في ظل تفشٍ جديد لفيروس كورونا في الصين وعودة بعض الدول إلى فرض شرط الفحص للقادمين منها، يتجدد السؤال عن مدى استعداد العراق لموجة جديدة من الوباء، وفيما أكد مدير مستشفى عدم أهلية النظام الصحي لهكذا موجة وبائية، تمسكت وزارة الصحة من جانبها بالتوعية واتخاذ الإجراءات الوقائية.
ويقول مدير مستشفى فاطمة الزهراء الطبيب عباس الحسيني،إن "الفيروس المتحور الموجود في الصين هو جزء من سلسلة متحورات لم ولن تنتهي، لأن ميزة الفيروسات الرايبوزومية هي التحورات اللانهائية، عبر تغيرات جينية غير مسيطر عليها".
ويناشد الحسيني منظمة الصحة العالمية القيام بـ"إجراءات مهمة، من ضمنها الاحتواء، الذي يشمل توفير المعلومات الكافية عن هذا المتحور، ليتسنى للبلدان القيام بإجراءات تتناسب وقوة المتحور الجديد، للحيلولة دون الوقوع بأخطاء العامين السابقين".
وعن أعراض هذا الفيروس، يكشف أن "أعراض المتحور الجديد لا تختلف كثيراً عن سابقاته، حيث يصيب الجهاز التنفسي، والرئتين، وينتشر بين كل الأعمار، فضلاً عن إصاباته الشديدة، وسرعة انتشاره".
ويلفت الطبيب إلى أن "الإجراءات السابقة أثبتت فشلها، ولا جدوى من قطع الطرق وإغلاق المطارات، وليس من شأن ذلك إلا تدمير الاقتصاد العالمي، بدلاً من ذلك ينبغي اتباع خطة صحية وقائية وعلاجية، تشمل اكتشاف لقاح أو دواء لهذا المتحور".
ويتوقع الحسيني أن "المدة التي يستغرقها اكتشاف لقاح لفيروس معين تتبع مجموعة التحورات الجينية، فإذا ما كان المتحور الجديد قد غير من الكثير من جيناته سوف تطول مدة اكتشاف اللقاح، والعكس صحيح".
وحول استعداد الواقع الصحي العراقي لمواجهة هذا النوع من الأوبئة، يرى أن "النظام الصحي في العراق متخلف، إذ تُعاني مستشفياتنا من عدم الجاهزية لاستقبال جائحة أخرى"، مشددا على "ضرورة توعية المواطنين إعلامياً، وتثقيفهم على وسائل الوقاية، بدءاً بموظفي المؤسسات الصحية، ونزولاً إلى المواطنين البسطاء".
وكانت الصين قد أعلنت انتصارها على فيروس كورونا وخففت القيود التي كانت قد فضتها منذ أكثر من عامين، لكن هذا الأمر، بحسب خبراء وبيانات دولية، فان تخفيف القيود أدى إلى عودة ارتفاع الإصابات في الصين، حيث أعلنت ايطاليا اكتشافها إصابة أكثر من 50 بالمئة من الركاب القادمين على متن طائرتين من الصين إليها بفيروس كورونا.
كما أعلنت الولايات المتحدة أنها ستطلب من المسافرين القادمين من الصين إجراء فحص كورونا، وبذلك تنضم إلى دول أخرى اتخذت القرار نفسه بسبب ارتفاع حالات الإصابة في الصين.
وبالإضافة إلى الولايات المتحدة، فقد فرضت عدد من الدول قيودا على القادمين من الصين، من بينها: فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، السويد، كندا استراليا، بريطانيا، اليابان، كوريا الجنوبية، المغرب، الهند، وقطر.
يشار إلى أن الواقع الصحي في العراق يعاني من مشاكل عدة، بداية من تقادم المستشفيات وعدم تأهيلها، إضافة إلى الإهمال في الجوانب الخدمية والسلامة وعدم توفر الأدوية، وكانت آخر فاجعة صحية في العراق، هي الحريق الذي اندلع في مستشفى الحسين بالناصرية مركز محافظة ذي قار، بسبب انفجار قنينة أوكسجين، ما أدى إلى مقتل نحو 100 مريض بفيروس كورونا، وذلك عقب حريق آخر اندلع في مستشفى ابن الخطيب الخاص بمرضى كورونا في العاصمة بغداد، وأودى أيضا بحياة قرابة 100 شخص، وذلك في العام 2021.
وكان أطباء قد حذروا خلال ذروة إصابات كورونا عام 2021، من "انهيار" الواقع الصحي مع ارتفاع أعداد الإصابات لمستويات قياسية في ذلك الوقت، حيث أكدوا وجود نقص بالأطباء والكوادر الصحية وعاملي الخدمة، فضلا عن استخدام كافة ردهات المستشفيات لعزل المصابين بما فيها ردهات الأطفال حديثي الولادة، إضافة الى انقطاع التيار الكهربائي عن تلك الردهات، ما تسبب بخروج العديد من المرضى على "مسؤولياتهم".
إلى ذلك، توضح عضو الدائرة الإعلامية في وزارة الصحة ربى فلاح، خلال حديث له، أن "فيروس كورونا لم ينته تماماً، إذ ما زالت وزارة الصحة تسجل إصابات، وإن كانت قليلة، مقارنة بالسابق، فضلاً عن أن العراق غير مستثنى من دخول أي متحور، أو أي موجة وبائية أخرى".
وتضيف فلاح، أن "وزارة الصحة تمتلك أطباء مختصين بالأوبئة، في دائرة الصحة العامة، وظيفتهم مراقبة الوضع الوبائي، على الصعيدين المحلي والعالمي، يعدون تقريراً دورياً، للتوصية باتخاذ الإجراءات المناسبة، تبعاً للموقف الوبائي".
وتؤكد أن "وزارة الصحة تدعم الإجراءات الوقائية، مع توعية الناس، والحث على أخذ اللقاح"، لافتة إلى أن "استعدادات العراق تعتمد على توصيات منظمة الصحة العالمية، لا سيما بشأن المعلومات التي توفرها عن المتحور الجديد، فالوقت مازال مبكراً على اتخاذ إجراءات ربما من شأنها إفزاع المواطنين".
وبين أحد الأطباء الأخصائيين في العاصمة بغداد، في حديث له أن المؤسسة الصحية في العراق لم تتم متابعتها منذ العام 1962 في حين أن المنظومة الصحية في بريطانيا تقوم بعمل متابعة لنظامها كل عامين، وعلى سبيل المثال أن مستشفى القادسية في مدينة الصدر الذي يغطي حوالي أكثر من مليوني نسمة يضم خمسة أطباء اختصاص باطنية فقط، في حين كان لدينا سنة 1989، نحو 13 طبيبا أخصائيا.