08 Apr
08Apr

أوائل الشهر الماضي، انتشر تسجيل صوتي مسرب لمحادثة بين شخصين يُزعم أنهما المنتج الموسيقي الروسي البارز يوسف بريغوجين ورجل الأعمال والنائب الروسي السابق، فرهاد أحمدوف، وجها فيها انتقادات شديدة للرئيس بوتين والحرب في روسيا.
وعبر الرجلان اللذان نفيا صحة التسجيل، في محادثتها عن عدم رضاهما عن سياسات بوتين وحربه في أوكرانيا، بحسب ما نقله تقرير لمؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي" الذي أشار إلى أن المحادثة المسربة تعكس أن دعم النخبة لقرارات الكرملين "مجرد كلام"، وتكشف بدقة مواقفها من الحرب والقيادة الروسية.
وأبرز التقرير أن الاهتمام بالتسجيل الصوتي المسرب كان كبيرا بين الروس لدرجة أنه طغى على إعلان بوتين نشر بلاده أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا,
وأشار تقرير المعهد الدولي إلى "الغضب واليأس" المسجل بشكل خاص في صفوف عدد من السياسيين والاقتصاديين التكنوقراط، إلى جانب شخصيات عسكرية وأمنية، وحتى من يسمون بالوطنيين المتطرفين المدافعين عن الحرب، وذلك بسبب مآل هذه الأخيرة.
واعتبر المصدر ذاته أن المحادثة المسربة تشبه إلى حد بعيد ما يمكن سماعه باستمرار بشكل غير رسمي في دوائر النخبة الروسية، ومفاده أن "بوتين قد خذل روسيا".
وبغض النظر عن التباينات الأيديولوجية، يشير التقرير إلى أن النخب الروسية متحدة في قناعتها بأن على بوتين أن يفوز بالحرب التي بدأها، موضحا أن حتى أولئك الذين يعارضون الغزو لا يرغبون في أن يجدوا أنفسهم في الجانب الخاسر، غير أن الوضع الحالي على الأرض يوحي بـ"فشل وشيك، ولا يفهم أحد كيف يمكن لبوتين أن يؤمّن النصر".
ولم تحقق القوات الروسية أي نجاحات ملحوظة منذ الانسحابات التكتيكية التي قامت بها العام الماضي من عدد من المدن الأوكرانية، فيما تستعد اليوم دفاعاتها لمواجهة هجوم أوكراني مضاد.
وفيما يبقى من الصعب أن يطلق بوتين حملات جديدة لتعبئة قواته لأسباب سياسية، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية القاسية التي تمر منها بلاده، يبرز التقرير أن الرئيس الروسي "يحافظ على تفاؤله ويعيش في عالم الأحلام من النجاحات الحربية والتحول الثوري للاقتصاد الروسي".
في هذا السياق يبرز تقرير "كارنيغي" إلى أن قلة من النخب الروسية فقط من اقتنعت بتأكيدات بوتين بأن روسيا ليست في حرب مع أوكرانيا بل مع الغرب، وأن بإمكانها هزيمة الأخير واستنزافه.
وتراجعت ثقة معظم النخب الروسية في مدى قدرة بلادها على تحقيق النصر، بعدما تم إجبار الجيش الروسي على التراجع أولا من منطقة خاركيف في سبتمبر الماضي، ثم من خيرسون في نوفمبر.
على صعيد آخر، يلفت التقرير إلى أن تسريب التسجيل أزعج النخب الروسية كثيرا، مشيرة إلى أنه فيما كان البعض قلقا من التجسس على محادثاتهم، أعرب آخرون عن ارتياحهم لأن ما كان يقال في السر فقط، خرج أخيرا إلى العلن.
ويشير التقرير إلى أن من المرجح أن تعمد الأجهزة الأمنية الروسية إلى اتخاذ إجراءات لتشديد المراقبة وقمع الأصوات المعارضة، بعد تسريب المحادثة بحسب المعهد.
وفيما يبقى من الخطأ الحديث عن ائتلافات بين النخبة غير الراضية على الأوضاع في روسيا، حيث يعمل الأعضاء بشكل منفرد، يوضح التقرير أن لمجموعة من الشخصيات الروسية البارزة أسباب مختلفة لكراهية المسؤولين الأمنيين الروس، وعلى رأسهم وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورؤساء جهازي الأمن الفيدرالي وخدمة الاستخبارات الأجنبية.
وأوضح التقرير أن النخب الروسية غاضبة أساسا من أولئك الذين وافقوا بشكل انتهازي على خيار الحرب، وصبوا الوقود على النار بدلا من نصح بوتين بعدم غزو أوكرانيا.
وبشكل عام، سلطت هذه القضية الضوء على إحساسين متعارضين بين النخب الروسية؛ يتمثل الأول في القلق واليأس المتزايدين والشعور بأن بوتين يقود البلاد إلى الهلاك الوشيك.
ويتمثل الثاني في الخوف من ارتفاع القمع في البلاد بشكل أكبر من أي وقت مضى، وذلك مع تصاعد أصوات منتقدة لخطوة ومسار الحرب في أوكرانيا.
وفي مواجهة هذا التهديد، ستضطر عديد الشخصيات الروسية إلى ممارسة المزيد من الرقابة الذاتية على مواقفها، خشية أن يتم تصنيفهم ضمن لائحة الخونة، الفعليين أو المحتملين، لسنوات قادمة.
وأشار التقرير إلى أن من غير المرجح أن يتخذ الكرملين أي إجراء بشأن التسريب الصوتي، لأن من شأن ذلك أن يؤكد فقط مصداقية مضامينه ويقوض سلطة بوتين، أوضحت أن طرفي المحادثة يسعيان إلى إصلاح الأمور وإثبات ولائهم لبوتين وقراراته.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة