يتواصل الخلاف السياسي في محافظة نينوى، بالرغم من تشكيل الحكومة المحلية فيها، والبدء بحملة لتغيير مدراء الدوائر ورؤساء الوحدات الإدارية في أقضيتها المختلفة، لكن لقضاء سنجار والمناطق المحيطة به، خصوصية كبيرة، حيث شهدت صراعا كبيرا بين القوى المتحكمة بمصير المحافظة.
وتكشف معلومات مثيرة عن تقاسم إدارة مناطق سنجار وسنوني والقيروان وربيعة والقحطانية، بين الاتحاد الوطني الكردستاني والإطار التنسيقي وفصائل مسلحة مقربة من حزب العمال الكردستاني، وفيما لم ينف قيادي إيزيدي مقرب من الإطار هذه المعادلة الجديدة، عد الحزب الديمقراطي، (المستبعد من التقسيم الجديد)، هذه الخطوة بانها “ضرب لاتفاقية سنجار” ملمحا إلى اتهام إيران بجمع هذه الأطراف، لكن الاتحاد الوطني نفى علاقته بحزب العمال وأكد قربه من فصائل إيزيدية “لها نفس الفكر”.
ويشكل قضاء سنجار، نقطة خلاف بين بغداد وأربيل، كونها ضمن المادة 140 من الدستور وماتعرف بالمناطق المتنازع عليهان وسبق للحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، وأن وقعت اتفاقا مع حكومة أربيل سمي بـ”اتفاق سنجار”، ويقضي بطرد الجماعات الخارجة عن القانون، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني والفصائل المرتبطة به، فضلاً عن إدارة مشتركة بين الإقليم والحكومة الاتحادية للقضاء ذو الغالبية الإيزيدية.
لكن “اتفاق سنجار” لم ير النور، بسبب رفض الحشد الشعبي والفصائل الإيزيدية له، حتى خرجت تظاهرات كبيرة، تعلن رفضها تنفيذ الاتفاق، كما أبدوا رفضهم لعودة الحكومة المحلية إلى سنجار، كون الحكومة المحلية ومنها القائممقام مرتبطة بالحزب الديمقراطي الكردستاني.
ويقول مصدر مطلع، خلال حديث لـه، إن “اجتماعات عدة عُقدت بين الأطراف الثلاثة، وهي الإطار التنسيقي والفصائل المسلحة والاحزاب الإيزيدية المقربة من حزب العمال الكردستاني، لغرض تسمية المناصب الجديدة في مناطق سنجار وسنوني والقيروان والقحطانية وربيعة”.
ويضيف المصدر، أن “الاتفاق نص على توزيع المناصب، بحيث تتسلم شخصية إيزيدية مرتبطة بوحدات حماية سنجار التابعة لحزب العمال الكردستاني منصب قائممقام سنجار، فيما تتسلم شخصبة إيزيدية تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني منصب مدير ناحية سنوني (الشمال)، بينما تتسلم شخصية شيعية مرتبطة بالإطار، وتكون من حركة بدر أو ائتلاف دولة القانون، منصب مدير ناحية القيروان”.
ويكمل أن “الاتفاق ينص أيضاً على تغيير منصب مدير ناحية ربيعة ويكون من حصة العقد الوطني بزعامة فالح الفياض، ويتسلم المنصب شخصية سنية مقربة من النائب عبد الرحيم الشمري”.
وكانت اخبار سابقة قد كشفت منتصف نيسان أبريل الحالي، أن مجلس محافظة نينوى سيصوّت على تعيين رؤساء وحدات إدارية جديدة لأقضية مخمور وشيخان وناحية بعشيقة وبرطلة، تحت إدارة تابعة للإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني وبابليون برئاسة ريان الكلداني وممثلي كوتا الإيزيدية والشبك، وسط إبعاد الحزب الديمقراطي الكردستاني عن المناصب المهمة، حيث تمت إقالة مدير صحة نينوى الذي ينتمي للديمقراطي، كما سيتم التصويت على إقالة مدراء الزراعة والبلديات، وقائممقام سنجار ومخمور وشيخان وجميعهم ينتمون للحزب الديمقراطي.
ووصل عدد أعضاء الإطار التنسيقي في مجلس نينوى، بحسب المصدر، إلى أكثر من 18 عضوا من مجموعة أعضاء مجلس محافظة نينوى البالغ عددهم 29 عضواً، بعد انضمام أعضاء آخرين من كتل أخرى إلى الإطار، وخاصة تحالف بابليون برئاسة ريان الكلداني.
ويعد ريان الكلداني، إحدى الشخصيات المثيرة للجدل داخل المكون المسيحي، كونه أول من يشكل فصيلا مسلحا داخل الحشد الشعبي يضم مقاتلين مسيحيين، وهو ما ترفضه الكنيسة الكلدانية في العراق.
وحول هذا الأمر، يبين السياسي الإيزيدي المقرب من وحدات حماية سنجار فهد حامد، خلال حديث لـه أن “التغيير في القضاء ونواحيه بات ضرورياً”.
