا آفاق عمل مشترك مثمر على أساس نتائج المفاوضات مع الجانب الروسي، على الرغم من كل الجهود التي يبذلها خصومنا لمنع ذلك بمساعدة سياسات العقوبات ضد روسيا”.
ويتحدث السفير الروسي في بغداد بحماس عن “طريق التنمية” الذي أعلن عنه السوداني مؤخرا، قائلا إن “قناة السويس مكتظة وغير مناسبة للجميع، وسيظل ممر النقل المصري هو الشريان الأكثر أهمية، ولكن من الجدير بالذكر أن العديد من الشحنات سيتم إرسالها بشكل أسرع عبر الطريق العراقي، وهذا مشروع إقليمي رائع تشارك فيه جميع الدول المجاورة للعراق تقريبا، وينظر الاتحاد الروسي إلى هذا المشروع بشكل إيجابي ويخطط للمشاركة في إطلاقه”.
كذلك تعمل الشركات الروسية في العراق على تدجين المجتمع المحيط بها، وتوفير فرص العمل في منصات النفط (على سبيل المثال، يعمل أكثر من 2000 من السكان المحليين في حقل بدرة النفطي)، لكن أغلب تلك الوظائف تكون بمهمة حماية الحقول النفطية ومحيط الشركات الروسية، وبذلك حولت العشائر هناك (والتي كانت ذات يوم تهاجم أي نشاط تجاري)، إلى سلاح يدافع عن الشركات الروسية، كما هو حاصل في حقلي “غرب القرنة2″ و”بدرة” النفطيين، والمساهمة في تنفيذ خطة إنتاج النفط التي تعمل عليها شركة (لوك اويل).
ومن بين المشاريع النفطية المسؤولة عنها شركات روسية هي الآتي:
غرب القرنة-2الشركة المنفذة : لوك اويل
الإنتاج اليومي: (1.2 مليون برميل من النفط يوميًا لمدة 19.5 عامًا)
استثمارات الشركة: استثمارات لوك أويل في المشروع 4 مليارات دولار
2- حقل بدرة
الشركة المشرفة: غاز بروم
الشركة المنفذة: لوك أويل
حيث تتولى شركة “غازبروم” تشغيل مشروع تطوير حقل “بدرة” في محافظة واسط شرقي العراق. وتبلغ حصتها في الكونسورتيوم الدولي الذي شكلته شركة غازبروم نفت 30%. بدأ تاريخ مشروع بدرة في كانون الأول 2009 بفوز كونسورتيوم يضم شركة “غازبروم نفت” الروسية، و”كوغاس” الكورية الجنوبية، و”بتروناس” الماليزية، و”تباو” التركية في مناقصة طرحتها الحكومة العراقية. تم توقيع العقد نفسه في كانون الثاني 2010 من قبل “كونسورتيوم” يتكون من شركة “غازبروم نفت” الروسية (مشغل المشروع بحصة 30٪)، وشركة الاستكشاف الجيولوجي الحكومية العراقية لاستكشاف النفط (25٪)، وشركة KOGAS الكورية (22.5٪)، والماليزية “بتروناس” (15%)، “تراو” التركية (7.5%).
ويقع هذا الحقل بالقرب من الحدود مع إيران، وفي العراق يعرف الحقل باسم بدرة، وفي ايران باسم آزار. وبحسب التقديرات الأولية تبلغ الاحتياطيات الجيولوجية في بدرة 3 مليارات برميل من النفط. وتم تصميم مشروع التطوير لمدة 20 عامًا مع إمكانية التمديد لمدة خمس سنوات.
بدأ الإنتاج التجاري للحقل في عام 2014، وينص العقد المبرم مع الحكومة العراقية لتطوير الحقل على تعويض المستثمرين عن التكاليف المتكبدة، ومن ثم مكافأة قدرها 5.5 دولار عن كل برميل من النفط المنتج.
3- بلوك 10
بلوك 10 النفطية الواعدة بمساحة 5.5 ألف كم مربع. يقع في محافظتي ذي قار والمثنى على بعد 100 كم، من مشروع غرب القرنة-2 بالقرب من مدينة الناصرية.
الشركة المنفذة: لوك اويل
أرباح الشركة عن كل برميل: 5.99 دولارًا
4- بلوك 12
وتقع المنطقة النفطية الواعدة رقم 12 (المساحة – 7.6 ألف كيلومتر مربع) في محافظتي النجف والمثنى على بعد 130 كيلومترا غرب مدينة الناصرية.
الشركة المنفذة: شركة باشنفت الروسية
5- إقليم كردستان العراق.. “كرميان” و”شاكال” و”حلبجة”
الشركة المنفذة: “غاز بروم”
وفي كردستان العراق، تعمل شركة “غازبروم نفت”، من خلال شركتها التابعة “غازبروم نفت الشرق الأوسط”، على مشروعي “شاكال” و”كرميان”. في الأول منها حصة الشركة 80%، و20% لسلطات الإقليم. وفي كرميان، حيث شركة “غازبروم نفت” تعد المشغل، وتملك 40% من المشروع، و40% أخرى من شركة “ويسترن زاجروس” الكندية ، وتمتلك حكومة كردستان نفس الـ 20% كما في مشروع شاكال.
