تعيش ديالى على فوهة بركان، يقترب من أن يشمل بانفجاره كافة مدن البلاد، وفيما عزا متخصصون بالأمن والسياسة ما يجري، إلى أجندات "إرهابية" و"طائفية" و"مافيوية" مختصة بالتهريب، إلى جانب انتشار السلاح المنفلت، كشف مصدر مطلع عن خفايا لقاء رئيس الحكومة بزعيم تحالف الفتح حول الأحداث التي تشهدها المحافظة، وسط توقعات بتكرار تلك الأحداث، في ظل عدم الكشف عن نتائج التحقيق.
ويقول الخبير في الشأن الأمني والسياسي سرمد البياتي، خلال حديث لـه إن "الوضع في محافظة ديالى لا يخفى على الجميع في أنه يدار من قبل أجندات سياسية وأجندات طائفية وإرهابية، وكل هذه الأجندات مجتمعة سبب ما يحصل في المحافظة من تداعيات خطيرة على المستوى الأمني والسلم المجتمعي".
ويضيف البياتي أن "ما يحصل في ديالى حاليا، هي تبعات ومخلفات ما جرى من أحداث منذ سنة 2014، من عمليات تهجير وخلافات على الأراضي الزراعية وهذا ربما جزء من المشكلة، كما أن ديالى بسبب موقعها الحدودي مع إقليم كردستان، وحدودها مع إيران تتفاقم فيها عمليات التهريب، فهناك مصالح كبيرة تقف خلفها مافيات".
ويتابع: "ليس هناك أي حل لما يحصل في محافظة ديالى، إلا من خلال تدخل القائد العام للقوات المسلحة عبر لجنة مختصة من خارج ديالى وتكون لها صلاحيات كاملة وقوة أمنية كبيرة تتحكم بها، ودون ذلك سيبقى الوضع كما هو والأجندات ستبقى مستمرة".
وشهدت محافظة ديالى، المحاذية لإيران، هجوما مزدوجا أمس الأول، أدى لمقتل وإصابة 8 مدنيين، حيث بدأ بتفجير عبوة ناسفة في قرية الهزينية شمال شرق مركز المحافظة، وتلاه هجوم بإطلاقات نارية استهدف المتواجدين في موقع الحادث.
وكان المستهدف هو نجل الشيخ مصطاف التميمي، وأدى الهجوم لمقتل أفراد من عائلته.
ويأتي هذا الهجوم، مكملا لأحداث شهدتها المحافظة مؤخرا، بدأت بالهجوم على قرية "الجيايلة" في أطراف قضاء الخالص، في الـ20 من الشهر الماضي، وأدى الهجوم إلى مقتل وإصابة 11 شخصاً كانوا في مزرعتهم عند حدود قرية "البو بالي"، فيما أكدت القوات الأمنية في حينها، أن الحادثة تعود لنزاعات عشائرية قديمة.
وفي حينها، نشرت تعزيزات من الشرطة والجيش بين قريتي (البو بالي والجيايلة) لمنع وقوع أي ردود أفعال انتقامية أو مجازر أخرى على خلفية الحادثة.
إلى ذلك، يكشف مصدر مطلع خلال حديث لـ"العالم الحديد"، أن "لقاء العامري بالسوداني، جاء لوقف تغييرات القيادات الأمنية في محافظة ديالى، بسبب ارتباط بعض القادة بمنظمة بدر".
ويؤكد أن "التغييرات ستطال قادة لا علاقة لهم بما يجري في ديالى، وخاصة ملف التهريب الذي يعد أساس الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها المحافظة".
يشار إلى أن الشيخ مصطاف التميمي، سبق وأن اتهم بمقطع فيديو قائد عمليات ديالى اللواء الركن علي عمران، بدفع 50 ألف دولار للتميمي مقابل صمته على عمليات التهريب.
بالمقابل، يكشف قائممقام قضاء بعقوبة مركز محافظة ديالى عبدالله الحيالي، خلال حديث لـه أن "جهات متورطة تقف خلف تراجع الملف الأمني في بعض قرى ديالى ويجب التصدي لها، لأنها تريد إثارة الفتنة بين عشائر ديالى، وهذا مؤشر خطير".
ويبين الحيالي أن "الجهات التحقيقية حتى الساعة لم تكشف عن نتائجها في العمليات الإجرامية والإرهابية السابقة، وهذا الأمر يدفع لاستمرار تلك الجرائم، فلا بد من إجراءات حازمة وتحقيقات تعلن للرأي العام لكشف وفضح من يقف خلف تلك العمليات التي تريد زعزعة الأمن والاستقرار بعموم العراق وليس ديالى".
ويضيف أن "الوضع في مدن وقرى ديالى مازال متوترا وغير مستقر وهناك مخاوف من تكرار هكذا أعمال بسبب عدم وجود حلول أمنية حقيقية لضبط الأمن والسيطرة على الموقف الأمني، ومازالت الوعود الحكومية، هي وعود فقط، دون أي إجراءات حقيقية".
يذكر أن أعلن النائب عن المحافظة رعد الدهلكي، أعلن خلال الهجوم السابق، أنه تم الاتفاق مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني خلال لقاء معه، على ثلاث نقاط مهمة لمعالجة هذا الملف، أهمها متابعة تفاصيل التحقيق والنتائج ستكون من قبل رئيس الوزراء شخصيا.
وبعد أيام من الهجوم على القرية، جرى اغتيال طبيب في المحافظة، ما دفع الأطباء إلى إعلان الإضراب عن العمل وغلق عيادتهم، لحين الكشف عن قتلته.
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، استقبل يوم أمس، وفداً من أهالي محافظة ديالى، ضمّ عدداً من الوجوه الاجتماعية وشيوخ العشائر فيها، وناقش معهم الأوضاع الأمنية وأهم التحدّيات التي تواجهها المحافظة وجهود الاستقرار وعملية تقديم الخدمات وتلبية احتياجات المواطنين.
وأكد السوداني حتمية إنفاذ القانون، وألّا خطوط حمراء أمام تأدية الدولة مسؤولياتها وواجباتها.
وكان السوداني، التقى يوم أمس، رئيس تحالف الفتح هادي العامري، وأكدا خلال اللقاء على ضرورة وضع حدٍ للخروق الأمنية التي تحصل في بعض المحافظات.
من جهته، يقول مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـه إن "ما يحدث في ديالى هو نتيجة لوجود السلاح المنفلت لدى العشائر وكذلك الجماعات المسلحة من المليشيات، فلا استقرار في المحافظة دون السيطرة على ذلك السلاح الذي ينفذ أجندات مختلفة لأهداف مختلفة".
ويبين فيصل، أن "هناك تراخي في التعاون بالملف الأمني بمحافظة ديالى بسبب التدخلات والضغوطات وقوة السلاح المنفلت، الذي يريد تنفيذ الأجندة التي تهدد السلم الأهلي والمجتمعي، وما يجري في ديالى مؤشر خطير يهدد السلم الأهلي بعموم العراق وليس ديالى فقط".
ويتابع مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية، أن "التحرك للسيطرة على الوضع الأمني في ديالى يتطلب تدخلا عاجلا من قبل القيادات العسكرية العليا من أجل إفشال ومنع أي أجندة تريد خلق أي فتنة تهدد السلم المجتمعي العراقي، فالسكوت على ما يحدث في ديالى مؤشر خطير وربما تمتد تلك الأجندة لمدن عراقية أخرى، بسبب السكوت والتراخي في الملف الأمني الحساس".
وترتبط محافظة ديالى بشريط حدودي مع إيران ومنفذ حدودي، وتدور شبهات حول وجود عمليات تهريب عبر الشريط والمنفذ، وتتم بمساعدة بعض القادة الأمنيين والجهات المتنفذة في المحافظة.
وتضم المحافظة الشرقية، جميع المكونات، السنة والشيعة والكرد، فضلا عن وجود خلايا إرهابية فيها لغاية الآن، تعمل على زعزعة الأمن فيها.