ويشير إلى أنه “من غير المعقول أن يدار قضاء بحجم سنجار فيه كم كبير من المشاكل الخدمية والإدارية من قبل شخصية مكانها خارج القضاء”، مضيفا أن “نتائج الانتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات أفرزت واقعاً جديداً، حيث لم يعد حزب العمال الكردستاني موجوداً على الأرض ولم يحصل على أصوات الإيزيديين وباقي مكونات سنجار، وبالتالي توزيع المناصب الجديد سيكون وفقاً لنقاط كل مكون وحزب”.
يذكر أن وحدات حماية سنجار، مرتبطة رسميا بهيئة الحشد الشعبي، لكن جرى تشكيلها بعد تحرير قضاء سنجار من سيطرة تنظيم داعش، حيث شكلها في حينها حزب العمال الكردستاني.
وتعد المناطق التي تجري تقاسمها حاليا، أغلبية من المكونات في نينوى، سواء المكون الإيزيدي والمسيحيين والشبك، ومؤخرا جرت إثارة موضوعة توسيع مدينة الموصل مركز المحافظة، عبر ضم مساحات من مناطق سهل نينوى، التي تضم غالبية مسيحية.
إلى ذلك، يتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني، وعبر العضو فيه ريبين سلام، “دولة جارة جمعت الأطراف الثلاثة بسبب مصالحها في سنجار، كون سنجار منطقة حدودية مطلة على سوريا، وأيضاً لغرض استبعاد الحزب الديمقراطي من المعادلة، لأنه الممثل الحقيقي لأهالي سنجار”.
ويتابع سلام، خلال حديث لـه أن “هذا الاتفاق هو تكرار لأعمال سابقة قام بها الاتحاد الوطني في بغداد وكركوك والموصل وحتى داخل الإقليم، ولم يعد مستغرباً ما يقوم به من أفعال لغرض مصالحه الخاصة، حتى لو تعارضت مع المصلحة القومية للكرد”.
ويستطرد أن “هذا الاتفاق يضرب اتفاقية سنجار التي وقعت بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، وأيضاً هو ضرب للديمقراطية لأن أهالي هذه المناطق صوتوا للحزب الديمقراطي في الانتخابات السابقة”، مضيفا أن “أكثر المتضررين هم سكان هذه المناطق وخاصة من الإيزيدين، حيث أن هذه الجهات من فصائل الحشد وحزب العمال يريدون المتاجرة بقضيتهم، وجعلها ساحة حرب”.
ويعيش حزبا الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستانيان، صراعا مزمنا احتد خلال العقد الأخير بعد تولي رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي رئاسة الحكومة والتي أعلن خلالها “سياسة التقشف”، وعلى إثرها انتهجت حكومة إقليم كردستان ما أسمته في حينها “الادخار الإجباري” لرواتب الموظفين، وتركزت هذه السياسة على السليمانية بشكل مباشر، ما أثار حفيظة الاتحاد الوطني.
ثم بلغت الخلافات ذروتها بعد إعلان رئيس الإقليم مسعود بارزاني الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان عن العراق وضم كركوك والمناطق المتنازع عليها للإقليم، في تشرين الأول أكتوبر 2017، ما استدعى الحكومة الاتحادية إلى تدخل عسكري لاستعادة السيطرة على كركوك وبعض المناطق المتنازع عليها، وطرد قوات البيشمركة منها، في حينها اتهم الديمقراطي نظيره الاتحاد الوطني بالوقوف وراء ذلك، كونه كان رافضا لإجراء الاستفتاء.
من جانبه، ينفي مسؤول إعلام الاتحاد الوطني الكردستاني في نينوى غياث سورجي، خلال حديث لـه، وجود اتفاق يقضي باستبعاد أي طرف سياسي من المعادلة الجديدة في المحافظة.
ويؤكد سورجي، أن “الحزب الديمقرتطي هو أول من دخل في تحالفات في السنوات السابقة وضرب المصلحة الكردية عرض الحائط، ولن نسمح لهم بالمتاجرة والتخوين مجدداً”، متابعا أن “الديمقراطي حصل على 4 مقاعد، ويريدون البقاء على إدارة 16 وحدة إدارية وهذا مخالف للمنطق والقانون، وتوزيع الوحدات الإدارية والمناصب سيكون وفقاً للنقاط”.
وينوه إلى أن “الاتحاد الوطني ليس لديه أي علاقة بحزب العمال الكردستاني، وعلاقتنا هي بالجهات والفصائل الإيزيدية، والتي ربما لها نفس الفكر والعقيدة مع حزب العمال، لكن الأخير ليس له أي وجود في سنجار إطلاقاً، وهذه كلها شائعات يطلقها الديمقراطي ووسائل إعلامه لغرض تأجيج الوضع في القضاء المستقر، وأيضاً لغرض إعاقة عودة النازحين”.