ومن الجدير بالذكر أن شركة الخدمات النفطية “بتروفاك” تتولى عملية الصيانة الفنية، بالتعاون مع شركة “غازبروم نيفت الشرق الأوسط BV”. في عام 2017 وقعت عقدًا لمدة ثلاث سنوات. وتقرر التخلي عن تطوير كتلة أخرى (حلبجة) بناء على نتائج التنقيب الزلزالي الذي تم إجراؤه في عام 2016.
النفوذ العسكري والأمني
يبدو هذا الملف ظاهرا وواضحا، لكن حقيقته معقدة، فهو ينقسم إلى قسمين:
العلاقات الرسميةوتشمل التعاون العسكري والأمني وعقود التسليح التي تعقد بين الحكومتين العراقية والروسية، والتي بدأت ذروتها خلال زيارة رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي إلى موسكو في تشرين الأول 2012، حيث تم التوقيع بشكل مبدئي على اتفاقية شاملة للتعاون العسكري الفني، والتي دخلت حيز التنفيذ في أيار 2013.
وينص الاتفاق على توريد أنظمة صواريخ مضادة للطائرات وطائرات هليكوبتر من طراز MI وأسلحة أخرى.
وفي عام 2014، تم توفير طائرات هجومية من طراز Su-25 من القوات المسلحة للاتحاد الروسي، لتجهيز القوات الجوية العراقية؛ حيث خضع الطيارون العراقيون للتدريب في روسيا.
ويجري التعاون في مكافحة الإرهاب، حيث يعطى دور خاص لمركز معلومات بغداد أو ما يعرف بـ”التحالف الرباعي” الذي يضم العراق وروسيا وسوريا وإيران، ففي أواخر شهر أيلول سبتمبر 2015 أعلنت كلٌّ من موسكو وبغداد وطهران ودمشق، عن تحالف رباعي تحت عنوان مواجهة تنظيم “داعش”، الذي كان يسيطر آنذاك على مساحات واسعة من العراق وسوريا، في خطوة واضحة المقصد بانها تحمل أبعادا سياسية كذلك، وموجّهة ضد التحالف الدولي الذي شكّلته الولايات المتحدة لمواجهة التنظيم قبل عام من انطلاق هذا التحالف.
وانبثق عن هذا التحالف مركز للتعاون الأمني في بغداد للتنسيق بين أطراف التحالف الأربعة، واختير معسكر مطار المثنى وسط بغداد مقرّا له، قبل أن يُنقل إلى مديرية الاستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع العراقية.
ومن خلال هذا التحالف دخل المستشارون الروس إلى العراق بصفة رسمية وعنوان مستشار عسكري.
روسيا وإيران بدرجة اقل، استخدمتا التحالف المعلن لتوفير غطاء لاستعمال الأجواء العراقية كجسر دعم جوي عسكري إلى سوريا بين عامي 2015 و2017 تحديدا، حين كانت العلاقة الروسية ـ التركية مرتبكة كثيرا وغير مستقرة، ولا يوجد غير الأجواء العراقية بديلا عنها، وحينها رفعت موسكو الحرج عن حكومة حيدر العبادي، التي كانت تتعرض لضغوط أمريكية بشأن استعمال الأجواء العراقية من قبل طهران وموسكو لدعم نظام الأسد، عبر هذا التحالف.
وبفضل النفوذ الروسي عبر هذا التحالف تمت إعادة فتح معبر القائم الحدودي بين العراق وسوريا في عام 2018 والذي كان أحد توصيات التحالف الرباعي ولغايات عسكرية، جاء بعد انتشار الجيش الأمريكي في صحراء التنف السورية القريبة منه، وسعي روسيا وإيران وحلفائهما إلى استباق الخطوة بالسيطرة على الجزء الحدودي العراقي السوري عبر محور البوكمال- القائم، كما يبين المصدر.
وفي عهد مصطفى الكاظمي، تم تجديد عقود تسليح وعتاد مع الجانب الروسي، لكن العراق حاول إبقاء الأمر ضمن إطار متوازن كي لا يخسر حليفه الأمريكي.
أما الآن، فقد اتجهت الأمور إلى الانتقال لمرحلة جديدة في العلاقة، بحسب المصدر المطلع، تتضح من خلال المواقف الرسمية سيما في القضايا المرتبطة بالعراق وعلاقته مع الولايات المتحدة، وكيف تتعامل معها روسيا، فمثلا حينما قامت الطائرات المسيرة الأمريكية بقصف قادة في فصائل مسلحة تتهمهم واشنطن بتنفيذ عمليات ضد القواعد الأمريكية، قدم السفير الروسي مقترحا للعراق بأن يطلب عبر روسيا من مجلس الأمن الدولي إدانة هذا القصف.
