27 Jun
27Jun

في خطوة تحمل خفايا كثيرة، أقدم رئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، على إصدار توجيها بترقية مدير مديرية الأمن والانضباط في هيئة الحشد الشعبي “أبو زينب اللامي”، لمنصب معاون رئيس أركان الهيئة، إلا أن مصادرا كشفت أن المنصب الجديد هو “تشريفي” وأشبه بالتجميد دون أي صلاحيات أو اعمال حقيقية، وهو ما أكده مراقبون للشأن السياسي حيث عزوا القرار إلى محاولة السوداني تقليص نفوذ بعض الفصائل المسلحة داخل هيئة الحشد، وبدعم من واشنطن.
وتقول مصادر مطلعة، خلال حديث لـه، إن “قرار إعفاء أبو زينب اللامي من مسؤولية مديرية الأمن والانضباط في هيئة الحشد الشعبي اتخذه القائد العام للقوات المسلحة منذ أيام، وتعيينه بمنصب معاون رئيس أركان الهيئة، هو منصب تشريفي، ليس إلا”.
وتضيف المصادر، أن “رئيس أركان الهيئة لديه ما يقارب خمسة معاونين وهم بلا أي صلاحيات حقيقية، فالأمر محصور برئيس الأركان أبو فدك، ومن ضمن المعاونين أبو علي البصري، ياسر العيساوي، أبو ضياء الصغير وغيرهم، وهذا المنصب يعتبر مشابه لمنصب الأمرة بتجميد الضباط الكبار عن أي اعمال حقيقية”.
وتبين أن “هناك حراك وضغوطات من قبل أطراف مختلفة من أجل إرجاع أبو زينب اللامي لمنصبه السابق خلال الفترة المقبلة، وإبعاد علي الزيدي معاونه السابق من رئاسة هذه المديرية، كونه ينتمي لحركة عصائب أهل الحق، وهذا المنصب عليه صراع من فصائل أخرى”.
وكان رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، أصدر يوم أمس، قرارا بناء على توجيه السوداني، يقضي بإقالة حسن فالح، المعروف بأبو زينب اللامي، من منصبه كمسؤول مديرية الأمن والانضباط في هيئة الحشد الشعبي، وتعيين نائبه علي الزيدي بدلا عنه.
ويتولى اللامي مسؤولية الأمن بالحشد الشعبي، وكان عضوا في حركة كتائب حزب الله، وفُرضت عليه عقوبات أمريكية في العام 2019 لدوره المزعوم في إصدار أمر باستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، فيما ينفي اللامي أي دور له في “قتل المتظاهرين السلميين”.
يشار إلى أن الفصائل المسلحة ومنذ منتصف تشرين الأول أكتوبر 2023، بدأت باستهداف القواعد الأمريكية في العراق، وذلك بالتزامن مع حرب غزة، حيث أعلنت الفصائل أن استهدافها للقوات الأمريكية، ردا على الدعم الأمريكي لإسرائيل.
وشهد التصعيد السابق بين الفصائل المسلحة وأمريكا، ردودا عسكريا من قبل واشنطن، وكان آخرها قصف مدينة القائم المحاذية للحدود السورية، وقد أكدت القيادة المركزية التابعة للجيش الأمريكي في حينها، أن قواتها شنت غارات جوية في العراق وسوريا استهدفت بها مواقع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني وجماعات الميليشيات التابعة له، وقالت القيادة، إن القوات العسكرية الأمريكية ضربت أكثر من 85 هدفا مع العديد من الطائرات التي تضم قاذفات بعيدة المدى انطلقت من الولايات المتحدة.
إلى ذلك، يبين الباحث في الشأن السياسي المقيم في واشنطن نزار حيدر، خلال حديث لـه أنه “حسب ما نص عليه قانون هيئة الحشد الشعبي الذي أقره مجلس النواب عام 2016، فإن التعيينات والتغييرات والإقالات في المواقع القيادية للهيئة هي من مسؤولية القائد العام للقوات المسلحة حصرا، فهو الذي يتخذ القرار بناءً على المصلحة العليا للبلاد ومع الاخذ بنظر الاعتبار كفاءات الانجاز والنجاحات أو الفشل”.
ويرى حيدر، أن “قرارات الإقالة اليوم التي صدرت عن رئيس الهيئة، وحسب المعلومات، تصب في إطار سعي السوداني لضبط قرار الهيئة وابعاد تأثير بعض الفصائل المسلحة على قرارها، وهو الأمر الذي يحتاج منه قرارات اخرى بهذا الصدد ليقلم أظافر الفصائل المتنفذة بالهيئة والتي تسعى لأخذها بعيداً عن المؤسسة الأمنية والعسكرية الدستورية في البلاد، وتالياً سعيها لزج الهيئة في شؤون سياسية وأمنية لا علاقة لها بها، فضلاً عن سعيها لإبعادها عن قرارات القائد العام”.
