عشية لقائه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بغداد، يتوجه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى طهران لتنسيق المواقف بشأن أحداث الحرب في غزة، وفيما أكد مراقبون أن السوداني يحاول الحصول على دعم إيراني لتهدئة الفصائل المسلحة ومنع التصعيد ضد المصالح الأمريكية، أشاروا إلى أن رئيس الحكومة سيحمل رسائل وتحذيرات واشنطن إلى طهران.
ويقول المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـه، إن "زيارة السوداني إلى طهران، تحمل مطالب عدة ضمنها تنسيق المواقف، لاسيما أن الوضع الإقليمي والدولي مربك جداً، والعراق غير واضح في سياسته خصوصاً في ظل توجه الفصائل العراقية للتصعيد مع وجود مواقف دولية تطالب حكومة السوداني بكبح جماح تلك الفصائل، قبل أن يدخل العراق بمشكلات اقتصادية وسياسية".
ويبين الدعمي، أن "هدف السوداني في طهران هو كسب الدعم الإيراني للضغط على أصدقاء إيران في العراق، خصوصا وأن الفصائل تتأثر وتستمع لإيران أكثر مما تستمع لغيرها، فهي مرتبطة بولاية الفقيه، والسوداني يريد تطمينات إيرانية لتهدئة الفصائل ومنع أي تصعيد من قبلها ضد الأمريكان".
وعن زيارة السوداني لبعض دول الخليج، يضيف أن "هذه الزيارة تندرج في إطار إيجاد مواقف عربية موحدة تجاه ما يحصل في المنطقة بسبب تداعيات حرب غزة، خصوصاً أن العراق محسوب الآن ضمن دول محور المقاومة، بعد كلمة السوداني في مؤتمر القاهرة، وهذا الأمر له تأثير على العلاقات العراقية في المنطقة العربية والعالم، لذلك تأتي هذه الزيارة من أجل بيان موقف العراق في سياسته الخارجية مع دول الخليج والمنطقة".
ووصل السوداني، اليوم الاثنين، إلى العاصمة الإيرانية طهران لعقد محادثات مع مسؤولين إيرانيين وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي، ورئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي، تركزت على بحث تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة والتصعيد العسكري في العراق ضد الأهداف والمصالح الأمريكية من قبل فصائل مسلحة حليفة لطهران.
وتأتي زيارة السوداني إلى طهران عشية استقباله وزير الخارجية الأمريكي مساء أمس الأحد في بغداد الذي دخل فور وصوله في اجتماع مع السوداني لبحث تطورات وتداعيات حرب غزة وتأثيرها على المنطقة.
من جانبه، يجد الباحث في الشأن السياسي والأمني محمد علي الحكيم، خلال حديث لـه، أن "زيارة السوداني في هذا الظرف الراهن لإيران والخليج مهمة جدا، لاسيما أن موقفه بات حرجا جدا أمام الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، على خلفية الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة، على القواعد والمصالح الأمريكية في العراق وسوريا، علاوة على استهدافات عابرة لحدود الأردن، كان آخرها في البحر الميت ومستوطنة إيلات".
ويضيف الحكيم، أن "السوداني يريد أن يلعب دورا محوريا في المنطقة، لذا فإن زيارته لطهران تحمل في طياتها العديد من الرسائل أبرزها الطلب من طهران الضغط على حلفائها (الفصائل) للتوقف ولو لهدنة مؤقتة عن قصف القواعد الأمريكية، بعد أن وضعت السوداني في زاوية حرجة جدا وفي موقف لا يحسد عليه، لأن هناك اتفاقية إطار استراتيجي موقعة بين بغداد وواشنطن تتيح بقاء المعسكرات الأمريكية وبعض المدربين للتشاور والتدريب".
ويتابع أن "رئيس الوزراء سينقل رسالة من واشنطن إلى طهران، مفادها عدم رغبة أمريكا بتصعيد أي من الجبهات، وقد تحمل الرسالة تهديدا مبطنا بأن فتح أي جبهة سيواجه بعملية ردع من قبل القوات الأمريكية لاسيما بعد خطاب نصرالله الذي كان يحمل رسالة تؤكد أن كل السيناريوهات واردة ومفتوحة على جميع الأصعدة".
ولم يستبعد أن "تحمل الزيارة رسالة من أمريكا إلى إيران بعدم التصعيد وضبط إيقاع حلفائها من حزب الله في لبنان إلى الفصائل العراقية، بعدما أصبحت المنطقة على صفيح ساخن وعبارة عن برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة".
وأكدت الخارجية الأمريكية، أمس، أن بلينكن ناقش مع السوداني الصراع بين إسرائيل وحماس، والحاجة إلى منع انتشار الصراع، بما في ذلك العراق، مؤكدا أنه تمت مناقشة ضمان عدم تهجير الفلسطينيين قسراً خارج غزة، كما حث بلينكن، السوداني، على محاسبة المسؤولين عن الهجمات المستمرة على الموظفين الأمريكيين في العراق والوفاء بالتزامات العراق بحماية جميع المنشآت التي تستضيف موظفين أمريكيين بدعوة من الحكومة العراقية، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستدافع عن مصالحها وأفرادها.
بالمقابل، يشير المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله، خلال حديث لـه، إلى أن "السوداني يدرك جيداً أن حرب غزة سوف تنعكس سلبا على كل دول المنطقة وتكون لها تداعيات كبيرة وخطيرة، وقد يكون العراق من الدول التي تتأثر بشكل كبير بهذه الحرب، ولهذا هو سيجري جولة إقليمية تشمل ايران وبعض دول الخليج".
ويضيف فضل الله أن "حكومة السوداني جاءت بمباركة ودعم من قبل محور المقاومة وكذلك قوى الإطار التنسيقي القريبة من محور المقاومة، ولهذا هو يتحرك لحل أزمة غزة من خلال إيران وتخليص المنطقة من آثار الحرب التي تتوسع، ويتوجه نحو الدول التي يعتقد السوداني لها تأثير على اطراف الأزمة بهدف الوصول إلى حلول لإيقاف مجازر إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني".
ويتابع المقرب من الإطار التنسيقي أن "استمرار حرب غزة، ربما يوسع دائرة الحرب في عموم المنطقة، ولهذا رئيس الوزراء تحرك نحو الدول الإقليمية لتهدئة الأوضاع ومنع أي تصاعد جديد في الأزمة لإيقاف اندلاع حرب كبيرة وخطيرة في المنطقة والعالم".
وبعد ارتفاع حدة الصراع بين إسرائيل وحركة حماس واتساع رقعة الحرب، تبرز الخشية من أن تغرق منطقة الشرق الأوسط في حرب أوسع، طويلة الأمد، وفي العراق تصاعدت سريعا عمليات استهداف القواعد الأمريكية، وتزامن ذلك مع حراكات تصعيدية كثيرة شهدها العراق والمنطقة.
يشار إلى أن الفصائل المسلحة في العراق، دخلت على خط أزمة غزة منذ البداية، وعادت لاستهداف القواعد الأمريكية في بغداد وأربيل، فضلا عن الموجودة في الأراضي السورية، ويجري الاستهداف بشكل يومي عبر الطائرات المسيرة.
وقد ردت واشنطن على هذا الاستهداف، عبر قصفها مقار وعجلات تابعة للحرس الثوري الإيراني في منطقة آلبو كمال المحاذية للحدود العراقية في الجانب السوري، والتي تشهد تمركزا للقوات الإيرانية منذ سنوات.