ويصف المصدر الدبلوماسي، هذا الإجراء بأنه خارج إطار العلاقة الدبلوماسية المعتادة بين بغداد وموسكو، خاصة وأن القصف الأمريكي والاغتيالات التي تنفذها عبر الطائرات المسيرة هي ليست الأولى من نوعها، بل حتى حينما اغتالت نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس حين كان برفقة الجنرال الإيراني قاسم سليماني، لم يظهر مثل هكذا موقف من السفارة الروسية، رغم أن الطيران المسير كان نفسه والصاروخ نفسه، والأرض ذاتها (عراقية).
ولأن هذا الموقف جاء بتوقيت حساس، تصر فيه القوى المسلحة المسيطرة داخل البرلمان على إخراج القوات الأمريكية والتحالف الدولي أجمع، فهو لا يخرج عن إطار محاولات ملء الفراغ المتوقع، أو إيصال رسالة بوجود راع دولي بإمكانه أن يأخذ مكان “العم سام”.
بعد ذلك، نجد هذه التصريحات، التي يقول فيها الرئيس التركي بوتين لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال زيارته موسكو، إنني “أعتقد أن كثيرين يتفقون معي في أن التدهور الحاد للأوضاع في الشرق الأوسط هو مثال واضح على فشل السياسة الأمريكية، فقد حاولت الولايات المتحدة احتكار التسوية في الشرق الأوسط، إلا أنها لم تكن مهتمة بإيجاد حلول وسط مقبولة للجانبين، وإنما كانت تمارس ضغوطا على طرفي الصراع، دون مراعاة المصالح الأساسية لمن تقول انهم حلفائها”.
في المقابل يدرس السوداني، انضمام العراق إلى “بريكس”، وكذلك يرغب أن تشارك موسكو في إطلاق مشروع “طريق التنمية”، وعلى إثر ذلك فإن العراق وروسيا وقعا مؤخرا اتفاقية تعاون في مجال النقل البحري بهدف تسهيل مرور البضائع والركاب عبر الموانئ البحرية.
وكذلك، هناك محادثات بين العراق وروسيا تتعلق بالتعاون المتعدد الأطراف حول ممر النقل بين الشمال والجنوب، كما تم مؤخرا توقيع اتفاقية حول الخدمات الجوية بين العراق وروسيا، ما سيعزز آفاق التعاون في قطاع النقل وتطوير وضع الطيران في البلدين.
وأيضا تم توقيع اتفاقية بين البلدين لإعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية، وتدرس روسيا اتفاقية دخول بدون تأشيرة مع العراق مخصصة للسياح ورجال الأعمال.
بالإضافة إلى ذلك، ينسق العراق الآن على إدخال شركات التصنيع الحربي الروسي إلى البلاد، وفتح خطوط صيانة لها كمرحلة أولى، وصولا إلى فتح خطوط إنتاج مشترك في المستقبل القريب.
وفي مجال التعاون النووي، لفت تقرير لموقع “روسيا بريفينغ”، إلى أن العراق أعرب عن هدفه لبناء 8 مفاعلات نووية لتوفير 25% من احتياجاته من الكهرباء بحلول العام 2030، مضيفاً أنه بعد موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على بناء مفاعل خال من الإشعاع في العراق، فإن بغداد تبحث التفاوض مع شركات روسية في هذا المجال.
2- العلاقات غير الرسمية
هذا الجانب، يحمل بين طياته طلاسم معقدة، تبدأ من الجولات المتكررة والدورية التي يجريها السفير الروسي لدى العراق، على قادة الفصائل المسلحة، والتي تتحدث المصادر عن أنه ينسق من خلالها النفوذ العسكري مقابل التسهيلات التي تقدم لهذه الفصائل في عقود التسليح واستيراد العتاد والصواريخ من روسيا بطرق غير رسمية.
تطور الأمر، بحسب المعلومات، إلى إدخال معامل روسية لإنتاج صواريخ في بعض المناطق المحررة التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة الكبيرة.
وفي الجانب الآخر، كذلك تطور الأمر إلى توحيد الجهود مع قادة تلك الفصائل من أجل المضي باستراتيجية استبدال الغرب بالشرق، أي دخول روسيا كبديل عن النفوذ الأمريكي في العراق، وهو ما يقرأ بين أسطر اللقاء الذي جمع السفير الروسي في العراق إيلبروس كوتراشيف، مع الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، والذي يقول بيان رسمي عنهما، إنهما “ناقشا طبيعة العقبات التي تواجه جهود صيانة المعدّات الحربية روسية الصنع في وزارة الدفاع وسبل معالجتها”.
ويعود الخزعلي، ليؤكد على “أهمية التعاون بين البلدين في مسائل المنطقة؛ لتحقيق الاستقرار وإفشال المشاريع الغربية التي تدعم الإرهاب”.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة