مع استمرار تزايد وظهور حالات تعنيف مستمرة تطال الأطفال والنساء في العراق، تستمر الاصوات الصادحة المطالبة بتشريع قانون العنف الاسري، الذي يواجه خلافات عميقة لاتوحي لامكانية تشريعه، في الوقت الذي ترهن منظمات المجتمع المدني والمنظمات الانسانية، حماية المعنفين وتقليل هذه الحالات، بتشريع هذا القانون حصرًا.
وتتّهم رئيسة منظمة "آيسن" لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، أنسام سلمان، "الأحزاب الدينية وتحديداً حزب الفضيلة، بالوقوف وراء عدم تشريع القانون حتى الآن، معتبرة ان هذه الأحزاب لا تريد خروج المجتمع من السطوة الدينية أو الذكورية، على الرغم من أن القانون يحمي الجميع ويحفظ حقوقهم بشكل كامل"، بحسب تعبيرها.
وتؤكد سلمان، في تصريح تابعته "بغداد اليوم"، أن "المنظمات والأحزاب المدنية قدمت صيغتين من قانون العنف الأسري، إلا أنّ البرلمان رفضهما بشكل نهائي"، لافتة إلى أنّ "صيغة القانون لا تخالف السياق الاجتماعي بل العكس. ويطرح القانون حلولاً كبيرة للكثير من مشكلات التعنيف".
بماذا يختلف عن القوانين الموجودة؟
وتشير سلمان إلى أن "أبرز إيجابيات القانون هو توفير دور إيواء للضحايا المعنفين، وتحويل حقهم الشخصي إلى حق عام يحاسب عليه القانون"، مبيّنة أن "الضحايا لا يحصلون على حقوقهم في ظل القانون الحالي، إلا إذا تقدموا بشكوى ضد الجناة".
وكشفت سلمان عن عزم "المنظمات والأحزاب المدنية الضغط على البرلمان لتسريع القانون عبر اللقاء برئيس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى من أجل ممارسة دورهم القانوني والتوصل إلى صيغة قانون مرضية للجميع".
لا حاجة لقانون جديد
من جهته، يعترض أستاذ القانون الدستوري في جامعة بغداد، مصدق عادل، على دعوات تشريع قانون يحمي الطفل وكل فرد بالأسرة، أسوة ببقية الأنظمة في العالم، عازياً السبب إلى وجود مواد قانونية تحفظ للطفل تربيته وتنشئته.
ويرى أنّ "القوانين الحالية تتوفر فيها فقرات لو طبقت لأصبحت من أفضل القوانين حماية للطفل والأسرة في العالم، لكن ما يعيب عليها أنها مطاطية ولا تطبق بشكل صريح على أراضي الواقع".
ويوضح، أنّ "القوانين العراقية تتضمن حماية شبه متكاملة للطفل بالتحديد من بينها قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983، ويشمل دور التأهيل وأحكام الضم ومسؤولية الأولياء، فضلاً عن التصويت على قانون حماية حقوق الطفل في الأمم المتحدة عام 1991".
غموض موقف المرجعية
وتعزو رئيسة لجنة المرأة والأسرة في البرلمان عن دورته السابقة، رحاب العبودي، سبب عدم تشريع القانون على الرغم من قراءته قراءة أولى وثانية من قبل أعضاء البرلمان، إلى اللغط الذي رافق القانون من قبل الأحزاب السياسية، لأنهم يرون أنه يزيد من التفكك الأسري وحالات الطلاق، عدا عن عدم وضوح موقف المرجعية الدينية في النجف من القانون.
وتقول العبودي إنّ "القانون عرض على أكثر من مرجع ديني في النجف، إلا أنهم لم يدرسوه ولم يطلعوا على بنوده، وطلبوا عدم التدخل في القضايا التشريعية، وتركوا خيار تشريعه للبرلمان، واكتفوا بأن يكون القانون مراعياً للمجتمع والتقاليد". تتابع أن "كل الدوائر التي تعمل على حماية الأسرة في الوقت الحالي تعمل من دون غطاء قانوني. لهذا، فإن تشريع القانون ضرورة ملحة لا بد من المضي بها".
وتتحدث العبودي عن "خروقات كارثية بحق النساء المعنفين والأطفال، لعدم وجود قانون يحميهم، وتضطر الدوائر المعنية إلى زج المعنفين بالسجن لعدم وجود أماكن مخصصة لإيوائهم"، داعية "المهتمين بحقوق الإنسان والأحزاب السياسية إلى إبعاد القانون عن المزايدات السياسية، وعدم استخدامه كورقة ضغط لأغراض سياسية".