ويؤكد أنه “لا شك أن مساعي السوداني في ضبط قرارات الهيئة لتكون منسجمة مع قرار الدولة، هذه المساعي مدعومة من قبل الولايات المتحدة التي تراقب هذا الملف عن كثب منذ أن شكل السوداني حكومته قبل 20 شهراً، كما أن مدى مصداقية حكومة السوداني في ملف حصر السلاح ببد الدولة مرهون بمدى قدرته على إعادة تنظيم الهيئة ومواقعها القيادية، بما يجعلها تأتمر بأوامره ولا تتمرد على قراراته وكذلك مدى فك ارتباطها بكل الأطر السياسية والحزبية كما ينص على ذلك قانون الهيئة المشار اليه سلفا”.
ويلفت إلى أنه “للأسف الشديد فإن القائد العام لم ينجح لحد الان في تحقيق انجاز ونجاح ملموس بهذا الملف المعقد والشائك، إذ مازال أمراء الحرب يهددون ويتوعدون ويعلنون الحرب أمام مرأى ومسمع السوداني، الذي يقف عاجزاً أمام كل ذلك، لدرجة أن الأمر وصل إلى أن يهددهُ احدهم بشكل غير مباشر بضربه على أنفه بعد أن كان قد هدد القائد العام السابق من قبل بقطع أذنه”.
وتشهد هيئة الحشد الشعبي، صراعات سياسية للاستحواذ على مناصبها، وخاصة منصب رئيسها، حيث تسعى حركة عصائب أهل الحق للسيطرة على المنصب، وإقالة رئيسها فالح الفياض.
يذكر أن زيارة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، إلى واشنطن واجتماعه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم يتضمن بحث ملف الفصائل المسلحة أو الاستهدافات التي تعرضت لها القواعد الأمريكية في العراق.
من جهته، يبين المحلل السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـه أن “إعفاء اللامي من منصبه، جاء نتيجة للخلافات بين الفصائل المسلحة والحشد الشعبي، ومن غير المستبعد أن تستمر الإعفاءات والإقالات، وأن استمرت الإقالات من قبل رئيس الوزراء بمعنى أن رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة يريد قطع الطريق على أذرع بعض الفصائل لكسب ود بعض الأطراف الأخرى”.
ويتابع الحكيم، أن “مثل هكذا قرارات، مثل إقالة أو تعيين المسؤولين في المراكز العليا في الحشد الشعبي، في ظل قانون هيئة الحشد الشعبي، مرهون بتوافق وقرار من قبل القائد العام للقوات المسلحة، ولا يتمكن رئيس هيئة الحشد فالح الفياض من اتخاذ هكذا قرارات من دون توافق مع الأطراف الأخرى وبالتحديد مثل هكذا منصب حساس وهو أمن الحشد الشعبي، لذلك من غير المستبعد أن تفتح الحرب المباشرة اعلاميا وسياسيا بين الفصائل من جهة والسوداني من جهة أخرى”.
ويلفت إلى أن “إقالة شخص بحجم اللامي وتعيينه في مكان آخر، يدل أن هناك حملة إقالات من قبل القائد العام للقوات المسلحة لكي يناور بها في المرحلة المقبلة خلال الانتخابات البرلمانية، وكذلك للضغط على بعض الأطراف في الفصائل لكي تكون تحت أجنحة الحشد الشعبي والحكومة العراقية، خاصة بعد قيام بعض الفصائل بقصف مقرات الأمريكية بعد الحرب الفلسطينية وتهديد الآخرين باستهداف المصالح الأمريكية إذا تم استهداف لبنان، مما وضعت القائد العام في زاوية حرجة بسبب وجود اتفاقية إطار استراتيجية بين بغداد واشنطن، لذلك اتخاذ مثل هكذا قرار قد يكون له دلالات وتداعيات بنفس الوقت على الوضع العام”.
ويختم المحلل السياسي قوله، إن “إقالة شخص بحجم اللامي من المستحيل أن يكون من دون تنسيق مسبق مع بعض الأطراف في العملية السياسية من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني”.
جدير بالذكر، أنه نتيجة للتصعيد بين الفصائل المسلحة والقوات الأمريكية، جرى الإعلان قبل أشهر عن بدء المفاوضات بين اللجان العراقية والأمريكية، لبحث انسجاب القوات الأمريكية، وما تزال هذه اللجان تعمل دون إعلان النتائج النهائية حتى الآن.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة