يسود الأوساط السياسية تفاؤل حذر بشأن إقرار الموازنة العامة بداية الأسبوع المقبل، في ظل تأكيدات من كتل سياسية مختلفة على تمرير حصة إقليم كردستان، فقا لاتفاق بغداد وأربيل، في مقابل لغط حول تعزيز حصص المحافظات الوسطى والجنوبية.
ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، إن "حصة إقليم كردستان في قانون الموازنة، تم احتسابها وفقاً لبيانات وزارة التخطيط بـ12.67 بالمئة من مجموع الموازنة العامة، رغم أن حصة الإقليم يجب أن تكون أعلى من ذلك وفق النسب السكانية، لكن بيانات التخطيط غير محدثة".
ويتهم كريم، أطرافا سياسية لم يسمها، بـ"العمل على عرقلة أي اتفاق بين بغداد وأربيل، والتي تحاول بث شائعات مغرضة، غايتها التشويش على نسبة الإقليم ومحاولة مقارنتها ببعض المحافظات".
ويستدرك بالقول "لكن الحوارات الأخيرة بين الطرفين توصلت إلى حل أغلب القضايا العالقة، والأجواء ما زالت إيجابية، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني ملتزم بما اتفق عليه مع حكومة الإقليم، بخصوص الملفات المالية والنفطية"، لافتا إلى أن "جميع المعطيات تشير إلى أن قانون الموازنة سيتم التصويت عليه في مجلس النواب بداية الأسبوع المقبل، مع الحفاظ على حصة الإقليم كما اتفق عليها".
وكانت حكومة إقليم كردستان، قد اتهمت أمس الأربعاء، في بيان رسمي، عددا من أعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب، بالسعي لتعديل المادتين 13 و14 الخاصتين بحصة الإقليم من الموازنة، مشددة على ضرورة الالتزام ببنود الاتفاق الموقع مع الحكومة الاتحادية في الرابع من نيسان أبريل الماضي، في ظل تأكيد حكومة الإقليم على تنفيذ جميع التزاماتها.
جدير بالذكر أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أعلن منتصف آذار مارس الماضي، عن التوصل لاتفاق شامل للقضايا العالقة بين بغداد وأربيل، ولأول مرة يتم إيداع الإيرادات الكلية للنفط المنتج في الإقليم بحساب مصرفي موحد يخضع للإدارة الاتحادية، كما أِار إلى أن التفاهمات بين بغداد وأربيل كانت بنقاط واضحة، وفي حال وجود أي خلافات بين بغداد وأربيل هناك لجنة ترفع توصياتها إلى رئيس الوزراء الاتحادي، وأن هذه التفاهمات بين بغداد وأربيل تؤكد مضي الطرفين نحو إقرار قانون النفط والغاز.
يذكر أن اللجنة المالية، اجتمعت يوم أمس، برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، استعدادا لإرسال الموازنة إلى رئاسة المجلس، حيث دعا الحلبوسي، اللجنة إلى استيعاب شرائح كبيرة من المجتمع من خلال استحداث الدرجات الوظيفية لتعيين الخريجين في المحافظات وتضمين التخصيصات المالية الكافية لهم.
يشار إلى أن العديد من نواب كتل الإطار التنسيقي، صرحوا خلال الأيام الماضية، أن نواب الوسط والجنوب قد يقاطعون جلسة إقرار الموازنة إذا لم تضمن استحقاقاتهم.
وبلغت قيمة موازنة العام الحالي والعامين المقبلين، 200 تريليون دينار (151 مليار دولار) لكل عام، وأرسلت لمجلس النواب بعد التصويت عليها من قبل مجلس الوزراء، وتم بناء الموازنة، على سعر 70 دولارا للبرميل، فيما بلغت نسبة العجز فيها 63 تريليون دينار.
من جهته، يؤكد النائب عن الإطار التنسيقي كريم عليوي، أن "الأجواء السياسية إيجابية من أجل تمرير قانون الموازنة، الأسبوع المقبل، والاجتماعات مستمرة في اللجنة المالية البرلمانية، وبحضور ممثلي جميع القوى السياسية، من أجل وضع اللمسات الأخيرة على القانون".
ويضيف عليوي، أن "حكومة السوداني، وكل قوى ائتلاف إدارة الدولة جادة بحل كافة الخلافات العالقة ما بين بغداد وأربيل، ولا توجد أي نية للعودة للخلافات والتراجع عن أي اتفاق تم ما بين حكومتي بغداد وأربيل، ونسبة الإقليم تم تثبيتها وفق ما اتفقت عليه الحكومتان ووفق القانون المرسل من مجلس الوزراء".
ويتابع النائب عن الإطار التنسيقي، أن "هنالك مظلومية كبيرة لمدن الوسط والجنوب بشأن التخصيصات المالية، وهذا الأمر أثار حفيظة نواب تلك المحافظات، وسنعمل على إجراء مناقلات مالية ما بين أبواب الصرف من أجل زيادة التخصيصات المالية ضمن موازنة تنمية الأقاليم، وهناك إجماع سياسي على هذا التوجه النيابي".
يشار إلى أن أعلى موازنة في تاريخ البلد، كانت في عام 2012، خلال تولي نوري المالكي لدورته الحكومية الثانية، بواقع 118 مليار دولار، وعدت في حينها بـ"الموازنة الانفجارية".
يذكر أن مطالب عدة برزت بشأن الموازنة، منها مطالب تحالف السيادة السبعة، فضلا عن قضية تخصيصات البترودولار، حيث وردت في الموازنة قيمتها تريليونا دينار، في حين يطالب نواب المحافظات الجنوبية بأن تكون نسبتها 7 تريليونات.
وكان مجلس النواب، أنهى الشهر الماضي، القراءة الثانية لمشروع قانون الموازنة، ومناقشة تقرير اللجنة المالية بشأنها، وقد تضمن التقرير ملاحظات كثيرة وتفصيلية، وجداول تقارن بحجم النفقات بين موازنة 2021 و2023.
ومن جملة ما تضمنه تقرير اللجنة المالية، ارتفاع عدد الموظفين مقارنة بموازنة 2021، وفيه: ارتفاع أعداد الموظفين في وزارة التربية بنسبة 525 بالمئة، ليبلغ عدد القوى العاملة فيها أكثر 963 ألف شخص، ووزارة الصحة سجلت بدورها، ثاني أكبر ارتفاع بنسبة 320 بالمئة، ليبلغ عدد موظفيها أكثر من 488 ألف شخص، تلتها هيئة الحشد الشعبي التي ارتفع عدد منتسبيها من 122 ألفا إلى 238 ألف منتسب بزيادة بنسبة 95 بالمئة.
كما سجلت مخصصات بعض الوزارات، وفقا للتقرير، ارتفاعا متفاوتا، فوزارة النفط ارتفعت بواقع 60 بالمئة بتخصيص جديد قدره 6 تريليونات، فيما قفزت وزارة التخطيط بنسبة 720 بالمئة، من 500 مليار دينار إلى 4.1 تريليون دينار، وتخصيص وزارة الإعمار والإسكان ارتفع بنسبة 171 بالمئة، ووزارة النقل بنسبة 211 بالمئة، فيما ارتفع تخصيص وزارة الداخلية 230 بالمئة ووزارة الدفاع 67 بالمئة.