10 Jul
10Jul

يشهد سوق السيارات في العراق ازدهارا لافتا من مختلف المناشئ الآسيوية والأوروبية والأمريكية، ولا يقتصر الأمر على الأنواع الأكثر مبيعا بسبب أسعارها المناسبة،، بل هناك سيارات باهظة الثمن تسير في شوارع البلاد، وهناك أيضا ما تمت صناعتها بطلب خاص، بحيث باتت مشاهدة سيارة قديمة الطراز في الشارع حالة لافتة للانتباه.


لكن الوضع بدأ يختلف في نينوى التي غادرت مرحلة الحرب على الإرهاب منذ سبع سنوات، إلا أن واقع سكانها الاقتصادي ما زال كما هو حتى أصبحت المحافظة أشبه بعاصمة السيارات قديمة الطراز والتي تعود صناعتها إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.


ويقول مسؤول محلي في دائرة صحة نينوى، فضل عدم ذكر اسمه، خلال حديث لـه، إن “حوادث سيارات الموديل القديم أدت خلال العام الحالي لمصرع أكثر من 15 شخصا، وإصابة 22 آخرين، وأغلب الحوادث سببها افتقار هذه السيارات للمكابح أو لتهالكها، كما أن أغلب المحركات منتهية الصلاحيات، وكذلك لا توجد وسائل أمان”.


ويضيف “هناك أكثر من 100 حادث حصل بسبب سيارات الموديل القديم، وعلى مديرية المرور إيجاد حل لهذه المشكلة التي بدأت تحصد أرواح المواطنين”.


وباتت مشكلة السيارات قديمة الطراز تؤثر على حياة وسلامة المواطنين، حيث أن المحافظة تضم أكبر تجمع لهذه السيارات مثل “كراون، وكورونا، البرازيلي، والسوبر، والبيك آب” وأغلبها تعود لسبعينيات ومطلع ثمانينيات القرن الماضي، وهي تفتقر لوسائل الأمان الحديثة فضلا عن المشاكل الفنية الكبيرة.


من جانبه، يوضح الخبير الميكانيكي أنس محمود، خلال حديث لـه، أن “السيارات القديمة فيها الكثير من المشاكل، فالإدامة لها تكاد تكون معدومة، فضلا عن غياب المواد الاحتياطية الخاصة بها، كونها موديلات قديمة، وأغلبها عمرها أكثر من 40 عاما”.

ويشير إلى أن “هذه السيارات فيها مشاكل بالمتانة، فتم اللجوء من قبل أصحاب ورش الصيانة إلى تحوير قطع السيارات، مثل تحوير نظام المكابح، أو تحوير قطع غيار السيارة السفلية مثل رباطات السكان والدبل وغيرها”.


ويتابع “هذا التحوير غير آمن، لذلك زادت معدلات الحوادث المرورية خلال الفترة القريبة، وخاصة في فصل الصيف، كما أن أغلب الحوادث في نينوى سببها سيارات الموديل القديم، فالسيارات الحديثة مزودة بأنظمة متانة وأمان سهلة الاستخدام لدى السائق”.


ويرى محمود أن “سحب هذه السيارات من الشارع قضية سهلة جدا، والأمر يجب أن تتكفل به الحكومة العراقية، وتصدر قرارا بتسقيط هذه السيارات ويعمم الأمر على جميع المحافظات، ومديرية المرور هي الجهة المنفذة”.


يشار إلى أن العراق سبق وأن اعتمد آلية تسقيط السيارات قديمة الطراز في حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي 2006-2010، وتحديدا بعد إقرار سلم رواتب الموظفين حيث تحسنت القدرة الشرائية لدى المواطنين وتزايدت أعداد السيارات إلى درجة لم تعد الشوارع تستوعبها بسبب عدم تحديثها وكذلك لكثرة الطرق والمناطق المقطوعة بسبب الاحترازات الأمنية، لذا كان على المواطن الراغب بشراء سيارة جديدة تسقيط أخرى قديمة الطراز.


إلى ذلك، يشرح أحمد ذنون، صاحب سيارة قديمة الطراز، خلال حديث لـه، أنه “لدي سيارة نوع كورونا موديل 1982، وهي مصدر رزقي الوحيد حيث أعمل بها كسيارة أجرة، ورغم أن المواد الاحتياطية للسيارات القديمة غير متوفرة إلا أن الميكانيكيين يقومون بتحوير مواد سيارات أخرى”.


ويردف “إنهاء وجود السيارات القديمة هو بيد الحكومة العراقية، فعليها شراء هذه السيارات منا وتعويضنا بمبالغ جيدة نستطيع بها شراء سيارة حديثة نوعا ما لكي نعمل على تأمين احتياجات عوائلنا”.


يشار إلى أن مدينة الموصل ما زالت تحت تأثير معارك تحريرها من تنظيم داعش على الرغم من مرور سبع سنوات على ذلك، حيث أن أنقاض المنازل والمباني منتشرة في العديد من المناطق وبالأخص الموصل القديمة، وهناك المئات ممن لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم ومحالهم لإعادة بنائها بسبب صعوبة وصول الآليات إليها في الأزقة الضيقة جدا، ما انعكس على أوضاعهم الاقتصادية.



من جهته، يرى عضو مجلس محافظة نينوى جاسم محمد الكاكائي، خلال حديث له، أن “مشكلة سيارات الموديل القديم لا تقتصر على نينوى فقط، فهي مشكلة في معظم المحافظات العراقية”.


ويلفت إلى أن “مجلس محافظة نينوى لا يستطيع اتخاذ أي إجراء بشأن تسقيط الموديلات القديمة، كون الأمر يسبب ضررا على أصحاب تلك السيارات، ولكن ما نستطيع فعله، هو تشديد الإجراءات من قبل منتسبي المرور لحماية المواطنين من الحوادث المرورية”.


وينبه إلى أن “قرار تسقيط الموديلات القديمة من السيارات هو بيد مجلس الوزراء، ولكن يجب اتخاذ قرار بالتعويض حتى لا يتضرر أحد، وأيضا يتم تخفيف الحوادث المرورية”.
وكانت شركة “Focus2Move” المختصة بتقديم البيانات الخاصة حول السيارات، قد كشفت في 25 كانون الثاني يناير 2022، أن العراق الأكثر نموا من بين الدول العربية في مبيعات السيارات بنسبة 50 بالمئة خلال تسعة أشهر من العام 2021، حيث بلغ نمو السيارات في السعودية والإمارات خلال نفس الفترة 29 بالمئة والكويت 38 بالمئة ومصر 18 بالمئة والأردن 13 بالمئة وتونس 31 بالمئة وقطر 19 بالمئة وعمان 9 بالمئة.


بدوره يدعو الصحفي خالد الجبوري، خلال حديث لـه، أن “على الحكومة الاتحادية اتخاذ حل سريع يعالج مشكلة تكرار الحوادث المرورية في نينوى، فمشكلة سيارات الموديل القديم سهلة جدا، من خلال شراء هذه السيارات وتحويلها إلى حديدة خردة”.


ويشير إلى أن “العراق يمتلك معامل تجميع للسيارات، أو يتم الاستفادة منها في معامل الحديد، ويتم تخصيص لوحات مرورية وأرقام، حتى يتم إغراء المواطن لكي يقوم بتسليم سيارته القديمة”.


ويؤكد أن “الأمر مخيف جدا وخاصة في المناطق الريفية التي ما تزال تستخدم سيارات بيك آب موديل سبيعينات القرن المنصرم، والأمر إذا لم يتم إيجاد حلول سريعة له فسيتفاقم”.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة