29 Mar
29Mar

تجربة مريرة ومليئة بلحظات الذعر عاشتها الفنانة الروسية أليونا كازينسكايا، يوم الجمعة الماضي، حيث كانت شاهدة على الهجوم الدامي الذي وقع في قاعة كروكوس سيتي قرب موسكو.
وتأكد مقتل 143 شخصا حتى أمس الخميس في هذه المذبحة التي أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنها، لكن روسيا تتهم أوكرانيا بالوقوف وراءه، الأمر الذي تنفيه كييف بشكل قاطع.
ونقلت "رويترز" عن كازينسكايا قولها إنها اشترت وصديقتها تذكرتين لحضور حفلة لفرقة الروك (بيكنيك) التي تعود إلى الحقبة السوفيتية وهي تؤدي عرضا أمام 6200 شخص في قاعة كروكوس سيتي بالقرب من موسكو.
وفكرت الصديقتان في اصطحاب بناتهما، لكنهما قررتا في النهاية الذهاب بمفردهما، ونشرت كازينسكايا أول رسالة صوتية لها مدتها 10 ثوان عبر قناتها على تطبيق تلغران الساعة 8:01 مساء وبدا صوتها مرتعدا ولاهثا مع سماع دوي مرتفع لإطلاق النار في الرسالة.
وقالت "أحبكم جميعا. أنا في قاعة كروكوس سيتي لحضور حفلة لفرقة (بيكنيك). هناك من يطلقون النار في الحفلة الموسيقية. اتصلوا بالشرطة".
وبينما كان هناك أربعة مسلحين يحملون بنادق كلاشينكوف ويقتحمون المبنى ويطلقون النار على الحضور، وجدت كازينسكايا نفسها محاصرة في أعنف هجوم على روسيا منذ 20 عاماً.


لحظات الهجوم
وفي مقابلة مع رويترز، قالت كازينسكايا إنها أدركت بسرعة أن الأصوات التي سمعتها هي طلقات نارية وليست مؤثرات صوتية وحاولت وصديقتها إقناع الحضور بترك مقاعدهم والهروب خارج القاعة.وأضافت كازينسكايا: "حاولنا لفت انتباه الحضور ونجحنا في ذلك. لكن الناس كانوا قد بدأوا في الجري بالفعل للخروج ولم نتمكن من اللحاق بهم. وفي هذه اللحظة دخل المسلحون إلى القاعة وطرحت صديقتي أرضا".

رسائل مشوشة
وبحسب رويترز، فإن أول ما تبادر إلى ذهن كازينسكايا كان الخروج من القاعة بأي ثمن، قائلة: "خطرت على بالي فكرة أخرى وهي أنني أرتدي اللون الأبيض مما يجعلني هدفا سهلا".
وتابعت: "فكرت أن أنشر أي شيء في ذلك الوقت. نعم، خائفة جدا لكنني سأنشر هذه الرسائل على قناتي (عبر تطبيق تلغرام) لأنه بهذه الطريقة، سيجدها وسيسمعها أي شخص وسيطلب بدوره المساعدة".
وفي الساعة 8:08 مساء كتبت ثلاث رسائل في تتابع سريع، اختلط فيهن ترتيب الحروف ذلك لأن أصابعها كانت ترتعش على الهاتف.
وكان نص هذه الرسائل المتتالية "من فضلكم اتصلوا بالشرطة...قاعة كروكوس سيتي... هناك إطلاق للنار".
وفي ذلك الوقت، تمكنت الصديقتان من الخروج من القاعة لكنهما كانتا ما تزالان محاصرتين داخل المبنى، ثم توقف إطلاق النار وظهر خطر آخر.
ففي الساعة 8:17 مساء، نشرت رسالة صوتية من كلمة واحدة وهي "حريق!"، إذ استخدم المسلحون البنزين لإشعال حريق في قاعة الحفلات الموسيقية الضخمة، ولاذت الصديقتان بالحمام وكانت الأدخنة تتصاعد في كل مكان وحاولتا الخروج ست مرات لكنهما لم تتمكنا من رؤية أي شيء بسبب الدخان واضطرتا للتراجع في كل مرة، وبدأت كازينسكايا في فقدان الأمل.
وتركت كازينسكايا رسالة صوتية مدتها أربع ثوان في الساعة 8:23 مساء واعتقدت أنها ستكون الأخيرة، وقالت فيها: "أحبكم. وداعا".


النجاة
في وسط هذه الفوضى والارتباك وجدت الصديقتان نفسيهما في حمام آخر حيث اختبأ الكثير من الأشخاص وكان هناك رجل يقول إنه يعتقد أن باستطاعته إيجاد سبيل للخروج، فسارتا خلفه حتى تمكنتا من الخروج من المبنى ولكن حتى هذه اللحظة لم تشعر كازينسكايا بالأمان.
وأوضحت كازينسكايا: "جالت في خاطري فكرتان، الأولى هي أنني أحتاج إلى إسعافات أولية لأنني لا أستطيع التنفس، كنت أشعر بألم في رئتيّ وتعرضت لنوبة ربو، والفكرة الثانية هي أنني أريد الابتعاد عن المبنى قدر الإمكان".
وفي الساعة 8:31 مساء، تركت كازينسكايا رسالة صوتية جديدة تقول فيها "ما زلت على قيد الحياة وأتلقى الإسعافات الأولية. وخرجت (من المبنى). شكرا لكم".
وعانقت كازينسكايا كما تقول الجميع عندما عادت إلى المنزل، مضيفة أنها لن تذهب إلى النوادي أو الحفلات الكبيرة مجددا قبل مرور وقت طويل على هذا الحادث لكنها تشعر بالراحة بسبب الدعم الكبير الذي حظيت به.
واختتمت كازينسكايا حديثها قائلة: "أعتقد أن المجتمع بحاجة إلى أن يكون أكثر لطفا، فنحن لا نتذكر أننا بشر ونتعامل بلطف إلا عندما يحدث أمر سيء، لكن علينا أن نكون بشراً كل يوم".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة