أكد أعضاء في مجلس النواب العراقي، وحقوقيون عراقيون، ضرورة إجراء ثورة تعديلات على القوانين المعمول بها في البلاد منذ عقود، لا سيما وأنها موزعة ما بين القانون العراقي الخاص بالمحاكمات، وأخرى بالدستور، وبعضها في الأنظمة الداخلية لعمل الحكومة والبرلمان، مع وجود قوانين شُرعت في وقتٍ سابق، لكنها لم تطبق لأسباب متعددة، منها السياسي والأمني.
ووفقا لعضو لجنة الخدمات والإعمار في البرلمان العراقي محما خليل، فإن "هناك حاجة لإلغاء أو تعديل أغلب القوانين التي تم تشريعها في عهد النظام السابق (صدام حسين)"، مبيناً في تصريح صحافي، أنه "بعد إقرار الموازنة يعد من المعيب ألا يمتلك العراق قانوناً للنفط والغاز المتفق على تشريعه في البرنامج الحكومي، لا سيما وأن القانون نص عليه الدستور، وأن التلكؤ في تشريعه لا يضمن حقوق الشعب مع شركات النفط الرصينة، ولا يضمن اتجاه القطاع النفطي وحقوق الإقليم والمحافظات المنتجة للنفط والغاز".
وأضاف خليل أن "غياب القانون يسمح بالتطاول على حقوق الحكومة وإهدار ثروة البلاد من قبل أفراد، ومن يأتي بشركات، من دون غطاء قانوني وشرعي"، مبيناً أن "العمل بقوانين عفا عليها الزمن لا يليق بهذه الثروة وبهذا القطاع الحيوي".
وينتظر قانون النفط والغاز العراقي التشريع في البرلمان منذ عام 2005، وينص على أن مسؤولية إدارة الحقول النفطية في البلاد يجب أن تكون منوطة بشركة وطنية للنفط، تشرف عليها بغداد، إلا أن الخلاف على موضوع إدارة حقول إقليم كردستان العراق النفطية حال دون التصويت عليه منذ سنوات طويلة، حيث إن القانون جرى ترحيله مرات عديدة خلال الدورات البرلمانية السابقة، ولم يدرج ضمن القوانين والتشريعات البرلمانية.
وسبق أن طالب نواب عراقيون بإقرار قوانين عدة، بعضها مرتبط بشكلٍ كبير بحياة العراقيين وبعض الشرائح المتضررة من غياب قانون يحكم في قضايا متفرقة، منها العنف الأسري وحماية الطفل، وحقوق الصحافيين وغيرها، وأخرى لها علاقة بعمل الدولة، مثل بنود في قوانين عمل رئاسة الجمهورية، وصلاحيات رئيس الوزراء، وقوانين تنظم العلاقة بين المركز والأقاليم والمحافظات، فضلاً عن تداخل الصلاحيات في عمل الأجهزة الأمنية والقرارات العسكرية، والعلاقة بين القوات الاتحادية وحرس الإقليم، وقوانين أخرى تنظم تقاسم الثروات الطبيعية بين السكان، وقوانين لإدارة الدولة، وخصوصاً قانون النفط والغاز.
ولعل أكثر المواد الخلافية التي شهدت خلافات سياسية بين حكومتي بغداد وأربيل هي المادة 140 لحل مشكلة المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل، رغم أن المادة 140 وضعت في الدستور العراقي على أساس المادة 58 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، وصُوّت على الدستور في استفتاء عام 2005.
من جانبه، أشار عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز إلى أن "هناك حاجة فعلية لتعديل عدد من القوانين، واستبدال بعضها، والأهم هو تفعيل تطبيق القوانين المعطلة أو غير المعمول بها رغم أنها أقرت في البرلمان، مثل قانون رقم 16 الخاص بذوي الإعاقة الذي ينص على تعيينهم في دوائر الدولة بواقع 5 في المائة من حجم التعيينات، لكن هذا القانون لم يطبق رغم تشريعه عام 2013"، مستكملاً حديثه، أن "العراق بحاجة إلى ثورة تشريعات لقوانين تخدم العراقيين".
ولفت عنوز إلى أن "مجلس النواب طوال الدورات الانتخابية السابقة لم يكن بالمستوى المطلوب من ناحية تشريع القوانين، بسبب الخلافات السياسية"، موضحاً أن "لجانا شُكلت في أكثر من مناسبة، من أجل إجراء تعديلات قانونية، غالبيتها معنية بشكلٍ وثيق بالشأن العراقي، وحصلت مناقشات أولية، لكن العمل بشأنها لم يُستكمل بسبب مواد خلافية".
بدوره، أكد الباحث في الشأن السياسي علي البيدر، أن "غالبية القوانين المعمول بها في العراق تعود إلى قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل (نظام صدام حسين)، وبعض قرارات هذا المجلس باتت لا تنسجم مع طبيعة المرحلة الحالية، ناهيك بإهمال لقوانين حقوق الإنسان، ورغم هذا التشخيص المثبت لدى غالبية الأحزاب العراقية، والسلطات والمسؤولين، إلا أن الفوضى السياسية التي حصلت في البلاد طيلة العقدين الماضيين حالت دون إجراء التعديلات على القوانين".
وتابع البيدر أن "البرلمان العراقي تحكمه الأحزاب التقليدية التي عملت على إهمال غالبية القضايا المهمة للعراقيين، مثل إقرار بعض القوانين الجديدة، وتعديل بعضها الآخر بما ينسجم مع الوضع العراقي الحالي، ما أدى إلى تفاقم المشاكل القانونية".