28 Mar
28Mar

بعد تصويت مجلس النواب على مشروع تعديل قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969، الذي شمل فرض عقوبات جديدة على من يُسيء إلى السلطات ومؤسسات الدولة الرسمية وشبه الرسمية، اشارت جهات معنية الى ان التعديل يهدف الى تقييد حرية التعبير، فيما رد اعضاء في مجلس النواب الى ان الهدف هو حماية مؤسسات الدولة واعادة هيبة القانون.
وفقًا للنسخة المنشورة من القانون، فإن التعديل الجديد للمادة 226 / أولاً، ينص على “يُعاقب بالحبس أو الغرامة من يُهين بإحدى الطرق العلنية السلطات العامة التشريعية أو القضائية أو التنفيذية أو السلطات الإقليمية أو المحلية أو دوائر الدولة الرسمية أو شبه الرسمية”، وتنص الفقرة ثانيًا على “لا يُعتبر إهانة وفقًا لما ورد في البند (أولاً) أعلاه كل قول أو فعل يُمارس في إطار حرية التعبير عن الرأي ضمن حدودها الدستورية والقانونية أو حق نقد السلطات العامة بقصد تقويم الأداء أو إبداء المظلومية”.
كما عزز التعديل حصانة عضوية مجلس النواب من خلال تعديل المادة 11 / ثانيًا، وينص التعديل على أن ‘يتمتع النائب بالحصانة عما يُدلي به من آراء أثناء دورة الانعقاد، ولا يُحاكم أمام المحاكم بشأن ذلك ولا يُقبض عليه خلال مدة الفصل التشريعي، إلا إذا كان متهمًا بجناية، وبموافقة المجلس بالأغلبية المطلقة على رفع الحصانة عنه، أو إذا ضُبط متلبسًا بجرم مشهود في جناية”.ويُضاف ضمن التعديل “في غير الحالات المذكورة أعلاه ولجميع الجرائم، لا يُجوز توقيف عضو مجلس النواب أو اتخاذ الإجراءات الجزائية ضده، إلا بعد الحصول على موافقة رئيس مجلس النواب ونائبيه”.
واجه التعديل انتقادات من جهات عدة، حيث وصف الناشط البصري علي المعلم التعديل بأنه محاولة لتكميم الأفواه ومخرجًا لفشل مجلس النواب في إقرار قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي.لكن أعضاء في مجلس النواب لهم رأي آخر، وأشار النائب فهد مشعان الجبوري الى أن مجلس النواب عدّل بعض فقرات قانون العقوبات بهدف خدمة المواطن، نافيًا أن تكون هذه العقوبات تنتقص من حرية الفرد في التعبير عن آرائه.

وأضاف الجبوري في تصريح أن “القوانين المقررة في مجلس النواب تهدف أساسًا لخدمة المواطن وحمايته، وتعود بالنفع على الشعب ككل”، مشيرًا إلى أن “البعض يرى في هذه العقوبات تقييدًا للحريات ومصادرة للآراء”.

وأكد أن “هذه العقوبات لا تقيد الحريات، بل هي خطوة لضمان وصول صوت المواطن إلى الجهات المعنية، نظرًا لأهمية الإعلام في المجتمع”، معتبرًا أن “العقوبات المحددة بالقانون تشمل الجزائية والغرامية”.

من جانبه، شدد دارا حمه أحمد، عضو اللجنة القانونية النيابية، على ضرورة تحديث القوانين بما يتماشى مع تطورات العصر.

وقال أحمد في تصريح إن “تعديل بعض المواد والبنود في القوانين السابقة ضروري لمواكبة العصر الحالي”، مبينًا أن “التعديلات التي صوت عليها مجلس النواب لا تهدف إلى تقييد آراء المواطنين، بل إلى الحفاظ على النظام وهيبة مؤسسات الدولة والمواطنين عمومًا”.

وفي وقت سابق، استغرب الخبير القانوني زهير ضياء الدين، من اجراء التعديل قائلا: ان “مجلس النواب صوت على تعديل يتعارض مع الدستور ويكبّل المواطنين ويحرمهم من التعبير عن الرأي من خلال مواد تجريمية خطرة، فيما استثنى اعضاء مجلس النواب ووفر لهم امتيازات تجعلهم بمرتبة أعلى من الشعب الذي يمثل مصدر السلطات”.

وقال ضياء الدين إن مجلس النواب “يحاول منذ فترة أن يقوّض المواد الدستورية المعنية بحرية التعبير عن الرأي وخصوصا ما ورد في المادة 138، وذلك من خلال تشريع قوانين تناقض روح الدستور وتستثني النواب على حساب الشعب الذي خولهم اداء المهام الرقابية والتشريعية”.

وعد الخبير هذا التشريع “مساسا مباشرا بالحريات وتسلطا على رقاب المواطنين وانتهاكا لحقوقهم وهو ضمن سياق معروف بدأ مع محاولات جدية لتشريع قانون جرائم المعلوماتية وقانون حرية التعبير المثيرين للجدل؛ حيث تنسجم هذه الخطوات مع بعضها البعض من أجل الحد من حرية التعبير”، داعيا إلى “التصدي لهذا المسار الذي يؤدي إلى نتائج وخيمة”.

ولفت ضياء الدين الى أن النص الذي يتحدث عن اهانة السلطات يمثل “تعديلا خطيرا يهدد حرية أي مواطن بالتعبير أو الانتقاد، حيث يمكن استخدامه باوجه عدة بشكل قانوني”، مبينا أن مجلس النواب يبتعد عن القضايا الحقيقية التي يجب تعديلها مثل “ما يتضمنه القانون من مواد سابقة ما زالت موجودة، تخص جرائم النشر ومحاولات توظيفها كنصوص نافذة للحد من النشر والحريات الأخرى المكفولة دستوريا”.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة